بالصدى : سكتة قلبية

وحيد مبارك

كم هي نسبة وجود ممرض أو تقني للصحة في شركة أو إدارة عمومية؟ كم من طبيب يمكن أن يتواجد في الشارع العام وفي مختلف الفضاءات المفتوحة؟ كم من مسعف يمكن أن يكون حاضرا في غابة، حديقة، كورنيش وغير ذلك؟ الأكيد أنه في حالات لن يكون هناك أي ملمّ بالإسعافات الأولية، وفي حالات أخرى قد يتواجد أحد العارفين بهذا العلم المنقذ للحياة، وذلك من باب الصدفة، لأن التكوين في مجال الإسعافات الأولية غائب عن أجندة القائمين على تدبير الشأن الصحي والحكومات المتعاقبة منذ سنوات.
تؤكد المعطيات أنه في حال تسجيل حادث ما، يجب التدخل والوصول إلى المصاب خلال مدة تتراوح ما بين 4 و 8 دقائق، للقيام بالتدخل العاجل من أجل إنقاذه والتخفيف من وقع الحالة عليه، خاصة حين وقوع سكتة قلبية، حيث يتم في الدول المتقدمة تسجيل تدخلات ناجعة تصل إلى ما بين 70 و 80 في المئة ويمكن أن تتجاوز هذا الرقم، في حين أن المعدلات المرتبطة بهذه التدخلات تظل جد ضعيفة في دول أخرى، ومن بينها المغرب.
حوادث قد تختلف طبيعتها وحدّتها، إما في البيت أو في الطريق العام، قد تكون نتيجة للغرق، أو جراء التعرض للسكتة القلبية، التي يمكن في حال التمكن من الإسعافات الأولية مساعدة المصاب والمريض على العودة إلى الحياة، في حين أن كل تأخر تكون له كلفته الباهظة، أخذا بعين الاعتبار أن المختصين يؤكدون على أن الكثير من الحالات كان من الممكن إنقاذها حين وصولها إلى مصالح المستعجلات لو أن أصحابها تلقوا إسعافات أولية في مكان الحادث، مشددين على أن النجاة من السكتة القلبية وتبعاتها تتقلّص بنسبة 10 في المئة عن كل دقيقة تأخر بعد حدوثها.
وضعية يمكن تفاديها لو تعبأت الحكومة بشكل تكاملي خلف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من خلال شراكات تجعل من الإسعافات الأولية مادة أساسية في التكوين التعليمي في أكثر من مستوى دراسي من أجل إتقانها، ونفس الأمر بالنسبة لمؤسسات التكوين المهني، وفي ارتباط بالفضاءات الرياضية والثقافية والفنية والتربوية، والعمل على توفير الأجهزة المضادة للرجفان، وحقائب الإسعاف بشكل عام، التي تساعد المتدخلين على القيام بواجبهم الإنساني والمواطناتي نحو مواطنين آخرين، للحدّ من الخسائر البشرية المؤلمة التي كان من الممكن تلافيها، عوض أن يتم تحرير شهادة لاحقا بعد وصول المصاب/الفقيد إلى المصالح الاستشفائية التي تفيد بأنه فارق الحياة جراء «سكتة قلبية» التي باتت العبارة الأكثر شيوعا في شواهد الوفاة.
إن العدد الأكبر من المواطنين لا يعرفون كيف يتعاملون مع شخص تعرض لذبحة صدرية، أو لغيبوبة بسبب الإصابة بداء السكري، أو لحالة صرع، وغيرها كثير من الحالات الطارئة المختلفة، مما يتطلب توعية أكبر بهذا البعد الهام، من خلال إعداد كبسولات تحسيسية وتسخير برامج تثقيفية في وسائل الإعلام المرئية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فنشر الوعي الصحي هو مسؤولية ملقاة على عاتق الوزارة الوصية على القطاع من جهة وعلى الحكومة بكافة مكوناتها من جهة ثانية، فكل عنصر هو مهم للمجتمع، وجدانيا واقتصاديا واجتماعيا، والكثير من المجتمعات التي لا تتوفر على أي موارد وثروات معدنية وغيرها استثمرت في مواردها البشرية واستطاعت أن تتميز بها وتتفوّق على الكثير من أقرانها.

الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 26/06/2025