ضحايا حوادث السير بالدراجات النارية يكونون مهددين بالموت
أو بالعيش مع عاهات مستديمة
تتواصل الانتقادات الواسعة الموجهة ضد سلوكات سائقي الدراجات النارية الذين لا يحترمون قوانين السير، الذين يقودون دراجاتهم بشكل بهلواني لغايات استعراضية، أو الذين يعملون على تعديلها بغاية السرقة، وغيرها من الاختلالات الأخرى التي تكون مصاحبة لحضور الدراجة النارية في الشارع العام. ملاحظات وانتقادات تكون حديث المجالس الخاصة والعامة على حد سواء، ويحضر النقاش بخصوصها بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي منذ مدة طويلة، لأنها ليست وليدة اليوم، ولا ترتبط بالسجال الأخير المتعلق بمبادرة قياس سرعة الدراجات النارية وتطبيق التدابير الجديدة التي أثارت الكثير من الجدل بسبب ارتجاليتها، والتي كشفت عن عطب حكومي كبير، وعن أزمة في تطبيق القانون، خاصة حين يتعلق الأمر بدراجات غير معدّلة تم اقتناؤها بتلك «الصيغة» التي تم استيرادها بها، وهو الأمر الذي يفتح بابا عريضا للعديد من التساؤلات الأخرى.
بعيدا عن هذا السجال وقريبا جدا من واقع أعداد ضحايا حوادث السير، خاصة في صفوف مستعملي الدراجات النارية، الذين كشفت وزارة النقل واللوجستيك عن فقدان 1738 شخصا منهم لحياته خلال سنة 2024، بسبب ما اعتبرته ناجما في أغلب هاته الحالات عن السرعة المفرطة التي تأتى الوصول إليها بفعل التعديلات غير القانونية التي تطال الخصائص التقنية لهاته الدراجات النارية، كشف سعيد رضواني، وهو ممرض وباحث في السياسات الصحية في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن الإشكال الذي يجب على الجميع أن يكون واعيا بتفاصيله المؤلمة، بعيدا عن المنشور وعن طبيعته وتبعاتها القانونية، وهو المتعلق بالمجهود الكبير الذي يتم بذله من أجل إنقاذ مستعملي الدراجات النارية وضحاياهم من عديمي الحماية.
وأوضح رضواني في تصريحه للجريدة بأن ضحايا حوادث الدراجات النارية هم غالبا من الشباب أو القاصرين، مشددا على أن أكثر الإصابات التي يتم تسجيلها تتطلب تدخلات طبية مختلفة تنطلق من توفير النقل الصحي والطب الاستعجالي، مرورا بتدخل طب الإنعاش وكذا جراحة الدماغ والأعصاب، بالإضافة إلى جراحة المفاصل والرضوض، فضلا عن تدخل الجراحة الصدرية، والتأكيد على الحاجة لتخصص الأشعة، ومعه تدخل مصالح تحاقن الدم، فالترويض الطبي من أجل إنقاذ حياة المصاب، أخذا بعين الاعتبار ضرورة استحضار مخلّفات الحوادث التي قد تكون عبارة عن عاهات مستديمة وغيرها.
وأكد الباحث في السياسات الصحية في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي»، على أن تحليلا بسيطا لنوعية هذه التدخلات، سيبيّن على أنها تتسم بالندرة وبالتكلفة المالية العالية ثم عدم ضمان النتيجة، مشددا على أن الكثير من هاته الحوادث خلّفت مآسي وسط الأسر، ما بين ثكلى ويتامى وأسر بدون معيل، إلى جانب أزمات مالية ونفسية واجتماعية للضحايا ولذويهم، وهو ما يتطلب توعية واسعة بمخاطر هذا الوضع، واعتماد تدابير قانونية واضحة وصارمة للحد من هاته الحوادث، مع حفظ حقوق المواطنين، مؤكدا في ختام تصريحه على أنه إذا كان التشخيص صحيحا جدا ويتفق عليه الجميع، فإن المقاربة «العلاجية» قد يلزمها ربما من الحزم نفس القدر من المقاربة التشاركية، تفاديا للآثار الجانبية المبالغ فيها أثناء تنفيذ سياسة عمومية ما.