في سياق التحديات البيئية المتفاقمة التي تواجه جهة سوس ماسة، وعلى رأسها الإجهاد المائي، الترمل، التصحر، والتغيرات المناخية، احتضنت مدينة أكادير، يوم الخميس 18 شتنبر 2025، اللقاء الجهوي حول الانتقال الطاقي ورؤية المغرب لتحقيق الكربون صفر في أفق 2050. ونُظم اللقاء بمبادرة من المكتب الجهوي للائتلاف المغربي من أجل المناخ، وبشراكة مع جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، وبتعاون مع ولاية أكادير، وشبكة محميات المحيط الحيوي RARBA بجهة سوس–ماسة.
وشارك في هذا الموعد البيئي نحو 40 فاعلا مدنيا ومنتخبين من الجهة، حيث ناقشوا محاور الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون، وما تتيحه من فرص متعددة للمواطنين والمقاولات والجماعات الترابية والمالية العمومية. وجاء هذا اللقاء حسب المنظمين من أجل تعزيز النقاش المدني حول الاستراتيجية الوطنية لخفض الكربون، وتسليط الضوء على التجارب الرائدة والمبادرات الناجعة مع أهداف «صفر انبعاثات صافية».
ومكّن النقاش الذي تلى العرض الذي تقدم به ممثل المديرية الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة، من تعميق فهم المشاركين لأهداف الاستراتيجية الوطنية، وتعزيز قدراتهم في مجال المرافعة والتحسيس، بما يرسّخ مساهمتهم في تحقيق الحياد الكربوني وبناء مستقبل “الكربون صفر” بجهة سوس ماسة. ويُشار إلى أن المغرب أطلق استراتيجيته الوطنية للطاقة منذ سنة 2009، واضعا هدف بلوغ 52% من الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي الوطني بحلول سنة 2030.
وأكد عدد من المتدخلين على أنه رغم الإكراهات المناخية الحادة التي تعرفها الجهة، فإن سوس–ماسة تتوفر على مؤهلات طبيعية فريدة في مجال الطاقات الشمسية والريحية، ما يجعلها مؤهلة لتكون مختبرا وطنيا رائدا للطاقات المتجددة، وقاطرة في مسار المغرب نحو تحقيق هدف «الكربون صفر 2050 «. وفي نهاية اللقاء اصدر المشاركون مجموعة من التوصيات التي توزعت ما بين ضرورة تسريع التنزيل الترابي للاستراتيجية الوطنية المنخفضة الكربون 2050، من خلال إعداد مخططات ترابية تشاركية، والحث على دعم الجماعات القروية عبر توفير المواكبة التقنية والمؤسساتية لتمكينها من إعداد ملفات قوية للولوج إلى تمويلات المناخ، بما يعزز قدرتها على مواجهة تحديات التغير المناخي.
وشملت التوصيات كذلك تعزيز الشراكة مع مؤسسات البحث العلمي والقطاع الخاص من خلال برامج بحثية وتطبيقية مشتركة في مجالات الطاقات المتجددة والابتكار الأخضر، بما يساهم في خلق قيمة مضافة محلية وفرص لتشغيل للشباب. وضمان توزيع عادل ومتوازن للمشاريع التنموية بين المناطق الساحلية (أكادير–إداوتنان) والمناطق الداخلية (إنزكان، تارودانت، طاطا، تزنيت واشتوكة)، بما يحقق العدالة المجالية ويحد من التفاوتات الترابية، إضافة إلى تشجيع الاستثمار المحلي في الفلاحة المستدامة عبر التوسع في أنظمة الري منخفضة الكربون، وتعميم استعمال الطاقة الشمسية داخل الضيعات الفلاحية، بما يرفع من الإنتاجية ويقلل من البصمة الكربونية. وكذا دعم وتشجيع التعاونيات البيئية في ميادين إدارة النفايات، وإنتاج الطاقة المحلية، وتطوير السياحة القروية المستدامة، مع توفير حوافز للابتكار الأخضر والاقتصاد التضامني.
ولم يفت المشاركين التأكيد على أهمية تكريس المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني باعتباره شريكا استراتيجيا في تنزيل رهانات التنمية المستدامة، وضمان تعبئة جماعية تشمل جميع الفاعلين، بما في ذلك الساكنة المحلية، قصد تفعيل الاستراتيجية الوطنية للمناخ والتنمية على مستوى الجهة. والحث على تقوية قدرات الفاعلين المحليين في مجال التنمية المستدامة وخصوصا الاستراتيجيات الوطنية المرتبطة بالشأن البيئي، وذلك بهدف تملكها والمشاركة في تنزيلها الترابي، مع التشجيع على التنزيل الترابي للاستراتيجيات الوطنية من خلال استراتيجيات ترابية جهوية ومحلية من خلال تعزيز التقائية السياسات القطاعية على المستوى المحلي، مع وضع الية ترابية للحكامة المؤسساتية على المستوى المحلي وغيرها من التوصيات الأخرى.
في إطار تعزيز النقاش حول الاستراتيجية الوطنية لخفض الكربون بسوس ماسة .. الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة يُعزّز الحوار المدني حول الانتقال الطاقي

الكاتب : عبد الجليل بتريش
بتاريخ : 24/09/2025