هو عمدة استثنائي بنجاحه، هو رئيس نبت في تربة هذا البلد، خرج من شمال المغرب، من الناظور. يحق لنا أن نبتهج أن هذه الأرض أعطت ثمارا كهذه، أعطت سليمان أزواغ.
اقتحم سليمان الوجود بكثير من الإرادة وبكثير من الأمل. يأتي في زمن ناظوري صعب وعسير. يأتي ليبشر بعودة «السبع السمان» منتصرة على «السبع العجاف»، ليملأ أرضنا خصبًا ومدينتنا مشاريع وإنجازات. يأتي ليهدي دفعًا تنمويًا لمدينتنا الناظور.
جمعتنا الفرحة بانتخابه رئيسًا لجماعة الناظور في زمن القحط والعقم. احتفلنا بألحان ريفية أمازيغية، رقصنا مستقبلين ميلاد رئيس سيمتلك فن تسيير شؤون مدينة الناظور، ومعالجة مشاكلها المزمنة، والاهتمام بانتظارات أهاليها، خدمة المدينة، مقاومة كل الأنماط الاستسلامية، والقطع مع كل السلوكات التي وقفت عائقًا ضد النهوض بالمدينة، والإنصات لهموم وتطلعات أهاليها. الانتفاضة على كل تجليات العبث والتسيب. قد يكون الميلاد حلواً، إنما المستقبل أحلى.
يأتي سليمان ليكسر الصمت، ويحطم المألوف في التجارب السابقة. يخرج عن المعتاد، ويدمر سلطان العادة الطاغي. يرفض اللامبالاة والإهمال، ويعلن الجد والتغيير، ويناضل للناظور وساكنتها.
ما يحيرك وأنت في مكتب الرئيس سليمان هو صعوبة تحديد انشغالات الجالس – الواقف أمامك. إنه الكثرة في الوحدة، والجمع في صيغة المفرد. فما إن تطمئن إلى رئيس يضبط، يوضب، يفحص تلال الملفات بحس قانوني خبير، يتجه رأسًا إلى المفاصل المحتملة للخطأ، يحث مساعديه من المستشارين والرؤساء على الدقة والتدقيق، لأن هذا الميدان لا يقبل الهفوات، تجد نفسك أمام مسؤول يستقبل المواطنات والمواطنين برحابة صدر وببشاشة، ينصت، يشرح، ويفسر، والكل يغادر المكتب سعيدًا فرحًا. جمعوي في المجتمع المدني، يسكنه هم الطفل، أحلام الشباب، وانكسارات المرأة. وأنت تتابع مبادراته واقتراحاته وقراراته، وبين لحظة وأخرى يثيرك استقباله لمكالمات من مسؤولين ومواطنين.
ومعلوم، وهذا يسجله الجميع باحترام وتقدير، أن سليمان أزواغ، بعد انتخابه رئيسًا لجماعة الناظور، لم يغير رقم هاتفه، لم يقفل هاتفه، لم يتعالى عن الناخبات والناخبين، بل ظل في تواصل دائم مع الجميع، وهذه قمة الشفافية ورفعة الأخلاق. هنا أيضًا يشكل سليمان أزواغ استثناءً.
تغادر المكتب ولسان حالك يقول: إن سليمان هو الخيط الناظم للوفاء. يمكنك أن تقرأ الناظور في مكتبه. الرجل الذي انسحب من الكراسي إلى التمدد في محبتنا له، ذلك الرئيس، هو من ملأ حياته بلا دوي، بالوقوف هادئًا في مواجهة الصخب. صخب الجماعة الحضرية يعارك مشاكلها ليلًا ونهارًا.
نعم، إن الأشخاص يمرون، لكن بصماتهم تبقى. نعم، إن الأشخاص يعبرون، لكن المؤسسات تبقى قائمة تراكم معطيات سيرورتها الخاصة. نعم، إن فترة المسؤولية على رأس أي مؤسسة عمومية لا يتسع بالقدر الكافي لشخص ما كي يستكمل نموذجه المثالي، لكنه يمكن أن يطمئن على منجزه حين يصيب بعدوى أفكاره أناسا آخرين.
إن الأفكار مثل الأشجار تمامًا، تغرس وتعطي ثمارها بعد حين. فلا أحد – الآن وغدًا – يمكن أن يجادل في أن رئيسًا اسمه سليمان أزواغ قد أعاد لجماعة الناظور مهامها وأدوارها، وصالحها مواطنات ومواطني الناظور، وأقام لها إدارة ناجعة بمواصفات حديثة، شفافة وناجعة، متجاوبة مع طموح المواطنين، ومتناغمة مع المجتمع الناظوري بكل مكوناته.
