أمريكا «العَمْ ترامب» وسهرة «هالوينْ» المُقَنعَة…؟
زكية حادوش
في إطار جلسات التحقيق الجاري في الولايات المتحدة الأمريكية عن دور شبكات الاتصال الاجتماعي، خصوصاً «فيسبوك» و»تويتر» وكذا «غوغل» في الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2016 التي حملت «دونالد ترامب» إلى السلطة السياسية، يعقد الكونغرس الأمريكي حاليا جلسات استماع إلى عمالقة «سيليكون فاليه» هؤلاء. إلى حد الساعة، ظهر جلياً دورهم في التأثير على الناخبين لترجيح كفة العم «دونالد» من خلال بث دعايات وأخبار كاذبة مصدرها – حسب بعض المقربين السابقين من الرئيس الحالي- فاعلون روس.
يبدو أن الولايات المتحدة لم تستيقظ بعد، ليس من صدمة الهجوم الأخير بالشاحنة في مدينة نيويورك الذي خلف ثمانية قتلى وجرحى، بل من صدمة وصول ترامب إلى سدة الحكم، كأن الأمر مجرد كابوس أو سهرة “هالوين” مقنَّعة طالت أكثر من اللازم. لكن الواقع يلحق بها من خلال نتائج التحقيقات الجارية بخصوص الحملة الانتخابية الرئاسية والذمة المالية لبعض أقرباء الرئيس وشكوك التخابر مع جهات أجنبية، الخ. إضافة إلى بعض التصريحات لأشخاص وازنين في معادلة سلطة المال/السياسة هناك وعلى الصعيد الكوني.
آخر هذه التصريحات حوار أجراه، يوم الخميس 2 نوفمبر الحالي، “تيم كوك” الرئيس التنفيذي لشركة التفاحة المقضومة العملاقة “آبل” مع القناة الأمريكية “ان بي سي”. ففي رده على سؤال صحافي القناة حول تأخر شبكات الاتصال الاجتماعي المذكورة في إدراك “توظيفها” من طرف أولئك الأجانب الذين يريدون التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أجاب “كوك” أن المشكلة لا تكمن في الدعايات التي تمولها الحكومات الأجنبية ولكن في أن هذه الشبكات تُستخدَم “لتقسيم الناس والتحكم فيهم، وفي نشر الأخبار الكاذبة على أوسع نطاق من أجل التأثير في طريقة تفكيرهم.”
هكذا تحدث “تيم كوك” عن عمالقة الشبكة العنكبوتية، وربما استغل الفرصة لتصفية حساباته مع منافسيه عندما قال ذلك، وكذلك حين انتقد استعمالهم الممنهج للمعطيات الكبرى (big data) والمخاطر الناجمة عنها فيما يتعلق بالحياة الشخصية للفرد.
الحقيقة أن شهادة الرأس الكبرى لشركة آبل تستحق كامل الانتباه لأن أهل الحرفة هم أدرى بشعابها، وكما نقول نحن: «عندما يتخاصم اللصوص يظهر المسروق»، رغم أن التشخيص واضح في مجتمعنا. لا حاجة إلى أن نكون عباقرة ولا إلى ذكاء اصطناعي لإثبات أن أدوات من قبيل «فيسبوك» تعمل على التفرقة أكثر مما تعمل على «التواصل» بين الأفراد. ويكفي أن تدخل منزلا «مربوطا» لتكشف أن أفراد نفس الأسرة يجلسون في مكان واحد لكنهم مشتتون عبر هواتفهم «الذكية» ولوحاتهم وحواسيبهم الشخصية، مشتتو الأفكار والوجدان، أو بلغتنا الشعبية «كلها يلغي بلغاه».
هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فتلك «الربطة الزغبية» المتواصلة بالإنترنيت وبالشبكات «اللااجتماعية» فيها منافع للناس وبأس شديد، لأن مخاطر التفرقة والتحكم قائمة سواء تجاهلناها أو اعترفنا بها. أما نشر الأخبار الكاذبة أو الانتقائية فثابت أيضاً، وإلاَّ كيف نفسر تركيز «وسائل إعلام الويب» على تخليد وعد بلفور المشؤوم، وعدم الاكتراث بمرور مائة سنة على «ثورة أكتوبر» الروسية التي غيرت خارطة العالم كذلك، أو بمرور ستين عاماً على إرسال «لايكا» إلى الفضاء، وبغيرها من «أعياد الميلاد» التي أثرت في تاريخنا البشري؟
فهل نعتبر أم أن العبرة بالخواتم؟
الكاتب : زكية حادوش - بتاريخ : 09/11/2017