بالصدى . .«الحاضي الله»

وحيد مبارك

بحلول يوم السبت الأخير، حلّ فصل الصيف رسميا، وإن كانت الأسابيع الفارطة التي تندرج ضمن الزمن الربيعي قد شهدت موجات حرارة عالية، دفعت الكثير من المواطنين، من الجنسين ومن مختلف الأعمار إلى التوجه إلى الشواطئ، بحثا عن لحظات من الاستجمام والسباحة وسط المياه من أجل التقليص من وقع درجاتها عليهم.
إقبال على الشواطئ سيعرف خلال الأيام المقبلة ارتفاعا كبيرا بدون شك، فالامتحانات الإشهادية إما أنها انتهت بشكل كلّي، حسب المستويات، أو أن بعضها يعيش الأشواط الأخيرة من السنة الدراسية، كما أن عددا مهما من الموظفين والمستخدمين في القطاع الخاص يختارون شهر يوليوز موعدا لعطلتهم السنوية، أضف إلى ذلك انطلاق عملية مرحبا التي يفتح فيها الوطن حضنه لبناته وأبنائه من مغاربة المهجر، وبالتالي فإن عددا من الشواطئ المغربية ستتسع دائرة الإقبال عليها وستشهد توافدا مهما عليها.
توافد يطرح العديد من التحديات التي على المسؤولين، كل في دائرة اختصاصه، القيام بما يلزم لضمان شروط استجمام سلس، سليم، هادئ، آمن، ويحقق الغاية المرجوة، إن على مستوى النظافة أو التجهيز، تعلق الأمر بالطرقات والمسالك أو بنية الاستقبال، وغيرها من الخطوات التي تحول دون أن يعكِّر صفو اللحظة أي طارئ، كما هو الحال بالنسبة لما تعرفه المواقف «الباركينات»، ووضع اليد على رمال الشاطئ، وترييفها، بل وحتى تحويلها من طرف البعض إلى فضاءات لتدخين المخدرات والقيام كذلك بعدد من الممارسات الشائنة، التي تجعل عددا من الأسر تضطر إلى تغيير وجهتها نحو فضاء آخر أو العودة إلى المنزل تفاديا لما لا تحمد عقباه؟
ومن بين المشاكل الكبيرة التي تؤرق بال المصطافين الجانب المتعلق بالإنقاذ، فإذا كانت الشواطئ المحروسة تعرف حضورا للسباحين المنقذين؛ الذين لا يكلّون من «التصفار» والتوجيه تفاديا لأي حالة غرق نتيجة لتصرف «طائش»، الأمر الذي يجرّ عليهم في كثير من الحالات غضب «مستجمّين» إما أنهم متهوّرون أو أن لديهم ثقة زائدة في قدراتهم؛ فإن هؤلاء الشباب الذين يعتمدون على قدراهم الذاتية في كثير من الشواطئ يفتقرون للتجهيزات الضرورية من أجل تسريع عملية التدخل في حالة وقوع حادث ما، فيكون بذلك التدخل «كلاسيكيا» يعتمد على مهارة وسرعة المنقذ في السباحة، تعينه في ذلك «بالمات» أو ألواح، في حين تغيب القوارب السريعة وما يعرف بـ «العوّامات»، خاصة حين تسحب التيارات ضحايا «البحر» إلى مسافات كبيرة في ظرف زمني وجيز.
حوادث للغرق، تؤكد الأرقام الخاصة بها خطورة الوضع الذي يتطلب حزما وصرامة وتحملا كاملا للمسؤولية، انطلاقا من توفير العدد الكافي من السباحين الذي يتناسب ومساحة الشاطئ المحروس، وتسخير الوسائل اللوجستيكية الناجعة التي تساعد على تحقيق عملية الإنقاذ، إضافة إلى آليات التنسيق والتواصل من أجل نقل صحي فعّال في حال تطلبت الوضعية الصحية للغريق ذلك. أولويات تجد أهميتها في الحصيلة التي تسجّلها مجموعة من الشواطئ كما هو الحال بالنسبة لشاطئ أصيلة الذي شهد في السيف الفارط ارتفاعا في عدد حوادث الغرق التي ارتفعت إلى 539 حالة أو شاطئ الرميلات الذي سجّل 228 حالة غرق، والغابة الدبلوماسية 150 حالة، وغيرها من الشواطئ، خاصة تلك التي تصنّف ضمن خانة «المنسية» المفتقرة لكل شيء ولكل مقومات الاستجمام، مما يجعل منها شواطئ خطيرة من الولوج إلى السباحة، حتى في ظل وجود بضع سباحين، الذين يسخّرون معرفتهم بالسباحة وقوتهم البدنية لإنقاذ من يمكن إنقاذهم، ليكون الجميع في النهاية أمام وضع تصحّ عليه مقولة «الحاضي لله»!

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 24/06/2025