تقوم فلسفة سليمان أزواغ في التسيير والتدبير على مبدأ «الانتماء». فهو متشبع بهذا المبدأ ويرى أن الشعور بالانتماء هو مكمن الإحساس بالمسؤولية، ومحرك المردودية، ورافعة النجاح، وحافز الغيرة على الوطن، وبطارية المبادرة والتفاني في القيام بالمهام المطلوبة. بل إنه يعتقد واثقًا أن الانتماء الحقيقي للوطن يبدأ من الانتماء الصادق للمؤسسة التي تمثل حقل خدمة الوطن، ولا حقل ينافس المؤسسة المنتخبة في زرع روح الوطنية والمواطنة لدى الساكنة.
لا يفوت سليمان أزواغ فرصة لتمرير مبدأ الانتماء إلى الطاقم الذي يشتغل معه، إلى كل الأطر والخبراء، وإلى كل المستشارين.
كعادة الأنهار تنزل من القمم بإصرار لتسقي السهول، انحدر سليمان من الناظور، ليصبح منذ طفولته ونعومة أفكاره رجلاً ممسكًا بزمام مسار حياته، حمل في صدره كبرياء القمم، وإصرار الأنهار على المضي قدمًا مهما صعبت المسالك، يشق مجراه بصبر وثبات، إذ لم يكن على يافع مثله أن يلتحف أحلامه وينتعل طموحه، ويتعطر بوعيه الوطني المبكر، ويضرب في الأرض في مرحلة حرجة من مسار الناظور.
يشتغل في صمت وفعالية، في هدوء وبنجاعة. حالم برجلين متجذرتين في الأرض، أرض جهة الناظور المعطاء. مستعد ليخسر كل شيء إلا كرامته، ومستعد ليتنازل عن كل شيء إلا الهوية التي تطبعه؛ ناظوري. إنه كالنهر يعود إلى نبعه، والماء إلى مصبه الطبيعي.
يتميز بأنه متعدد الميزات، ولا فرق بين مميزاته. إنه يعترض ولا يعارض، يفعل ولا يقول، يواكب ولا يساير، ينضبط ولا يخضع. ضمير لا يدعي الحكمة، رافض لا يدعي الثورة، وطني خام ومواطن أصيل. مؤمن بأن المسؤولية التزام لا امتياز، تضحيات لا غنائم، وعطاء لا ريع. لسليمان حضور قوي، حضور ينشده كل يوم ويذكره، بل ويغنيه ويتصاعد في تناغم مع مسار رئيس ناجح وطموح. هو أصلاً تربى على كره الكسل والاستسلام، وهو طفل، وهو ينمو، نما فيه كره الاختفاء وراء الأقنعة. إنه استثناء في زمن الكائنات المتهافتة، مترفع في زمن الهرولة، واثق في زمن التيه. مؤمن بأن النجاح اجتهاد لا ريع، وأن النضال اختيار والتزام، تضحيات لا غنائم. أسرة نزعت من سليمان للأبد الإحساس بالخوف والاستسلام، وزرعت فيه الإمساك بزمام مسار حياته بكرامة وكبرياء، والمضي قدمًا مهما صعبت المسالك. أسرة زرعت فيه الصمود والتحدي، تنفس عبق تربية هادفة ومسؤولة، تربية تعتمد الجدية والصرامة مرات، وتعلن العطف والحب مرارًا.
أصر سليمان أزواغ على أن تبقى الراية مرفوعة والوردة مزهرة. يتصف بكل خصال الإطار السياسي المسؤول التواق إلى النجاح، بخصال نظرية وسلوكية كاليقظة العالية والاحتراز، والتقدم بخطوات محسوبة، دون تسرع ودون تهور، وتجنب السقوط في الاستفزاز ورد الفعل، ورفض الانسياق وراء العواطف والأهواء مهما كانت نبيلة، وتأهب دائم للمبادرة والفعل، مسلحًا برؤية واضحة، وبمنهجية علمية، واقتراح حلول ومخارج ناجعة، وامتلاك الحدس الذي يتجاوز ما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون. سليمان أزواغ عقلاني فكرًا، براغماتي سلوكًا، يمقت الانفعالات والانسياق وراء الشعارات، والوقوع سجين الحماس الزائد.
من هنا كان النجاح في التسيير، وكان النجاح في الرئاسة. وما أحوج المغرب إلى أكثر من كفاءة من عيار سليمان أزواغ. حيث توجد الإرادة ويكون الطموح تكون الطريق المؤدية إلى النتائج المتوخاة. إنه صاحب إشكالية ملحة، وملح في اقتراح الحلول لها، إشكالية بناء وتنمية الناظور، وينبهنا إلى أن التنمية لا تتحقق بالثرثرة ولغو الكلام، ولا تتحقق بالنيات حتى ولو كانت صادقة. إن التنمية رؤية استراتيجية وعمل دؤوب.
