في المؤتمر الإقليمي للداخلة .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الداخلة تجسد عبقرية النموذج المغربي في الوحدة والتنمية والانفتاح الإفريقي

السالك الموساوي: الاتحاد الاشتراكي حاضر في الميدان ووفِيّ لتاريخه النضالي

 

في مشهدٍ اتحادي استثنائي، غصت القاعة المغطاة بمدينة الداخلة عن آخرها بالمئات من المناضلات والمناضلين، جاؤوا من مختلف أنحاء الجهة، رافعين شعارات الحزب ومرددين هتافاتٍ حماسية ألهبت القاعة بل القاعات الثلاث التي احتضنت أشغال المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالداخلة.
ازدانت القاعات الثلاثة بالأعلام الوطنية وصور رموز الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في أجواء طبعتها الزغاريد، والهتافات بمغربية الصحراء، وسط حضور وازن لقيادات حزبية يتقدمهم الكاتب الأول للحزب الأستاذ إدريس لشكر ، يوسف ايدي رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، حنان رحاب الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، فتيحة سداس عضو المكتب السياسي، عبد الله صيباري مدير الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين وعضو المكتب السياسي، أحمد العاقد مدير الفريق الاشتراكي بمجلس النواب وعضو المكتب السياسي، فادي عسرواي الكاتب العام للشبيبة الاتحادية،
المؤتمر، لم يكن مجرد لقاء تنظيمي، بل لحظة سياسية ورمزية بامتياز جسّدت الوفاء للهوية الوطنية، وتشبث الحزب بثوابته التاريخية، وحرصه على أن يكون حاضراً بقوة في قلب الصحراء المغربية، دعماً للمسار التنموي وللرؤية الملكية السامية.
استهل الكاتب الأول الأستاذ إدريس لشكر كلمته بالتعبير عن تأثره العميق بما لمسه منذ وصوله إلى الداخلة، قائلا: “لقد قمت هذا الصباح، بمجرد وصولي إلى الداخلة، بجولة ميدانية، وسرّني كثيرا ما رأيته بعيني من نموٍّ مطّرد وتطوّرٍ تشهده المدينة وسكانها، وكل ما يتعلّق بالبنية التحتية. فمدينة الداخلة تتطوّر ليس من سنة إلى أخرى، بل من شهر إلى آخر.”
وأضاف بتأثر بالغ وهو يتحدث عن الحفاوة التي استُقبل بها قائلاً: “لقد سرني الحضور القوي للنساء معنا في هذا العرس الاتحادي. الحفاوة التي استقبلت بها لا يمكن أن تُنسى أبدا. أنتنّ الصحراويات الرائعات تقدّمن النموذج الحي للمرأة التي تعمل جنبًا إلى جنب مع الرجل، أكثر من أي منطقة أخرى في المغرب. تقدّمن النموذج الذي يجب أن تكون عليه وضعية النساء في بلادنا. إن الاتحاد الاشتراكي يسعى لأن يرى البرلمانيات والمنتخبات بعدد يوازي عدد الرجال، لأن المرأة الصحراوية هي عنوان لما نصبو إليه داخل حزب الاتحاد الاشتراكي. حضور النساء بهذه القوة يستدعي إصلاحًا شاملًا، يقوم على إشراكهنّ في مسلسل التنمية ببلادنا، على قدم المساواة مع الرجل. شكراً لنساء جهة الداخلة.”
واسترسل لشكر قائلاً إن المغرب يحتفل هذه السنة بحدثين وطنيين عظيمين: “نحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، التي جسدت تلاحم الشعب المغربي حول قضية وحدته الترابية، وعودة الأقاليم الصحراوية إلى الوطن الأم، وبالذكرى السادسة والأربعين لاسترجاع إقليم وادي الذهب إلى السيادة الوطنية. وتشكل هاتان المناسبتان محطة رمزية لتقييم ما تحقق من إنجازات تنموية في الأقاليم الجنوبية، وفرصة لتجديد التعبئة الشاملة لمواصلة العمل من أجل تنمية مستدامة ومندمجة، تربط الماضي النضالي بالحاضر التنموي والمستقبل الإفريقي للمملكة.”
ثم تحدث لشكر بإسهاب عن الدينامية التنموية بالأقاليم الجنوبية قائلاً: “يعد برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية أحد أهم الأوراش الوطنية التي أطلقت في إطار تجديد النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، والذي خصص له غلاف مالي يفوق 84 مليار درهم. وقد ساهم هذا البرنامج في تحويل المنطقة إلى فضاء تنموي نشط، من خلال مشاريع كبرى شملت البنيات التحتية، التعليم، الصحة، الصيد البحري، والطاقات المتجددة. إضافة إلى مشاريع استراتيجية مثل الطريق السريع تزنيت–الداخلة وميناء الداخلة الأطلسي، الذي يرتقب أن يشكل محورا اقتصاديا مهما لتعزيز الربط الإفريقي والدولي للمملكة.”
