أكدت اتفاقية جديدة تم توقيعها بين فرع OCP Nutricrops ومؤسسة التنمية الفلاحية ببنغلاديش، الدور الريادي الذي يضطلع به المغرب في دعم الأمن الغذائي العالمي، عبر مقاربة تقوم على الابتكار، التعاون جنوب-جنوب، وتثمين الموارد العلمية والتقنية من أجل فلاحة أكثر استدامة وعدالة.
فقد أعلنت OCP Nutricrops، أحد الأذرع التقنية والتجارية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، عن إبرام اتفاقية توريد استراتيجية مع الجانب البنغلاديشي، تقضي بتزويد البلاد بما مجموعه 1,1 مليون طن من الأسمدة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2025 و2026. خطوة تُرسخ علاقة تعاون تمتد منذ 17 سنة، وتؤكد في الآن ذاته على التزام المغرب بدعم النظم الزراعية الهشة وتطوير فلاحة قادرة على الصمود وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
زيارة الوفد الرسمي البنغلاديشي إلى المغرب، الذي ضم مسؤولين من وزارة الفلاحة ومؤسسة التنمية الفلاحية، لم تكن فقط مناسبة لتوقيع الاتفاق، بل شكلت فرصة سانحة لتعميق أواصر التعاون في مجالات متعددة تشمل البحث العلمي، التكوين المهني الزراعي، ونقل التكنولوجيا. وقد وقف الوفد عن قرب على التجربة المغربية في مجال إنتاج الأسمدة عبر زيارة المنصة الصناعية بالجرف الأصفر، الأكبر من نوعها في العالم، إلى جانب جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية التي تمثل اليوم منصة بحثية رائدة على مستوى القارة الإفريقية.
ولا تقتصر أهداف هذه الشراكة على البعد التجاري المحض، بل تنطوي على رؤية تنموية طموحة تسعى إلى مرافقة بنغلاديش في جهودها لإرساء فلاحة مستدامة وأكثر إنتاجية. فالأسمدة التي سيتم توريدها ليست فقط موجهة لتلبية الحاجيات الكمية، وإنما تأتي بناء على تشخيص علمي دقيق لخصائص التربة البنغلاديشية، مما يعكس تحولاً نوعياً في مقاربة الإنتاج الزراعي نحو ممارسات قائمة على المعطيات والابتكار.
وفي تصريح بالمناسبة، شدد يوسف الباري، الرئيس التنفيذي لـ OCP Nutricrops، على أن هذه الاتفاقية تعكس «الثقة المتجددة للشركاء البنغلاديشيين، وتترجم التزام OCP بدعم الفلاحين وتمكينهم من وسائل إنتاج فعالة وملائمة، بما يعزز قدرتهم على مجابهة التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وتراجع خصوبة التربة». كما عبّر عن تطلع المجموعة إلى «مواصلة هذا التعاون من خلال مشاريع للبحث والابتكار والتكوين، بما يخدم الأجندة التنموية المشتركة بين البلدين».
وتأتي هذه الشراكة في سياق عالمي يتسم بتزايد الضغوط على سلاسل التوريد الغذائية، وارتفاع حدة التحديات المناخية والاقتصادية التي تعصف بعدد من البلدان النامية. وفي خضم هذا السياق، يبرز المغرب كمزود موثوق للأسمدة، وفاعل ملتزم بتقاسم المعرفة وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وهو ما ينعكس في مبادرات متفرقة عبر إفريقيا وآسيا.
ولم تكن هذه المبادرة الوحيدة، فقد سبق لمؤسسة OCP أن أشرفت بين 2019 و2023 على تكوين أكثر من 15 ألف فلاح في بنغلاديش، من بينهم 4400 امرأة، على الممارسات الفلاحية الفضلى، مما أسهم في رفع الإنتاجية وتحسين مستويات الدخل لدى صغار المزارعين. ويؤكد هذا البعد الاجتماعي أن التعاون المغربي لا يقتصر على تزويد الأسواق بالمنتجات، بل يطمح إلى إحداث أثر إيجابي ملموس في المجتمعات المحلية عبر مقاربة تنموية شمولية.