شهد سوق «لافيراي» الواقع بحي السالمية، والتابع ترابيا وإداريا لمقاطعة سيدي عثمان بعمالة مقاطعات مولاي رشيد – سيدي عثمان بالدار البيضاء، حريقا مهولا صباح يوم الأحد 29 يونيو 2025، خلّف خسائر مادية جسيمة، لكنه لحسن الحظ لم يُسفر عن أي إصابات بشرية.
وقد أتى الحريق على أربعة محلات تجارية متخصصة في بيع قطع غيار السيارات، وامتد إلى بعض العربات المركونة بجانبها، مما خلف أضرارا بالغة في السلع والممتلكات. ويُعتبر هذا السوق من أكبر الفضاءات التجارية المفتوحة المختصة في بيع قطع الغيار الجديدة والمستعملة، ويعرف عادة حركة نشيطة من التجار والزبائن، إلا أن يوم الحادثة صادف يوم الأحد، حيث يكون السوق شبه مغلق، ما ساهم في تفادي خسائر في الأرواح .
رجال الوقاية المدنية واجهوا صعوبات كبيرة في عملية التدخل، بسبب ضيق الممرات المؤدية إلى المحلات المتضررة، مما عطّل جهود الإطفاء وساهم في توسيع رقعة النيران. وقد عاشت الساكنة المجاورة والتجار لحظات من الذعر، بينما حاول عدد من أصحاب المحلات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سلع قدرت قيمتها بالملايين.
وبينما لا تزال الأسباب الحقيقية للحريق مجهولة، يندرج هذا الحادث ضمن سلسلة حرائق مماثلة عرفتها نفس العمالة خلال أيام قليلة، ما يثير تساؤلات مقلقة حول شروط السلامة في هذه الأسواق الشعبية والأسباب الحقيقية وراء اندلاع هذه السلسلة من الحرائق في وقت متقارب والتي صادفت موجة الحر الشديدة التي تعرفها بلادنا .
ففي يوم الخميس 26 يونيو 2025، اندلع حريق كبير في سوق «المسيرة» بمقاطعة مولاي رشيد، والتهم عددا من المحلات التجارية، مسببا خسائر مادية كبيرة، دون تسجيل خسائر في الأرواح. وواجه رجال الإطفاء حينها تحديات مماثلة تتعلق بصعوبة الولوج إلى بعض النقاط داخل السوق، حيث استغرقت محاصرته وإخماده ساعات، ودمر الحريق 51 محلا تجاريا منها 21 محلا احترق بالكامل، ويعد هذا الحريق الثالث من نوعه الذي يعرفه سوق المسيرة، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول البنية التحتية لهذا الفضاء التجاري الشعبي والعشوائي بمحلاته الصفيحية والسلع القابلة للاشتعال بسهولة الخاصة بالأثاث المنزلي والخشب والأثواب والذي يعرف إقبالا كبيرا من البيضاويين خصوصا ساكنة حي الفلاح وسيدي عثمان ومولاي رشيد، وما يشهده من اكتظاظ كبير، ويعد بفضل ما يعرفه من رواج، من أكبر الأسواق التجارية بمنطقة مولاي رشيد ويبلغ عدد محلاته 1256 محلا تجاريا مما يلقي الضوء على ما يحتاجه هذا السوق من تهيئة وتنظيم يخرجه من العشوائية التي يتخبط فيها والاختلالات التي حالت دون إتمام عملية التأهيل المتوقفة منذ سنوات خلت.
أما سوق «شطيبة» الشعبي بحي مولاي رشيد بالدار البيضاء فقد كان مسرحا لحريق وصف بالكارثي، أتى على حوالي 40 محلا تجاريا تنشط في بيع الفواكه والخضراوات والزيتون ومواد التنظيف والبلاستيك وتسبب الدخان الكثيف في حالة من الهلع بين السكان المجاورين، في وقت استغرقت فيه عمليات الإطفاء وقتا طويلا للسيطرة على الوضع.
وفي الوقت الذي باشرت فيه الشرطة القضائية تحقيقا تحت إشراف النيابة العامة لكشف أسباب هذا الحريق رجحت مصادر أن يكون السبب ناجما عن شرارة من آلة لحام استخدمت أثناء إحدى عمليات الإصلاح !
تكرار هذه الحوادث داخل أسواق عشوائية وشبه منظمة، يسلط الضوء على هشاشة البنيات التحتية بهذه الفضاءات، وضعف آليات الوقاية من الحرائق، وغياب منافذ واضحة لتدخل رجال الإنقاذ.
ويطالب عدد من التجار والفاعلين المحليين السلطات المختصة بضرورة فتح تحقيقات شاملة في أسباب هذه الحرائق المتكررة، وتنظيم الأسواق العشوائية وتأهيلها هندسيا لضمان سلامة المرتفقين، مع فرض شروط صارمة للسلامة داخل المحلات، وإطلاق حملات تحسيسية لفائدة المهنيين حول مخاطر المواد القابلة للاشتعال، وفي ظل تصاعد المخاوف، يبقى تحسين شروط السلامة ومراقبة البنيات التجارية العشوائية أمرا ملحا لتفادي تكرار مثل هذه المآسي التي تتسبب في رمشة عين، في فقدان التجار لسلعهم ومحلاتهم وموارد رزقهم وتنشر الخوف والهلع وسط الساكنة.
ثالث حريق خلال أيام بأسواق الدار البيضاء.. النيران تلتهم محلات سوق «لافيراي» بالسالمية وتثير مخاوف التجار

الكاتب : خ. مشتري
بتاريخ : 02/07/2025