على هامش النسخة الثانية لمعرض المنتوجات المجالية بإقليم مديونة .. الزربية المديونية تتألق بجمالية زخرفتها وأصالتها كرمز تراثي لجهة الدار البيضاء

عرف رواق تعاونية حرفية الذهبي، المتخصصة في نسج الزربية المديونية، إقبالا كبيرا من طرف المهتمين بالتراث المحلي لمنطقة مديونة، خلال النسخة الثانية من معرض المنتوجات المجالية. وعرض الرواق كعنوان لطبيعة تخصصه، زربية مديونية من الحجم الكبير، حيث تعتبر هذه الزربية من بين الرموز التراثية المنتمية، كامل الانتماء، لمنطقة مديونة دون غيرها منذ عقود، إقبال تفسره الرغبة في الإطلاع على جماليتها وتفاصيل حياكتها وتميز ألوانها المتنوعة مع الحرص على أخذ صور تذكارية معها باعتبارها لوحة فنية قائمة الذات بزخرفتها الجمالية المعقدة والمنفردة مقارنة بباقي الزرابي المغربية، وتعد الزربية المديونية عنوانا للأصالة التراثية التي تميز إقليم مديونة وجهة الدار البيضاء قاطبة.
عن هذه الزربية المديونية، تقول السيدة هند بارع رئيسة التعاونية المنتجة لها : (تعتبر الزربية المديونية من أعرق وأندر الزرابي المتواجة بالمملكة المغربية لكن الإعلام لم ينصفها، وتتميز برسومات وأشكال هندسية خاصة متنوعة بالوان مختلفة، لكن الأصل يبقى تابثا، وتصنف ضمن التراث اللامادي لمنطقة مديونة كما تتميز بصعوبة ودقة عملية نسجها مقارنة بباقي أنواع الزرابي، وتستغرق مدة طويلة خلال عملية النسج التقليدية /البلدية، وكلما زاد حجم هذه الزربية زادت مدة الاشتغال عليها والتي قد تصل لمدة سنة كاملة). وتضيف رئيسة الجمعية ( تعتمد هذه الزربية على مهارة عالية وتتطلب يد «معلمة» تتقنها تماما، وتستطيع نقل تفاصيلها الأصلية ، ولا يمكن «لزرباية» عادية الاشتغال عليها، مما يفسر صعوبة ايجاد «معلمات» يتقن نسجها بسهولة…)
من جهتها، تتحدث الزرباية ربيعة عن هذه الرموز التي تتميز بها هذه الزربية قائلة: « الرموز متعددة ومتنوعة الأحجام في الزربية المديونة، وهي كثيرة…هناك القبب بتفاصيلها الكثيرة وهناك أيضا الشعاطط والسلاسل والسلتات والسلسول الأول والثاني، والطير بوديبية، والربوعة تاع القبة المتواجدة بالجوانب، والزربية مليئة تماما بالزواقات كما أن الخيط الصوفي الذي يتم الاشتغال به في الزربية المديونية أو «السدى» يكون رقيق جدا وله سمك معين لا ينبغي أن يتم تجاوزه… وطبعا على السيدة التي تشتغل على هذه الزربية أن تكون مبدعة في نقل التفاصيل، حتى تحقق التوازن النهائي في الزربية والقبب الخاصة بها، خصوصا عندما يتضاعف حجمها ويتجاوز مثلا 4 أمتار …»
وتضيف السيدة ربيعة لقلقولي: ( قبة الزربية المديونية لها حكاية متوارثة عند صانعات الزرابي يمديونة وتقول الحكاية أن قبة الزربية المديونية هي قبة حداوية أي تنتمي لسيدة/زرباية، من قبيلة ولاد حدو المعروفة في منطقة الشاوية، فالزربية المديونية حين بدأت المرأة الحداوية في نسجها لم يكن لديها قبة خاصة بها، فنامت هذه السيدة وهي مشغولة البال بالقبة، وقامت بوضع الحناء على يديها وحين نامت حلمت بالقبة البيضاء وتفاصيلها الخاصة جدا، ونقلت ما شاهدته في الحلم وأصبح هو قبة الزربية المديونية…وهذه القصة جزء من تراث شفاهي متداول …)
زوار الرواق المديوني «تعاونية حرفية الذهبي»، من مختلف أنحاء المغرب، وخاصة من المناطق السوسية المغربية، لاحظوا أن هناك تشابها بين الزربية المديونية والزربية السوسية خاصة المنتمية لمنطقة تازناخت، لكن نظرة خاطفة على هندسة هذه الزرابي يبين الفرق الكبير في الهندسة والتفاصيل، لتبقى للزربية المديونية خصائصها المتميزة المنفردة مع لمسات هندسية تتقاطع مع الزرابي المغربية قاطبة.
من جهة أخرى، عرف زوار معرض المنتوجات المجالية في نسخته الثانية، ونظم هذا المعرض، الذي نظمته وأشرفت عليه عمالة إقليم مديونة، تحت شعار مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تحديد ودعم سلاسل الانتاج، والذي احتضنته مديونة خلال الفترة الممتدة من 14 حتى 21 من يوليوز 2025، إقبالا جماهيريا كبيرا من طرف المهتمين بالمنتجات التراثية التقليدية المعتمدة على مهارات الصانع المغربي المعروفة بالإتقان والفنية، والتي تعد جزءا من التراث اللامادي كصناعات الحياكة والدرازة والنحت على الخشب وغيرها من الصناعات الحديثة المرتبطة بصناعة العطور الأساسية والشموع ومنتوجات العسل والصابون العطري والتي غالبا ما تستقطب العنصر النسائي لاقتنائها.
العارضون الذين تعددت انتماءاتهم من مختلف مناطق المغرب، تعددت أيضا منتوجاتهم وتنوعت ولقيت إقبالا شديدا يعكس أهمية المعراض في دعم سلسة الانتاج خاصة على مستوى البيع والمستهلك وهي المرحلة الحاسمة لاستمرارية التعاونيات عامة.


الكاتب : ليلى بارع/ مديونة

  

بتاريخ : 29/07/2025