أقدمت السلطات المحلية والأمنية في عدد من المدن والأقاليم على تفعيل قرارات منع كل أشكال الاحتجاج من وقفات ومسيرات واعتصامات التي حررتها الإدارة الترابية بشكل استباقي، للحيلولة دون تجمهر الغاضبين أمام المستشفيات العمومية بالمناطق التي شهدت تقاسم دعوات للاحتجاج أول أمس الأحد.
ونزلت تشكيلات الأمن والقوات المساعدة إلى الشارع العام لمنع توجّه أي جموع نحو بوابات المستشفيات، الأمر الذي خلق مواجهات وصدامات في بعض المناطق كما هو الشأن بالنسبة للصويرة وتيزنيت، وتطوّر الوضع إلى حدّ التدخل بقوة لتفريق المحتجين، ولو بعد حين، ودفعهم إلى مغادرة أماكن الاحتجاج مع إيقاف عدد منهم، وهو ما أدى إلى انتشار موجة استنكار عارمة بالنظر إلى أن المعنيين بالأمر كان هدفهم هو لفت الانتباه إلى الأوضاع المتردية التي تعرفها عدد من المرافق الصحية والتي تسببت لهم ولأقاربهم ولغيرهم في مآسي متعددة، كان لها تداعيات جد وخيمة على العديد منهم، وفقا للتصريحات والشهادات التي تم تقاسمها.
وفي تاونات، أصرّت الجموع الغاضبة يوم السبت الأخير على الاحتجاج ضد مآل المستشفى العمومي إلى جانب رفع عدد من المطالب الاجتماعية أخرى، حيث تم تنظيم مسيرة احتجاجية شاركت فيها عدد من المكونات المدنية والمواطنين، الذين صدحت حناجرهم بشعارات تدعو لإنقاذ المستشفى العمومي من الإفلاس وإلى الحفاظ على هذا المرفق باعتباره المحتضن الفعلي لشرائح كبيرة من المواطنين المنتمين للفئات الهشة، والذين يضطرون لقطع الكيلومترات بحثا عن العلاج بسبب عطب معدات تقنية وبيوطبية أو عدم وجود متخصصين، شأنهم في ذلك شأن مرضى في مدن عديدة، وهو ما عبّر عنه وبقوة الشعار الذي تم رفعه « شكون يداوي هاد الناس .. سر لفاس سر لفاس»، للدلالة على المنهجية التي باتت معتمدة والمتمثلة في الإحالة على مرفق صحي آخر، الذي ليس بالهيّن على الكثيرين التردد المتواصل عليه.
وكشفت الاحتجاجات التي تم تنظيمها خلال الآونة الأخيرة أمام المستشفيات عن تفاصيل معاناة كبيرة وجد مرضى وأسرهم أنفسهم يعيشونها من أجل الولوج إلى الخدمات العلاجية، على رأسها طول آجال المواعيد التي تتجاوز السنة، والتأخر في التكفل بالحالات المرضية، مما أدى على وقوع تبعات صحية عانى منها الصغار والكبار، بل أن البعض فارق الحياة، وفقا لشهادات في الموضوع، نتيجة لهذا الوضع الذي يكشف عن حجم الأعطاب الكبيرة التي يعاني منها المستشفى العمومي، رغم كل التوجيهات والسياسات العمومية التي تم تسطيرها من أجل إنقاذ المنظومة الصحية، خاصة بعد جائحة كوفيد 19، ورغم خلاصات الدراسات التي تم اعتمادها من قبل الحكومة الحالية والتي قيل بأنها ستكون «طوق نجاة»؟
وتأتي احتجاجات المواطنين المتصاعدة على إثر ما عرفته مدينة أكادير، التي تدخلت سلطاتها لمنع أي وقفة جديدة، خاصة بعد زيارة وزير الصحة للمستشفى الجهوي الحسن الثاني، هذا الأخير الذي قام بزيارات إلى مستشفيات أخرى، والتي كان من بين أبرز خلاصاتها التي تم تداولها بقوة وشهدت تنديدا واسعا، دعوته لأحد الأطر الصحية الذي برر وضعا معينا بالافتقاد لعدد من المقومات، إلى الاحتجاج أمام الوزارة في الرباط !