وأضاف موضحًا أهمية ميناء الداخلة الأطلسي باعتباره “تجسيداً للجيل الجديد من المشاريع الوطنية والإفريقية التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي في القارة، وتمكين دول الساحل الإفريقية غير المطلة على البحر من ولوج المحيط الأطلسي عبر هذا الميناء، وربطها بشبكات طرق وسكك حديدية ومناطق لوجيستية، بما يعزز التعاون جنوب–جنوب ويدعم التنمية المستدامة في المنطقة.”
وأكد أن هذه الدينامية “ساهمت في تحسين مؤشرات الاندماج المحلي ورفع جودة الحياة في الأقاليم الجنوبية، كما أسهمت في دعم الاستقرار الإقليمي وترسيخ مبادئ الجهوية المتقدمة باعتبارها رافعة أساسية للتنمية المندمجة وربط المسؤولية بالمواطنة.”
وفي محور التطورات الدبلوماسية لقضية الصحراء المغربية، قال لشكر: “على الصعيد الدولي، يشهد ملف الصحراء المغربية خلال السنوات الأخيرة تحوّلاً نوعياً في مواقف عدد من الدول. فقد أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا سيادَة المغرب على أقاليمه الجنوبية، بينما أعادت إسبانيا والبرتغال والبرغواي تأكيد مواقفها، معربة عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب منذ عام 2007. كما تزايد عدد الدول الإفريقية التي عبّرت عن دعمها للموقف المغربي من خلال فتح قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة.”
وأوضح أن هذا التحول مرتبط “بالموقع الاستراتيجي الذي تمثله منطقة الصحراء، لما له من تأثير مباشر على الأمن والاستقرار في إفريقيا وجنوب أوروبا، وبالإنجازات التنموية الميدانية وإدماج الساكنة المحلية في الحياة السياسية والاقتصادية مع احترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية.”
وفي حديثه عن دور الاتحاد الاشتراكي والدبلوماسية الحزبية، شدد لشكر على أن الحزب “انخرط بقوة في دعم هذا التوجه الوطني عبر الدبلوماسية الحزبية والتواصل المنتظم مع الشركاء الدوليين والأحزاب الصديقة، لتوضيح الأبعاد القانونية والسياسية للنزاع ومواجهة الأطروحات الانفصالية داخل المنتديات الدولية.”
وأضاف أن “هذه الجهود تندرج ضمن رؤية شاملة تعتبر أن الدفاع عن الوحدة الترابية جزء لا يتجزأ من مشروع التنمية الوطنية وتعزيز العدالة الاجتماعية، كما يرى الحزب أن تطوير أدوات العمل الدبلوماسي وبناء التحالفات السياسية الاستراتيجية يمثلان مدخلا لتعزيز حضور المغرب وقضاياه العادلة في مراكز القرار الإقليمي والدولي.”
وأشار إلى أن الداخلة أصبحت “قبلة للاستثمار الدولي، حيث تُعقد لقاءات مع مستثمرين أمريكيين وفرنسيين ومؤسسات وطنية لإطلاق مشاريع جديدة بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، ما يعزز مكانة المدينة كمنصة اقتصادية أطلسية صاعدة.”
وأكد لشكر في كلمته على أن “انعقاد المؤتمر بالداخلة، في لحظة وطنية رمزية، يؤكد عمق ارتباط الحزب بالأقاليم الجنوبية ووفاءه لثوابته الوطنية الراسخة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة. فالداخلة ليست مجرد محطة تنظيمية عادية، بل رسالة سياسية قوية تحمل دلالات استراتيجية، باعتبارها بوابة المغرب نحو إفريقيا ومجاله الأطلسي، وتجسيدًا للرؤية الملكية السامية التي جعلت من الصحراء المغربية مركز إشعاع للتعاون جنوب–جنوب، ومنصة للاندماج الاقتصادي الإفريقي المشترك.”
وختم الكاتب الأول بالقول : «الاتحاد الاشتراكي يعلن من الداخلة جاهزيته للانتقال إلى مرحلة جديدة من الفعل السياسي الوطني، قائمة على الإصغاء لنبض المجتمع وتجديد النخب وتوسيع المشاركة. فالمغرب في حاجة إلى يسار قوي وبديل تقدمي مسؤول، يضع الإنسان في صلب التنمية، ويربط بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمجالية كأفق لمغرب الغد».
