أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء أن إسرائيل وحركة حماس وافقتا على المرحلة الأولى من خطته لإنهاء الحرب في قطاع غزة، في اتفاق سيتم التوقيع عليه في مصر الخميس وفقا لمصدر مطلع على المفاوضات.
ويأتي هذا الإعلان بعد أيام من مفاوضات غير مباشرة جرت بعيدا عن الأضواء في منتجع شرم الشيخ بمصر وشارك فيها وسطاء أميركيون ومصريون وأتراك وقطريون لإنهاء حرب مدمرة على غزة منذ عامين.
وكتب الرئيس الأميركي في منشور على منصته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي “أنا فخور بإعلان أن إسرائيل وحماس وافقتا على المرحلة الأولى” من الخطة.
وأضاف أن اتفاقهما “يعني أنه سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن قريبا جدا وستسحب إسرائيل قواتها إلى الخط المتفق عليه، وهي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي”.
وفي منشور على منصة “إكس”، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري “يعلن الوسطاء أنه تم الليلة الاتفاق على كل بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، وبما يؤدي لوقف الحرب والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين ودخول المساعدات”.
وفي منطقة المواصي في جنوب قطاع غزة، عمت أجواء من الفرح بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات طالبا عدم نشر اسمه إن “التوقيع الرسمي” على هذا الاتفاق سيتم “في مصر، أمس، الخميس قرابة الظهر .
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أمس أنها ستجتمع لمناقشة “خطة تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين” المحتجزين في قطاع غزة منذ بدء الحرب.
وأوضحت أن الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه.
وأعلن جيش الاحتلال أن قواته تستعد لإعادة الانتشار في غزة، موضحا في بيان أنه “بدأ استعدادات ميدانية تمهيدا لتنفيذ الاتفاق … تجري الترتيبات لوضع خطة قتالية للانتقال قريبا إلى خطوط انتشار معدلة”.
وكان قال في وقت سابق إنه يستعد لتسلم الرهائن ويتأهب “لكل سيناريو”. ودعا سكان غزة إلى عدم العودة إلى شمال قطاع غزة حيث تبقى العمليات العسكرية.
وأفاد مصدر في حركة حماس فرانس برس أن المرحلة الأولى من الاتفاق تتضمن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الأحياء المحتجزين في قطاع غزة وأكثر من ألفي معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية.
وأوضح المصدر أن المعتقلين الفلسطينيين الذي ستفرج عنهم إسرائيل هم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد و1700 ممن اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف أن المرحلة الأولى ستشمل أيضا انسحابات إسرائيلية من قطاع غزة “مجدولة زمنيا”.
وذكر مسؤول فلسطيني مطلع أن الرهائن الأحياء الذين سيفرج عنهم هم عشرون إسرائيليا. وقال ترامب في مقابلة تلفزيونية إنه يعتقد أن الرهائن الإسرائيليين سيعودون الاثنين. وأكد أن بلاده ستكون جزءا من عملية حفظ السلام في غزة.
وإثر إعلان ترامب، قالت حركة حماس في بيان إنه تم “التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال منها، ودخول المساعدات، وتبادل الأسرى”.
ودعت حماس الرئيس الأميركي إلى إلزام إسرائيل “بتنفيذ استحقاقات الاتفاق كاملة، وعدم السماح لها بالتنصل أو المماطلة في تطبيق ما تم التوافق عليه”.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق، داعيا جميع الأطراف المعنية إلى “احترام بنوده بالكامل”.
وقال غوتيريش في بيان “يجب إطلاق سراح جميع الرهائن بصورة كريمة. يجب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار دائم. يجب أن يتوقف القتال نهائيا… يجب أن تنتهي المعاناة”، مؤكدا أن الأمم المتحدة مستعد ة لزيادة إمدادات المساعدات الإنسانية وللمشاركة في إعادة إعمار القطاع الفلسطيني المدمر.
وكان ترامب أعلن في وقت سابق الأربعاء أنه قد يتوجه إلى الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع، بعد أن ذكر أن المفاوضات التي بدأت قبل أربعة أيام في مصر “تسير بشكل جيد جدا”.
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء الرئيس الأميركي للحضور إلى مصر في حال إبرام الاتفاق.
وتنص خطة ترامب على وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن جميع الرهائن ونزع سلاح الحركة وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجا من القطاع.
كما تنص على أن تدير شؤون غزة لجنة فلسطينية من التكنوقراط وخبراء دوليين بإشراف “مجلس السلام” الذي سيرأسه ترامب وسيكون بين أعضائه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. ولن يكون لحماس أي دور في حكم غزة.
وكانت الحركة أكدت موافقتها على الإفراج عن الرهائن وتولي هيئة من المستقلين الفلسطينيين إدارة غزة، لكنها لم تتطرق إلى مسألة نزع سلاحها، وشددت على وجوب البحث في بنود الخطة المتعلقة بـ”مستقبل القطاع”.
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن دعمه للخطة، مؤكدا أنها تحق ق أهداف إسرائيل من الحرب.
وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، عن سقوط ما لا يقل عن 67183 فلسطينيا ضحية للعدوان، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس.
