تقرير صادم حول المساواة 2025: المغرب في الرتبة 137 من أصل 148 دولة المرأة المغربية عليها انتظار 135 سنة للمساواة الاقتصادية و162 للسياسية

مرة أخرى، وبالأرقام لا بلغة الخشب، يتبين أن حديث الحكومة عن “التمكين الاقتصادي والسياسي للنساء” و”المساواة” لا يعدو أن يكون تغطية إعلامية على فشل هيكلي في تدبير أحد أهم الملفات المرتبطة بالعدالة الاجتماعية. فقد كشف تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لسنة 2025، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، عن مرتبة صادمة للمغرب في مؤشر المساواة، حيث احتل الرتبة 137 من أصل 148 دولة، متقدما بالكاد على دول غارقة في أزمات إنسانية أو انهيارات سياسية، مثل السودان وباكستان وتشاد.
هذا الترتيب المخزي لا يضع المغرب فقط في ذيل التصنيف العالمي، بل يفضح زيف الخطاب الرسمي الذي ما فتئ يُردد أسطوانة التقدم في مجال حقوق النساء. فبحسب التقرير، بلغت نسبة المساواة المحققة في المغرب 62.8% فقط، وهو رقم دون المتوسط العالمي البالغ 68.8%، ويعكس تأخرا مهولا في سد الفجوات، خصوصا في المجالين الاقتصادي والسياسي.
على المستوى الاقتصادي، بلغت نسبة إغلاق الفجوة 61% فقط، ما يعني أن النساء المغربيات لا يزلن يعانين من ضعف فُرص الولوج إلى سوق الشغل، وتهميش في تقلد مناصب المسؤولية والتسيير. أما في المجال السياسي، فالفجوة أكثر اتساعا، إذ لم تُغلق سوى بنسبة 22.9%، في وقت سجّلت فيه دول من إفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية نسبا تتجاوز ضعف ما حققه المغرب.
ورغم هذا الواقع القاتم، لا تزال حكومة عزيز أخنوش تمارس هوايتها المفضلة: تزويق الحقائق وتضخيم المنجزات الوهمية. ففي مارس الماضي، قدمت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة عرضا أمام مجلس الحكومة، تحدثت فيه عن «تقدم كبير في النهوض بأوضاع النساء»، مستعرضة «الخطة الحكومية للمساواة 2023-2026» وورش تعديل مدونة الأسرة. لكنها لم تجد حرجا في التغاضي عن المؤشرات الدولية التي تفند هذا التفاؤل المجاني، وتكشف تدهورا مقلقا في كل ما يتعلق بالتمكين السياسي والاقتصادي للمرأة المغربية.
ما تُسميه الحكومة «مجهودات» هو في الواقع تسويف ممنهج، وإدمان على المقاربات التجزيئية التي لا تملك لا عمقًا تشريعيا، ولا فعالية تنفيذية. والمفارقة أن التعليم والصحة – وهما المجالان اللذان بلَغت فيهما نسبة المساواة أكثر من 95% – لا يقعان تحت تأثير البرامج الحكومية المباشرة في ما يخص النوع الاجتماعي، بل يعكسان نتائج تراكمات طويلة الأمد ساهمت فيها الأسرة والمجتمع المدني والمنظمات الأممية أكثر من السياسات الرسمية.
أما المجالات التي تُختبر فيها جدية الدولة وإرادتها، مثل التشغيل والتعيينات في المناصب العليا وتدبير الثروات العمومية، فهي لا تزال حكرًا على نخبة ذكورية مغلقة، تنظر إلى ملف المساواة بوصفه ديكورا خارجيا موجها للاستهلاك الدولي، لا خيارا تنمويا داخليا.
المؤشر لا يقبل التأويل ولا البلاغات: المغرب لا يتقدم. والمؤلم أن التأخر ليس في مسألة رمزية، بل في إهدار طاقات نصف المجتمع، وفي تفويت فرص تنموية هائلة، وفي الإصرار على تأبيد بنية تمييزية تقصي النساء من الحضور الفعلي في دوائر القرار والإنتاج. فإذا كانت فجوة المشاركة الاقتصادية ستستغرق وفق المعدلات الحالية 135 سنة إضافية لسدها، وفجوة التمكين السياسي 162 سنة، كما جاء في التقرير، فإن حكومة أخنوش مطالبة – أقلّه – بالكف عن بيع الوهم، والاعتراف بأن سياساتها في هذا الملف ليست سوى تدابير من ورق شكلية بلا مضمون، وأن استمرارها في هذه المقاربة يعني ترسيخ الفشل لعقود قادمة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 16/06/2025