أكاديميون وجامعيون مغاربة يقاربون مسار الراحل

لم تغب «فتن كاتب عربي بباريس» وشغبه الأدبي الجميل عن الدورة 46 لمنتدى أصيلة، خاصة في ظرف استثنائي مسيمه الغياب الكبير لمؤسس الفكرة وسيد الموسم الراحل محمد بن عيسى، فقد حمل الروائي والجامعي والناقد أحمد المديني ألمه قبل مكتوبه/ رسالته التي قال إنها تقع بين الرسالة والاعتراف.. اعتراف لرجل»سليل ماض عريق، يؤمن بأن الحاضر ورؤية الغد بوضوح ونجاعة، سواء الطريق»، رجل يراوغ بين الحضور والغياب في ذاكرة لعوب. رجل يأتي ليستوطن الروح ولا يغادر.
شهادة المديني مجروحة في صديقه، شهادة صديقين ضحكا «مثل طفلين معا» واختلفا وتلاقت خطواتهما على درب المعنى النبيل للمعنى، وهو ما جعله يكتب «نصا يخصهما وحدهما».
الناقدة والكاتبة والسياسية رشيدة بنمسعود، وفي شهادة عن الراحل عنونتها بـ»الرجل الذي رأى» اعتبرت أن بنعيسى «رجل استثنائي، صانع ومبدع وملهم، جعل من الثقافة، مزيدا من الثقافة ومن الفنون عيدا، ومن الموسيقى فرحا حتى رأى حلمه/ موسمه يتشكل ويتجدد ويتواصل».
وتوقفت بنمسعود عند ترابط البعد الثقافي بالفعل السياسي في تجربة الراحل، مستحضرة تجربة الأنتلجنسيا المغربية في مرحلة ما بعد الاستقلال، مذكرة بالتقاطع الكبير بين مسيرة بنعيسي وتجربة الوطني ابن مدينة سلا سعيد حجي، حيث شكلت الثقافة هاجسهما الأساس وكانت عنصرا مركزيا في بنية تفكيرهما واشتغالهما لتخلص إلى القول بأن» الراحل بن عيسى دشن لتجربة فريدة وسط المنتخبين المحليين على المستوى الوطني، ومن هنا تتأتى فرادته وتميزه».
ولئن اختار المشاركون الحديث عن مناقب الفقيد والصداقات الإنسانية التي بنوها معه والمشتركات والقناعات التي تقاسموها، فقد اختار الاكاديمي والروائي سعيد بنسعيد العلوي إلقاء الضوء على ما صنع تميز الرجل/ النموذج/ مجملا إياها في ثلاثة عناصر:
-الروح القيادية التي ميزته والكاريزما التي تميز بها وتمثلت في الرؤية والإصرار: رؤية ناضجة وواضحة، متفاعلة ومنفعلة بالأحداث ومتطورة بها، ما صنع مسارا غنيا.
-إكسابه الثقافة معنى أنثروبولوجيا واهتمامه بالثقافة العالمة والشعبية في نفس الآن، لافتا هنا الى أنه في تاريخ إدارة الشأن الثقافي يوجد زمنان: زمن ما قبل بن عيسى وما بعده.
-طيلة مساره الممتد لـ50 سنة في المجتمع السياسي والمدني، استطاع بنعيسى برؤيته ووضوح مشروعه، أن يميز بين إمكانات المجتمع المدني وأدواره في إدارة الشأن العام، وأهداف المجتمع السياسي دون أن يهيمن هذا الأخير وتتملكه الرغبة في احتواء وتسييس العمل المدني.


الكاتب : أصيلة: حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 29/09/2025