هل تتجه وزارة الثقافة إلى إدراج قصبة القائد السي عيسى بن عمر ضمن مشاريع الترميم؟

 

 

في سياق الاهتمام المتزايد الذي أبدته وزارة الثقافة المغربية مؤخراً بملف ترميم وصيانة الآثار المتضررة بفعل الزلزال الذي ضرب مناطق الأطلس، عاد إلى الواجهة النقاش حول وضعية العديد من المعالم المصنفة ضمن التراث الوطني، والتي لم تنل نصيبها من العناية منذ عقود طويلة.
ففي البلاغات الرسمية الأخيرة، أكدت وزارة الثقافة على تعبئة الموارد المالية الضرورية من أجل ترميم وتأهيل المواقع التاريخية والتراثية المتضررة، مع إطلاق برامج دعم للمشاريع الثقافية والفنية، وإشراك الجمعيات في تنزيل برامج تعنى بالتراث وصيانته. كما شددت على أن هذه الجهود لا تنحصر في معالجة الأضرار الطارئة فحسب، بل تمتد إلى حماية الموروث الثقافي المغربي باعتباره جزءاً من الهوية الوطنية.

قصبة القائد السي عيسى بن عمر.. معلم منسي؟
وسط هذه الإجراءات، يطرح سؤال جوهري: هل ستشمل هذه البرامج معلمة قصبة القائد السي عيسى بن عمر العبدي الموجودة على بعد (25 كلم )من مدينة أسفي عبر طريق خميس الزمامرة المصنفة منذ فترة الحماية الفرنسية، بمقتضى الجريدة الرسمية عدد 2150 بتاريخ 08 يناير 1954؟
هذا التصنيف، الذي أقر بأهمية القصبة كجزء من التراث الوطني، لم يتبعه – حسب المهتمين – برنامج فعلي للترميم أو الصيانة طوال عقود. وهو ما جعل المعلمة، رغم رمزيتها التاريخية والسياسية، عرضة للإهمال والتدهور بفعل العوامل الطبيعية وغياب الحماية الميدانية.

رهان التوازن بين الطارئ والبنيوي
التوجه الحالي للوزارة يفتح الباب أمام أمل جديد في أن تجد هذه المعلمة مكانها ضمن المخططات الجديدة، خصوصاً وأن البلاغات الرسمية تحدثت عن خطة «ممنهجة ومتعددة الجوانب» لحماية التراث المغربي. غير أن التحدي الأكبر يكمن في تجاوز منطق التدخل الظرفي المرتبط بالكوارث، والانتقال نحو رؤية شمولية تحفظ مختلف المواقع المصنفة، سواء المتضررة بالزلزال أو تلك التي تعاني الإهمال المزمن.

دعوة إلى إدراج القصبة ضمن الأولويات
إن قصبة القائد السي عيسى بن عمر ليست مجرد بناية أثرية؛ إنها جزء من ذاكرة المقاومة والتاريخ الاجتماعي والسياسي للمنطقة. وإدراجها ضمن مشاريع الترميم سيكون رسالة قوية مفادها أن الدولة تسعى إلى رد الاعتبار لكل رموز التراث الوطني دون استثناء، وأنها واعية بضرورة صون الهوية الثقافية المغربية في بعدها الشامل.
اليوم، ومع الحركية الجديدة التي دشنتها وزارة الثقافة، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستغتنم الوزارة هذه الفرصة التاريخية لتصحيح مسار الإهمال، وتدرج قصبة القائد السي عيسى بن عمر ضمن أولويات الترميم، أم ستظل هذه المعلمة رهينة الوعود المؤجلة؟


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 23/08/2025