لم تضع الاحتجاجات أوْzارها بعد حصيلة بالأبيض والأسود (1)

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ـ الكلفة الكبرى دفعتها الدولة في شخص الأمن و معها المواطنون

ـ لا يمكن فصل الاعتداءات على رجال الأمن عن الحملات التصميمية الطويلة، المتعددة المشارب التي استهدفت أذرع الدولة، طوال الشهور الأخيرة. إذا اقتصرنا على سنة 2025…

ـ ربحنا توجها نحو ما سميناه التأويل الدستوري للتظاهر وسماه المجلس ،و،ح،إ بإعمال التأويل الحقوقي للحق في التجمع السلمي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار …

ـ تقارير مسؤولة تفيد بأن العنف لم يكن انزلاقا فقط، بل جاء بدعوة صريحةمن جزء من المنظمين، مع إثبات أياد أجنبية..

– تفعيل سريع لمؤسسات الوساطة،
يقدم قراءة أخرى ومقاربة عجزت الحكومة عن التقاطها في وقتها..

 

لم تضع الاحتجاجات أوْzارها بعد، لكن من الممكن القيام بتقييم أولى، أو جزئي بناء على ما تم رصده من وقائع، أو تم تجميعه من معطيات صادرة عن مؤسسات مسؤولة من قبيل الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان أو النيابة العامة …
نستشف منها أن الفضاء الرقمي صار هو الجهة …14 ! بعد الجهات الترابية 12 ومغاربة العالم، ويمكن اعتباره « الحاضن غير الرسمي للحريات».
غير أن مصادر هاته الحرية متعددة: يتضح ذلك من تقرير خلاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي وقف عند «التعبيرات الرقمية سواء داخل منصة “ديسكورد” أو منصات تواصل اجتماعي أخرى»..
وطبيعة هذا التدقيق خطيرة للغاية حيث إن القاسم المشترك فيها هو أنها:
ـ حسابات حديثة، وأخرى مغلقة، وأخرى لا تنشر أي محتوى، ولا اشتراكات بها.
ـ حسابات عديدة يتبين من خلال التدقيق في معلوماتها وسلوكها ومنشوراتها أن أصلها من دول أجنبية ( يتم الانتباه إلى بعضها في بعض الأحيان).
مضامين المنصات مختلفة:
ـ دعوات صريحة للعنف والتحريض عليه
ـ الدعوة إلى إحراق مؤسسات ومباني حكومية
ـ استهداف أماكن إقامة مسؤولين، والتهديد باللجوء إلى التصفيات
ـ المس الصريح بكرامة الناس غير الراغبين في المشاركة
ـ الهجوم على من يدعو إلى الالتزام بنبذ العنف والحرص على الالتزام بالسلمية….
والأرقام الرسمية مهولة في تسجيل الخسائر، ومنها إصابة‮ ‬354‮ ‬شخصا ‮ ‬من بينهم‮ ‬326‮ ‬عنصرا من القوات العمومية‮ ‬وإلحاق أضرار مادية جسيمة بــ‮ ‬271‮ ‬عربة تابعة للقوات العمومية و175‮ ‬سيارة مملوكة للخواص،‮ ‬بالإضافة إلى أعمال اعتداء وتخريب ونهب طالت حوالي‮ 08‮ ‬من المرافق الإدارية والصحية والأمنية والجماعية والوكالات البنكية والمحلات التجارية بــ‮ ‬23‮ ‬عمالة وإقليم…
ونشير في السياق إلى أن المجهود حول الكشف عن هاته التعددية في مصادر الدعوات إلى الاحتجاج. غابت عن الكثير منا في التحليل واتخاذ المواقف، وهو ما أثر على رؤية الأشياء في مرات كثيرة.
ولعل توضيحها الآن يسلط أضواء مغايرة على تقدير الموقف …
هل تأخرنا في ذلك ؟
لقد بات واضحا أن النتائج الإجرامية لم تكن انزلاقا يستجيب لعواطف غامضة ودوافع مكبوتة بقدر ما كان واردا في تصميم جزء من مصادر الاحتجاج!
في المقابل، هناك جانب لا يخلو من نزعة « لعب» في التعامل مع قضايا جدية جدا، باعتبار أن منصة ديسكورد فضاء مفتوح مبني على الحوار وكان في أصله فضاء للعب الإلكتروني.
قد يحيل في تراجيدياته علي بعض العناوين السينمائية التي كانت تقيم حبكتها علي الانتقال من لعب العالم الافتراضي إلى الواقع، وارتكاب الجريمة..
الاختراق لم يبق في حدود المجموعات، بل إن الاختراق كان في العامل الواقع عند التظاهر، حيث إن الجناح السلمي في الحركة، يتم تجاوزه من طرف دينامية الاحتراب والاعتداء والضغائن….
لا يمكن فصل الاعتداءات على رجال الأمن عن الحملات التصميمية الطويلة، المتعددة المشارب التي استهدفت أذرع الدولة طوال الشهور الأخيرة، إذا اقتصرنا على سنة 2025… والقصف المتواصل من الخارج والداخل لمجموعات بعينها قدمت المؤسسة الأمنية كجهاز مرعب ووحش كاسر،
إلى جانب ذلك يمكن أن نلاحظ السعي إلى تقديمها كمؤسسة عاجزة عن التحكم في سلامة البلاد…
ربحنا، إلى جانب ذلك، ثقة أكبر في الدولة، أثبتت أنها كما قال ريجيس دوبري …صبر كبير طويل!
في قدرتها على «الصبر الحقوقي». وسمعنا الصوت الذي يفضل التأويل الحقوقي للحق في التظاهر على ما في القانون من شرعية التحجيم والتقنين الرادع.
قال المجلس الوطني: « الحرص على إعمال التأويل الحقوقي للحق في التجمع السلمي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار وضرورة ربطه بضمان سلمية التجمع والتظاهر واستحضار خصوصيات التعابير الرقمية الناشئة في هذا الإطار»..
..وقد سبق للعبد الفقير لرحمة ربه أن كتب منذ أيام ما معناه:« أن على الذين‮ ‬يدافعون‮ ‬عن تحرك‮ ‬بلا أي‮ ‬تدخل أمني‮ ‬مشروع‮ (‬فيبيري‮ ) ‬أن‮ ‬يعملوا من أجل جيل جديد من القوانين،‮ ‬التي‮ ‬تبيح الخروج بدون جهة معلنة تتبناه‮!‬
غير ذلك لا‮ ‬يمكن الاكتفاء بالمبدأ في‮ ‬مطلقه‮! فالمحتجون‮ ‬يتحركون بما‮ ‬يعتبرون أن بلاغة الدستور تسمح به وهو حرية التظاهر والاحتجاج بدون ترخيص »…
في التقدير الأولي هناك تحرك جيد للمؤسسات التي تعنى بالموضوع، الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الأولى دعت إلى تحاور من باب المنصات وتقديم المطالب وفتح حوار حولها، والثاني قدم قراءته من زاوية مسؤوليته. ولعلنا نستحضر هنا التوتر الذي طبع سلوك الحكومة إزاء هاته الوسائط الرسمية، كيف ظلت تنازعها في مهامها… وهذا موضوع آخر يهم الحوار بين المؤسسات وداخلها، والذي لا يمكن النظر إليه بدون استحضار نزعات التغول الثلاثي!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 04/10/2025