ممر الغرباء

لا أحتاج أن أبهر أحدًا.
أنا ظلّ يتساقط من سقف مائل،
كلمة بلا لسان،
ضحكة تسير على عكّاز.

الحبّ؟
شجرة تحترق في جوف قنينة.
إن أحبّني أحد،
يتحوّل وجهي إلى قناع طيني،
تتشقق فيه العيون وتخرج منه أسراب من الغربان.
وإن لم يحبّني؟
تذوب خطواتي في الأرض كما يذوب الملح في دموع مجهولة.

حياتي؟
نهرٌ معكوس،
الأسماك تسبح فيه نحو الهواء،
والأموات يعومون نحو الولادة.
كلّ وجهٍ أقابله يتفتّت،
ينقلب إلى حجرٍ يحمل عينًا واحدة تحدّق بي حتى القيامة.

لا أريد صداقات،
الأصدقاء مجرد مرايا متصدّعة،
كلّما اقتربت منها
مزّقت وجهي إلى شظايا.

المشاعر؟
بذور فاسدة،
تنبت في صدري لتخرج منها أيادٍ غريبة
تكتب على جدار الليل: «لا بقاء».

أنا خالٍ.
كجرسٍ يرنّ في مقبرةٍ مهجورة.
كقمرٍ يُسقط جلده على الرمال.
كسماءٍ فقدت اتجاهها.

أمشي مع الغرباء.
الغرباء الذين ينامون بعيون مفتوحة،
الغرباء الذين يتحدثون بلغات لا صوت لها،
الغرباء الذين يشربون من فراغي.

وربما…
كل ما تبقّى مني
هو هذا الفراغ الذي يبتسم.


الكاتب : نورالدين بازين

  

بتاريخ : 19/09/2025