وداعا مول البالون.. كرة القدم تفقد أحد أبنائها البررة أحمد فرس الذي زهد في النجومية واختار حياة البسطاء

 

فقدت كرة القدم الوطنية، أول أمس الأربعاء، أحد أبنائها البررة، وأحد نجومها الكبار، أحمد فرس، بعدما أسلم الروح لباريها بمدينة المحمدية عن عمر يناهز 78 عامًا.
وعاش، “مول الكورة”، كما كام يحلو لأصدقائه ومعارفه أن ينادوه، معاناة طويلة مع المرض، قاومه بشجاعة.
ويُعتبر الراحل واحدًا من أعظم رموز كرة القدم المغربية والعربية والإفريقية، حيث لعب دورًا محوريًا في تاريخ الكرة الوطنية، وترك بصماته على المستطيل الأخضر بشكل لا يُنسى.
حمل أحمد فرس ألوان المنتخب المغربي، وشارك في إنجازات تاريخية غيرت مجرى كرة القدم الوطنية، أبرزها التتويج بكأس أمم إفريقيا سنة 1976، حيث كان أحد “أسود الأطلس” الذين حملوا العلم المغربي عاليا في إثيوبيا. وحصل في نفس العام على الكرة الذهبية الإفريقية، ليصبح أول مغربي وعربي ينال هذا الشرف، كما كان أيضًا هدافا للبطولة الوطنية سنتي 1969 و1973، وتوج بكأس العرش مع فريقه شباب المحمدية في سنتي 1972 و1975.
أمس الخميس، وبعد صلاة الظهر، ودع المحبون والأصدقاء السي أحمد إلى مثواه الأخير، لكن ذكراه ستبقى حاضرة في قلوب الجميع.
لقد دون اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم الوطنية،حيث كان لاعبًا فذًا، ونجح في أن يُعرف بلقب هداف المنتخب الوطني، الذي يتصدر لائحته برصيد 42 هدفًا، وهو الرقم الذي ظل عصيا على التحطيم حتى الآن، ما يعكس مكانته الكبيرة في تاريخ الكرة المغربية.
وتميزت مسيرته الرياضية بالمثابرة والوفاء، حيث بقي وفياً لناديه الأصلي شباب المحمدية طيلة مشواره، رغم تلقيه عروضًا من أندية أوروبية وعالمية كبرى، بما في ذلك عرض غير قابل للرفض من نادي ريال مدريد عام 1972، والذي حاول رئيسه إقناعه بالانتقال، لكنه اختار البقاء في مدينته وناديه.
وحقق مع شباب المحمدية لقب البطولة الوطنية سنة 1980، بالإضافة إلى ألقابه في كأس العرش والكؤوس الإفريقية والعربية، ليبقى رمزًا للإخلاص والانتماء.
ولعب الراحل أيضا دورًا هامًا في تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم بمكسيكو سنة 1970، وشارك في أولمبياد ميونيخ سنة 1972، حيث سجل ثلاثة أهداف، وكان دائمًا مثالًا للنجاح والتواضع. وكان يُعرف أيضًا بلطف أخلاقه، وتواضعه الجم، وابتعاده عن الأضواء، حيث فضل أن يظل بعيدا عن حياة الشهرة والمال، مكرّسًا وقته لفريقه المفضل وأجواء مدينته.
وفي عام 2008، عانى من محنة إنسانية بعد أن تم حجز منزله بسبب ملف ضريبي، قبل أن يتدخل جلالة الملك محمد السادس، الذي أنهى معاناته وأعاد الاعتبار له.
ولم يبخل فرس بما راكمه من خبرة وتجربة عن أجيال المستقبل،حيث أسس مدرسة “أشبال الأطلس”، وخصها بوقته واهتمامه، لأنه أحب أن يعيش حياة بسيطة، بعيدًا عن الظهور والترف.
ويُعد أحمد فرس أيقونة حقيقية، لا تقتصر على إنجازاته الفردية، بل تتجاوز ذلك إلى قيم الولاء، والتواضع، والإخلاص للوطن، وهو الذي يُعتبر أول مغربي يحصد الكرة الذهبية الإفريقية، وهدفه الذي سجله في إحدى مبارياته بالأقاليم الصحراوية هو رمز للتاريخ والتحدي، تجسيدًا لروحه الوطنية النقية.
وبرحيله، ترك فراغًا كبيرًا في عالم كرة القدم الوطنية، حيث يُعد أحد نجومها الكبار، وأول من وضع بصمة مغربية على الساحة الإفريقية، وما زالت أسطورته حاضرة في ذاكرة الجماهير، ومصدر فخر لكل من عشق المستديرة في المغرب .


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 18/07/2025