بحسب مقالين نشرا في مطلع شهر شتنبر الجاري ، بكل من :en.le7tv.ma و horizons.ma، تم تسليط الضوء على المخاطر المحذقة بالمنطقة، حيث أن ميليشيا البوليساريو لم تعد مجرد حركة، بل أصبحت جزءا من شبكة إقليمية ودولية أوسع تقودها إيران تحت شعار «محور المقاومة».
تفرض هذه التحولات، إعادة قراءة العلاقة المغربية–الإيرانية في ضوء مسألتين مترابطتين: الدعم الإيراني الموثق للجبهة عبر قنوات عسكرية وإيديولوجية، والبراغماتية التي يعتمدها المغرب في رسم حدود ما يمكن التفاوض بشأنه مع طهران وما لا يمكن التساهل فيه إطلاقا.
وتشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن: مقاتلين من البوليساريو وجدوا طريقهم إلى سوريا خلال سنوات الحرب، حيث تلقوا تدريبات ميدانية ضمن وحدات رعَتها إيران لحماية نظام بشار الأسد. ومع سقوط هذا النظام وبروز قوى جديدة في دمشق، ترك هؤلاء المقاتلون في العراء (لمصيرهم المجهول)، لتتولى شبكات الحرس الثوري ربطهم بمحور المقاومة وتحويلهم إلى ورقة إضافية ضمن استراتيجيتها العابرة للحدود.
عزز هذا الواقع، قناعة المغرب بأن ما كان يعتبر دعماً غير مباشر من حزب الله للبوليساريو، قد أصبح اليوم ارتباطا عضويا، وهو ما يفسر قرار الرباط سنة 2018 بقطع علاقاتها مع إيران، بعدما اعتبرت أن المساس بوحدتها الترابية خط أحمر لا يقبل المساومة.
غير أن إيران لم تتوقف عند هذا الحد، إذ عملت على توظيف سرديات “العدالة الاجتماعية” و“حقوق الشعوب” لاستقطاب حركات غربية وشخصيات ناشطة في قضايا المناخ أو الدفاع عن الأقليات. هكذا، وجدت البوليساريو نفسها مدرجة في قائمة قضايا» النضال العالمي»، … مستفيدة من حضور ناشطين مثل السويدية غريتا تونبرغ أو شخصيات أوروبية أخرى.
هذا التلاقي بين حركات متناقضة في الأصل ــ شيعية، سنية، ماركسية، بيئية ــ لا يعكس سوى قدرة طهران على استغلال التناقضات لصالح أجندتها، وتحويل البوليساريو إلى واجهة إضافية لصراعها مع الغرب. وبذلك تحولت قضية الصحراء من نزاع إقليمي إلى أداة داخل مواجهة عالمية.
في هذا السياق، تحافظ الرباط على معادلة دقيقة: فهي لا ترفض بشكل مطلق أي تواصل مع طهران، لكنها تحدده بإطار ضيق يقتصر على الشؤون الإنسانية أو النقاشات التقنية داخل المحافل الدولية، فيما تضع قيودا صارمة على أي حوار يمكن أن يوحي بتطبيع شامل.
يدرك المغرب، المعروف ببراغماتيته الدبلوماسية، أهمية إبقاء قنوات مفتوحة لتفادي التصعيد غير الضروري، لكنه يتمسك في الوقت ذاته بثوابته، وعلى رأسها وحدته الترابية وهويته الدينية السنية المالكية. بالنسبة للرباط، لا مجال للتفاوض حول هذه الثوابت، في حين أن أي نقاش آخر يبقى جزءاً من إدارة المخاطر في بيئة إقليمية مضطربة.
كخلاصة، فإن دخول البوليساريو رسميا ضمن منظومة إيران يضاعف التحديات أمام المغرب ويزيد من تعقيد المشهد المغاربي برمته. فالصحراء المغربية، لم تعد مجرد ملف إقليمي بل أصبحت ساحة مفتوحة في صراع النفوذ بين طهران وخصومها. وإذا كان التاريخ القريب يذكّر بأن الانبهار الغربي بـ“الرومانسيات الثورية” غالبا ما قاد إلى العنف والفوضى، فإن الحاضر يفرض قراءة أكثر واقعية: كون إيران لا تبحث عن تسوية بقدر ما تسعى لتوسيع رقعة نفوذها، بينما يظل المغرب مصمما على تثبيت خطوطه الحمراء، مدركا أن ما هو قابل للنقاش محدود، أما ما هو غير قابل للتفاوض فهو جوهر القضية: الصحراء المغربية وأمن (المملكة والصحراء) الاستراتيجي.
عن:
en.le7tv.ma
و horizons.ma
بتصرف
ما بين تندوف و طهران : نظرة في تحالف خطير يهدد استقرار المنطقة

الكاتب : n تـ: المقدمي المهدي
بتاريخ : 10/09/2025