أبرز ردود الفعل على الاتفاق
رحب قادة العالم الخميس بالإعلان عن الاتفاق الذي من شأنه أن يضع حدا لحرب مستمرة منذ سنتين في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.
وفي هذا الإطار، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سعادته لما تحقق، قائلا “لقد اصطف العالم أجمع خلف هذا الاتفاق…دول كثيرة لم تكن لتخطر ببالكم…قامت بكل ما هو ضروري”.
بدوره، رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب على قطاع غزة، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطنية (وفا).
وأعرب عباس عن أمله بأن “تكون هذه الجهود مقدمة للوصول إلى حل سياسي دائم كما أعلن الرئيس ترامب، يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأشاد الرئيس الفلسطيني “بالجهود الكبيرة التي بذلها الرئيس ترمب وجميع الوسطاء مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة للتوصل إلى هذا الاتفاق في مرحلته الأولى”، مؤكدا استعداد دولة فلسطين للعمل مع الوسطاء والشركاء المعنيين لإنجاح هذه الجهود واستكمال المفاوضات في مراحلها التالية، من أجل تحقيق الاستقرار والسلام الدائم والعادل وفق الشرعية الدولية.
وشدد على ضرورة “التزام جميع الأطراف بالتنفيذ الفوري للاتفاق والإفراج عن جميع الرهائن والأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة عبر منظمات الأمم المتحدة، وضمان عدم التهجير أو الضم، والبدء بعملية إعادة الإعمار”.
أما حركة حماس فقد دعت الرئيس الأميركي إلى إلزام إسرائيل “تنفيذ استحقاقات الاتفاق كاملة، وعدم السماح لها بالتنصل أو المماطلة في تطبيق ما تم التوافق عليه”.
وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن “إقرار اتفاق لوقف إطلاق النار حاليا في غزة لا يمكن إلا أن يثير ارتياحا عاما. إننا نرحب بكل هذه الجهود” مضيفا “نأمل أن يتم التوقيع اليوم وأن تلي ذلك أفعال لتنفيذ التفاهمات”.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “إطلاق سراح جميع الرهائن بصورة كريمة” وإلى “اتفاق دائم لوقف إطلاق النار”.
وشدد على ضرورة أن “يتوق ف القتال نهائيا”، مؤكدا أن الأمم المتحدة مستعدة لزيادة إمدادات المساعدات الإنسانية وللمشاركة في إعادة إعمار القطاع الفلسطيني المدمر.
كما رحبت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالاتفاق معتبرة أنه يثير “ارتياحا كبيرا”.
وأكدت الأونروا استعدادها لإدخال مساعدات إلى القطاع تكفي لسد حاجات سكانه في ظل الأزمة الإنسانية البالغة.
وكتب المدير العام للوكالة فيليب لازاريني على إكس إن “الأونروا لديها طعام وأدوية وغيرها من الإمدادات الأساسية لغزة. لدينا ما يكفي لإطعام جميع السكان على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة”.
ورحب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس باتفاق وقف إطلاق النار، باعتباره “خطوة كبيرة نحو سلام دائم”، مؤكدا استعداد المنظمة الأممية لـ”تكثيف” مساعدتها الصحية في القطاع.
بدورها، قالت الصين إنها تأمل في حصول وقف إطلاق نار “دائم وشامل في أسرع وقت ممكن وفي تخفيف فعلي للأزمة الإنسانية والتوتر الإقليمي”.
كما أشادت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بالاتفاق واصفة إياه بـ”الإنجاز الدبلوماسي الكبير”.
وفي فرنسا، أكد الرئيس إيمانويل ماكرون أن الاتفاق يثير “أملا هائلا”، متمنيا أن يمهد “لحل سياسي” قائم على مبدأ الدولتين.
وفي ألمانيا، رحب المستشار فريدريش ميرتس بالتطورات “المشجعة”.
وفي إيطاليا، أشادت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بـ”النبأ الرائع”.
وفي إسبانيا، شدد رئيس الحكومة بيدرو سانشيز على ضرورة “توفير الدعم للمدنيين” و”عدم تكرار الفظائع التي قاسوها أبدا”.
وبدوره، أشاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالجهود الدبلوملسية “الحثيثة” التي بذلها الوسطاء والشركاء الإقليميون للتوصل إلى “خطوة أولى أساسية”.
عربيا، اعتبرت مصر، الدولة المضيفة للمحادثات، أن الاتفاق يشكل “لحظة فارقة” في حرب غزة.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن “العالم شهد لحظة تاريخية ت جسد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب” بالتوصل إلى الاتفاق بعد أيام من المحادثات في مصر، مشددا على أنه “لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غد تسوده العدالة والاستقرار”.
ورحب الأردن “بالتوصل لاتفاقية لوقف إطلاق النار في غزة والاتفاق على آليات تنفيذ المرحلة الأولى منه، وبما يؤدي لوقف الحرب وتنفيذ اتفاقية تبادل وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإدخال المساعدات الإنسانية”.
كما أشادت السعودية بالاتفاق، آملة أن يمه د إلى “سلام شامل وعادل”، مع تثمين دور الرئيس الأميركي و”جهود الوساطة التي بذلها الأشقاء في دولة قطر وجمهورية مصر العربية والجمهورية التركية”.