رئيس… نعم… نفتخر ونعتز، ولكن يصرخ: أنا سليمان، المبدأ هو تكافؤ الفرص والكفاءة هي الامتياز. ألم أقل لكم إنه لا يمكن أن يحشر في زمرة الكسالى الذين تربوا على الاتكالية والزبونية؟ سليمان رسم طريقه بالعمل الجاد، واثق ومطمئن، مؤمن بطاقاته وقدراته. «منتصب القامة يمشي، مرفوع الهامة يمشي.»
وفي الملكية، للشرعية والمشروعية، للشعار والنشيد «منبت الأحرار…» رضع مبادئ الوطنية والإخلاص للملكية مبكرًا. من هنا انخراطه بقوة في تنمية الناظور، التنمية التي وضع لها صاحب الجلالة السكة التي تسير وفقها من خلال خطابه التاريخي بجهة الشرق.
سليمان صاحب قضية، وعلى سليمان أن يشتغل بكل ما أوتي من قوة. فهذه قناعته وهذا واجبه، وهذه مهمته. وإلا فليرحل من هذا العالم الذي هو في حاجة إلى العواطف النبيلة وشيء من التضحية. هكذا نرى المناضل سليمان يرى الأشياء.
آمن سليمان بأن المسؤولية ليست شعارًا يرفع ولا مسحوقًا للتزيين، ليست قضية للتوظيف الديماغوجي والاستهلاك السياسي، بل إنها قضية وجودية تشكل قناعة فكرية واختيارًا مبدئيًا. هذا جوهر كينونته وعنوان هويته. التحدي هو سيد الميدان. هادئ بقوته، قوي في هدوئه، انخراطه الفعال في الجماعة، يكره الضجيج والصراخ، لا يغتر ولا يتعجرف، يضع ذاته بين قوسين ويطلق العنان للعمل الجاد والهادف.
ويشهد كل من يعرفه عن قرب، أنه لم ينافس أحدًا أبدًا على مساحة أو تفاحة، ولم يتهافت يومًا على موقع أو منصب. هذا سلوكه، هذه قناعته، هذه أخلاقه، ونفس النهج نهجه وهو رئيس جماعة الناظور. إطار مقتدر وكفاءة ناجحة، السمو عنوان سليمان والرفعة هي الطريق.
حضوره في الميدان، في الفضاء، في المجتمع يؤكد سمو الفكر ورفعة الأخلاق. مناضل بقناعاته. وما أسهل تأقلمه في المجال إذا أراد بمحض إرادته، دون أن يخضع لأي أمر أو قرار. يحب الحرية بمسؤوليتها ومروءتها، ويقول لا للوصاية والتوريث، لا للريع والذوبان، وإعطاء الدروس بالمجان. لم يسقط سهواً على تدبير الشأن المحلي، هو مناضل قناعة واختيار.
اكتسب شرعية الانتماء بالقوة والفعل، وانتزع الاعتراف والاحترام من كل ساكنة الناظور.
ناظوري وفي، ومواطن غيور. إنه سليمان، ينتمي مطاوعة ولكنه لا يرضخ اختيارًا لا قسرًا. ينسجم بيد أنه لا يذوب. هو ذات فرادى واختلاف. يحوم سماوات العالم الرحاب ولا يهيم، ويعود مثقلاً بالتجارب والمعارف ليبشر بغد جميل لناظور جميل. سليمان لا يمكن أن يحشر في زمرة الكسالى، فهو ليس منهم لأنه محصن. يمضي بحكمة وثبات، ينبه إلى إغراءات المناصب ويحذر من مخاطرها، ليدلف إلى مقام المسؤولية الملتزمة. وليس منهم لأنه رضع الأناقة والنظافة في معبد الشجعان.
رفع الستار وصفق الرأي العام الناظوري، ألف تحية واحترام لرئيس هو سليمان أزواغ الذي كان ومازال يملأ الفراغ حين يكون هناك فراغ.
يبغض اللغة السوداوية والنزعة العدمية. يكره المناورات والمراوغات. يكره الأسلوب المتشائم، ولغة اليأس والتيئيس. لا، هو إنسان جد متفائل، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل، وهذا الطموح، وهذا الحب اللامشروط للناظور. سليمان إطار شاب في عمر الزهور، ما زال يحتفظ ببريقه وديناميته. سليمان الذي تمرس بنضالات الالتزام السياسي ظل متمسكًا بوهج الحياة. صفة الشباب تلازمه أينما حل وارتحل. يتمتع بخاصية فريدة في المرح التي لا تخفي جديته وصرامته. يتميز بحسن الدعابة، بالرغم من أنه يقتصد في ابتسامته. عنيد مثل جغرافية الناظور.
إن الرئيس الذي تستقطبه اهتمامات متنوعة الأبعاد، ينبغي أن يكون من فئة احتكت بجميع الفئات وتعامل مع ملفات مهمة ومتنوعة، وسليمان أزواغ من هذه الفئة.