تشارلي كيرك: صعود نجم سياسي ونهاية مأساوية تهز الساحة السياسية الامريكية

لم يكن اسم «تشارلي كيرك» مألوفا قبل عقد من الزمن خارج دوائر الحركة المحافظة في الولايات المتحدة، لكن خلال سنوات قليلة، أصبح واحدا من أبرز وجوه اليمين الشعبوي، ومقربا من الرئيس دونالد ترامب. إلا أنه في تاريخ 10 شتنبر 2025، قد شهدنا نهاية هذه المسيرة السياسية، بعد أن اغتيل بالرصاص خلال فعالية في جامعة وادي يوتا، في حادثة هزت الأوساط السياسية الأميركية وأثارت موجة واسعة من ردود الفعل.

النشأة والبدايات

ولد كيرك في أكتوبر 1993 بولاية إلينوي، ونشأ في أسرة متوسطة. رغم أنه لم يكمل تعليمه الجامعي، إلا أنه برز بمهاراته في الخطابة والتنظيم. في سن التاسعة عشرة، أسس منظمة “Turning Point USA“، التي تحولت لاحقًا إلى شبكة (شبه اعلامية) واسعة تستقطب آلاف الطلاب لنشر الأفكار والقيم المحافظة داخل الجامعات، حيث رأى أن الخطاب الأكاديمي يطغى عليه الفكر الليبرالي.
وجد كيرك في وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عام 2016 فرصة ذهبية لتعزيز حضوره. أصبح الصوت الشبابي الأقوى الداعم لأجندة ترامب، مستثمرا قدراته الإعلامية من خلال الإذاعة والبودكاست والبرامج النقاشية واسعة الانتشار. وفي مارس 2025، عينه ترامب في مجلس الزوار التابع لأكاديمية القوات الجوية الأميركية، اعترافا بمكانته كحليف بارز داخل الدائرة المقربة منه.

تفاصيل الاغتيال
وآخر تطورات التحقيق

في العاشر من شتنبر 2025، وخلال فعالية ضمن جولة “The American Comeback Tour” في جامعة وادي يوتا، جلس كيرك إلى طاولة مناظراته المعتادة. لكن المشهد، تحول إلى مأساة حين أطلق مسلح النار عليه من مبنى قريب، فأصابه في الرقبة. ورغم محاولات إنقاذه، فارق الحياة في مكان الحادث، حيث أكدت السلطات أن إطلاق النار كان متعمدا، ووصفت الهجوم بأنه “موجه”. كشفت التحقيقات الأولية، أن الطلقات أطلقت من سقيفة في مبنى قريب من الحرم الجامعي، ما يعزز فرضية الاستهداف المخطط. رغم اعتقال عدة أشخاص في البداية، إلا أنه أفرج عنهم لعدم وجود صلة لهم بالحادث.
من جهة، تواصل الشرطة والـ FBI جمع الأدلة من كاميرات المراقبة وتحليل شهادات الشهود، وقد فتحت خطا ساخنا (Hotline) لتلقي المعلومات من الجمهور. ورغم حالة الغموض، تتعامل السلطات مع الحادث باعتباره اغتيالا سياسيا موجها.

ردود الفعل الأميركية والدولية

وإثر هذا الحادث، نعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كيرك عبر منصة Truth Social واصفا إياه بأنه “شهيد الحقيقة والحرية”، وأمر بخفض الأعلام على المباني الفيدرالية تكريما له. من جهته، وصف جو بايدن الحادث بأنه “لا مكان له في الديمقراطية الأميركية”، ودعا لإنهاء موجة العنف السياسي.
في نفس السياق، كتب باراك أوباما أن “هذا النوع من العنف المقزز لا مكان له في أميركا”، مشددا على “ضرورة حماية الديمقراطية“. اعتبرت قيادات في الحزب الجمهوري مثل السيناتور جيه. دي. فانس مقتله “هجوما على الحركة المحافظة بأكملها”، كما لم يفت بعض المنظمات الحقوقية الدولية، أن تحذر من تداعيات هذه الجريمة على مناخ الحريات العامة في الولايات المتحدة.

تشارلي كيرك..
ما بعد إثارة الجدل

في حياته، اشتهر كيرك بجولاته الجامعية المثيرة للجدل تحت شعار “Prove Me Wrong” (أثبت أنني مخطئ)، حيث دعا طلابا لمناظرته في قضايا شائكة كحرية التعبير والهوية الأميركية. جذبت هذه الفعاليات اهتمام الإعلام، لكنها أثارت أيضا انتقادات حادة من خصومه الذين رأوا أنه يغذي الانقسام السياسي ويستغل التوترات الثقافية لتعزيز نفوذ الحركة المحافظة.
يضع مقتل كيرك الحركة المحافظة الأميركية أمام سؤال صعب: كيف يمكن الحفاظ على خطاب سياسي صلب من دون أن يتحول إلى مصدر لتأجيج العنف؟.. إن كيرك، في نظر أنصاره يعتبر رمزًا للشجاعة والدفاع عن القيم التقليدية، فيما يعتبره خصومه مثيرا للجدل. في كل الأحوال، فإن مسيرة شاب لم يكمل دراسته الجامعية، لكنه أسس واحدة من أكبر المنظمات الطلابية، وأصبح مقربا من رئيس أميركي، ستظل حاضرة في النقاشات حول السياسة والهوية ومستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة.


الكاتب : n تـ: المقدمي المهدي (مصادر متعددة)

  

بتاريخ : 13/09/2025