من جهته عبر، السالك الموساوي، عضو المكتب السياسي وعضو مجلس المستشارين ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، في كلمته عن “اعتزازه الكبير بالحضور بين المناضلين والمناضلات في مدينة الداخلة، هذه المدينة العزيزة التي تمثل واجهة المغرب نحو إفريقيا ورمزاً من رموز الصمود الوطني.”
وقال الموساوي: “أتوجه بالشكر للسلطات المحلية على توفير الأمن لإنجاح هذا اللقاء التنظيمي والسياسي الهام. إن انعقاد هذا المؤتمر الإقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالداخلة جاء ليشكل محطة أساسية في مسار الحزب داخل هذا الإقليم، محطة هدفها الأول هو ضخ دماء جديدة في التنظيمات المحلية، وإعادة هيكلة الحزب بما يضمن له حضوراً أقوى وقدرة أكبر على مواكبة تطلعات الساكنة والتفاعل مع قضاياها.”
ونوه بما تحقق من “مشاريع ملكية كبرى في جهة الداخلة وادي الذهب، أحدثت نقلة نوعية في البنية التنموية والاقتصاد المحلي، من قبيل ميناء الداخلة الأطلسي وربط الجهة بباقي ربوع المملكة عبر الطريق السريع تزنيت–الداخلة، إضافة إلى الاستثمارات الموجهة لقطاع الصيد البحري والطاقات المتجددة.”
وأكد أن هذه الأوراش “تجعل من الصحراء المغربية قاطرة حقيقية في المسار الوطني للتنمية والاندماج الإفريقي.”
وأضاف الموساوي: “هذا المؤتمر هو أيضا رسالة واضحة إلى الرأي العام المحلي بأن الاتحاد الاشتراكي حاضر في الميدان، منفتح على جميع الطاقات والنخب السياسية والفكرية بالجهة، وقادر على تجديد نفسه باستمرار في انسجام تام مع قيمه التاريخية التي تأسس عليها.”
ثم انتقل إلى تقييم الوضع السياسي الوطني قائلاً:
“لا يمكن أن نتغاضى عن الواقع السياسي الوطني الذي يتسم اليوم بأزمة ثقة عميقة في الحكومة الحالية، حكومة أثبتت أنها ليست حكومة سياسية بالمعنى الحقيقي، بل مجرد حكومة تقنية عاجزة عن تقديم الأجوبة المقنعة لانتظارات المواطنين. حكومة أخلت بالوعود وتنصلت عن مسؤولياتها في ملفات كبرى، من أبرزها الصحة والتعليم والتشغيل. ومن هنا من الداخلة، نقول إن الاتحاد الاشتراكي لا يمكن أن يصمت أمام هذا الإخفاق، بل نؤكد أن الحكومة مطالبة بتحمل كامل مسؤوليتها تجاه ما يعانيه المواطنون.”
وأضاف: “كفاعلين في المؤسسة التشريعية، كنا شاهدين وفاعلين في التنبيه إلى الاختلالات الكبرى التي تعرفها بلادنا على المستوى الوطني، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم. قائلين وسنظل نقولها: لا يمكن لبلد يتطلع إلى المستقبل أن يبقى يعاني من خصاص في الخدمات الصحية ومن منظومة تعليمية لا تواكب حاجيات المجتمع وسوق الشغل.”
واستطرد قائلاً: “نفتح أبواب الأمل أمام أبنائنا، إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيبقى وفياً لواجبه في التنبيه والمرافعة داخل المؤسسات، وسيظل صوت المواطنات والمواطنين مهما حاولت الحكومة أن تتنصل عن مسؤولياتها.”
وأكد أن الحزب “ليس حزباً وُلد في المكاتب المغلقة أو في صالونات القرار، بل حزب وُلد في رحم الاحتجاجات، حزب تشكّل في معارك الحرية ضد الاستبداد، وناضل دائماً من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.”
وأضاف: “إن انعقاد مؤتمرنا اليوم ليس فقط لحظة تنظيمية، بل هو إعلان لإرادة جماعية، وتجديد للعهد مع الحزب ومع الوطن، وإصرار على المضي في نفس الطريق الذي رسمه مناضلو الاتحاد منذ التأسيس، طريق النضال والوفاء لقضايا الشعب ولقيم التقدم.”
وختم الموساوي كلمته بالتأكيد على أن “من الداخلة، نرفع صوتنا عالياً لنؤكد على تشبثنا بثوابتنا الوطنية وفي مقدمتها الصحراء المغربية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده. كما نؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب تحت إشراف جلالته، تبقى الحل الواقعي والعملي الوحيد لإنهاء هذا النزاع المفتعل، وتحظى بدعم ومصداقية دولية واسعة، وتشكل الإطار الأمثل لتحقيق التنمية والاستقرار في أقاليمنا الجنوبية.”


الكاتب : الداخلة: بعثة اتحاد بريس

  

بتاريخ : 09/10/2025