ذكّروا بالدعوات الموجهة لرفع الدولة ليدها عن قطاعي الصحة والتعليم
بعد فترة صمت رافقت الاحتجاجات الأخيرة للشباب وفي علاقة بالتفاعلات التي تلتها من طرف عدد من المسؤولين الحكوميين والفاعلين، خرج أطباء القطاع العام لإسماع صوتهم وللتنديد بما اعتبروه إساءات تطالهم، منتقدين وبشدة السعي نحو تعليق أعطاب المنظومة الصحية على العاملين بها، ومن ضمنهم الأطباء، مشددين على أنه لا يمكن القبول بأي شكل ومن الأشكال أن يتم تحوير النقاش المتعلق بالصحة وأن يتم اتهام من كانوا يشتغلون في ظل ظروف جد قاسية وفقر في الوسائل بأنهم سبب الأزمة.
رفض كلّي لتعليق فشل المنظومة الصحية على الأطباء، دفع النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام إلى الخروج والتأكيد على أن هناك من المسؤولين من دعا علانية إلى أن ترفع الدولة يدها على قطاعي الصحة والتعليم، مشددين على أن المستشفيات تُركت تحت رحمة خصاص مهول في الموارد البشرية والتجهيزات والتمويل، ومنبهين إلى أنه حتى مراحل الإصلاح التي تم الحديث عنها، فقد طبعها التسرع، وكانت تبحث عن الترقيع عوض التخطيط الاستراتيجي.
واعتبر أطباء القطاع العام في بلاغ لهم بأن خندقة جزء من المجتمع المغربي في خانة أنظمة تغطية صحية دون إيجاد تمويلات مستدامة لها، تعتبر من بين الأعطاب التي أدت إلى ما تعرفه المستشفيات اليوم من وضعية إفلاس، في الوقت الذي ظل فيه الطبيب يعمل على سدّ الفراغات مقابل غياب كل تثمين للعنصر البشري بالقطاع الصحي العمومي. وشددت نقابة الأطباء في القطاع العام على أن المنظومة الصحية يجب أن تكون منظومة مواطنة، يكون فيها المواطن متساويا في الخدمات، سواء بالقطاع العام أو الخاص، وأن يشتغل فيها الطبيب بكرامة، وأن يتم تقديم الخدمات الصحية في ظروف جيدة، عكس الوضع الحالي، حيث يجد نفسه مضطرا للقيام بمهامه في جوّ يفتقر للشروط العلمية والمعايير الطبية، معتمدا على العلاج بـ «المجهود»، تلك القولة التي لخّصت كل شيء وكشفت عن النظرة التي من خلالها يتم النظر لهذا القطاع ومهنييه، وفقا لتصريح مصدر نقابي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، الذي شدّد على أنه لا يمكن التعامل مع المنظومة ومهنييها بمنطق تبخيسي وأن يتغير الخطاب وفقا للظرفية، لأن هذا التعامل هو الذي أدى إلى غياب بتصور عقلاني فعلي للارتقاء بالمنظومة الصحية وتجويدها، وتحفيز المهنيين قاطبة.
وفي السياق ذاته، دعت نقابة أطباء القطاع العام إلى إيقاف الخطابات الشعبوية المجانية التي تشهّر بالمهنة وتحرض على الكراهية بدل مواجهة الجذور الحقيقة للازمة، مشددة على أن احتلال المشاكل الصحية للمرتبة الأولى في مسببات الاحتجاجات مردّه إلى المسؤولية التقصيرية للحكومات المتعاقبة بمختلف توجهاتها السياسية، مؤكدة على رفض ترقيع منظومة صحية مختلة، في ظل تزايد طلبات العلاج مقابل ضعف الميزانية المخصصة لها. وطالبت النقابة بإيجاد حل لإشكالية التمويل المستدام لخدمة الصحة العمومية والعمل على تقوية فعلية للمستشفيات العمومية، والعمل على حماية مكتسبات القطاع العمومي، مع الإبقاء على استقلالية شبكتي الطب الوقائي والعلاجي عن بعضهما البعض، وتنزيل وظيفة صحية عمومية بضمانات حقيقية، وغيرها من المطالب الأخرى التي من شأنها تعزيز الثقة في المنظومة وفي مهنييها وتفادي الأزمات.