«توجد صور كاريكاتورية أكثر أمانة من الصور الحقيقية» برغسون
إهداء إلى الأستاذة
أنيسة الدرازي
«ب. ب على أريكة التحليل النفسي: التحليل النفسي يهوى الفكاهة»، كتاب حبر بأربع أياد: بلعيد بويميد (رحمه الله) الكاريكاتيرست وعميد الصحافيين الرياضيين، والطبيبة النفسية والأنثروبولوجية والكاتبة غيثة الخياط. كتاب له طلاوة وعليه حلاوة. يتخاصر فيه التأمل النفسي والفكاهة.
كيف ولدت فكرة تأليف
هذا الكتاب؟
تقول الخياط عن الكاريكاتيرست بلعيد بويميد: تعرفت عليه عند أحد الناشرين، وعرفته مثابرا لا يتخلف عن التظاهرات الثقافية، مثقف لا يمكن تجنبه في المشهد الثقافي المغربي، فهو لا يقل شأنا عن نورالدين الصايل وعبد الكبير الخطيبي…بالنظر إلى رصيده في الثقافة والفن، لكنه لم يبلور مفهوما، أو يجترح أفقا فكريا خاصا به. قارئ جيد للاكان ودولوز وفوكو الذي حضر دروسه بكوليج دو فرانس لما كان بفرنسا.
استحسنت الخياط أول رسم كاريكاتيري عنها وقعه بويميد، وطلبت منه أن ينجز لها المزيد. تقول واصفة طريقة رسمه: يطأطئ رأسه، ولا يرفع قلمه، وبعد ثلاث دقائق ها هو ذا الكاريكاتير ناجز. لم تجد غضاضة في هذه الرسومات الكاريكاتورية، ولم تحرجها صورتها الكاريكاتورية ضاحكة منها مستلهمة الفكاهة للتفكير العميق، في الوضع البشري.
عمل يتخاصر فيه الفن والفكر التحليل النفسي وفن الكاريكاتير. هو ثمرة صداقة مفكرة؛ لتجسيد التركيب الإنساني عبر الضحك.
الكتاب أضمومة من الرسومات الكاريكاتورية، تجاوزت ثمانين رسما، هي ثمرة تواطؤ ثقافي عز نظيره، بين صديقين مغربين مثقفين.. هل تعيد الخياط تجربة المراسلة المفتوحة مع عبد الكبير الخطيبي؟ الذي قيل عنه إنه لا يجيد سوى المراسلة مع المحللين النفسيين؟ أكان بويميد لا يفلح في الكتابة إلا مع المحللين النفسيين-المحللات النفسيات؟
بدأت فكرة الكتاب هزلا وانتهى جدا. حافظ بويميد في رسوماته الكاريكاتورية على صورة الخياط كما أبدعها أول مرة: غيثة الخياط بشعر مجعد أيقوني. إذا كان لفرنسا بلانتو Plantu فإن للمغرب بويميد، تقول الخياط.
هذه الرسوم الكاريكاتيرية ليست للمشاهدة والقراءة بغرض الفكاهة والضحك فقط، وإنما هي دعامات فنية محتشدة بالرسائل القوية والدلالات العميقة. تقول عنها الخياط: «تلتقط جوهر موضوعاتها، كاشفة عن حقائق متوارية في قالب من المرح والبساطة» وطافحة بطلاوة لذيذة، بقلم واثق التحبير سيال.
كتاب يدعونا للتفكير على نحو طريف، ونحن نستغرق في الضحك. كانت الخياط كلما استحسنت كاريكاتيرا قالت: «يعجبني، يعجبني، يعجبني…وأنت تعجبني».
كتاب تخاصر فيه الفن والفكاهة والتحليل والنفسي بألمعية الكاريكاتيرست والعمق الفكري للمحللة النفسية. متعددان توحدا. في قولة لهنري برغسون: «فلكي يصيب الضحك دائما يجب أن ينطلق من عمل فكري»