تنطلق بخنيفرة .. تعبئة مجتمعية لمحاصرة الهدر المدرسي وتشجيع المنقطعين على العودة إلى مقاعد الدراسة

سجلت الساحة التعليمية في خنيفرة حدثا تربويا من خلال انطلاق النسخة الجديدة من «قافلة التعبئة المجتمعية»، التي نظمتها المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في إطار تنزيل التوجهات الوطنية الرامية إلى ضمان الحق في التعليم ومحاربة الهدر المدرسي، وقد تحول اليوم الرسمي لإطلاق قافلة التعبئة إلى محطة تواصلية وتربوية، جمعت مختلف الفاعلين والمؤسسات المعنية، في مشهد يعبر عن وعي متزايد بضرورة مواصلة مكافحة الهدر المدرسي وإرجاع المنقطعين إلى صفوف الدراسة.
تأتي هذه المبادرة في سياق وطني يزاوج بين السياسات التربوية والقوانين المؤطرة لحقوق الطفل، من خلال تفعيل مضامين القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، والمشروع الخامس الخاص بتأمين التمدرس الاستدراكي، إلى جانب مقتضيات إعلان مراكش والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، كما تندرج ضمن الخطة الإقليمية للتقليص من الهدر المدرسي، المنبثقة عن خارطة الطريق 2022-2026 التي تضع المتعلم في صلب الإصلاح التربوي، عبر تعزيز فرص التعلم وتوسيع قاعدة الاستفادة من التعليم النظامي وغير النظامي.
وفي هذا الصدد، احتضن «مركز التفتح للتربية والتكوين»، بخنيفرة، يوم الخميس 9 أكتوبر 2025، فعاليات «حدث انطلاق التعبئة» بحضور المديرة الإقليمية، صفاء قسطاني، التي أعطت الانطلاقة الرسمية للقافلة، مؤكدة في كلمتها على أن النجاح في الحد من ظاهرة الانقطاع عن الدراسة يمر عبر إشراك الجميع، الأسرة، المدرسة، والمجتمع المدني، فيما شددت على أن الأنشطة الموازية ليست مجرد ترف مدرسي، بل وسيلة تربوية فعالة لصقل مواهب الناشئة وتحبيبهم في التعلم وترسيخ قيم المواطنة والانتماء.
وعرف الحدث التربوي حضور رئيس المجلس العلمي المحلي بخنيفرة، وعدد من رؤساء المصالح التربوية، وأطر التوجيه، ومديرات ومديري المؤسسات التعليمية، إلى جانب ممثلي الأسر والتلاميذ، وافتتحت الفعاليات بآيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني، لتليها كلمات توجيهية تجمع بين البعد التربوي والديني، حيث أكد رئيس المجلس العلمي المحلي، وعباس أدعوش، في كلمة له ضمن الحفل، على أن العلم هو سبيل الارتقاء البشري وأن الهدر المدرسي ظاهرة تمس جوهر التنمية الإنسانية والاجتماعية.
وفي أجواء تربوية احتفالية، قدم المتعلمون عروضا إبداعية تضمنت مسرحيات وأناشيد وأنشطة فنية ركزت على قيم الاجتهاد والمثابرة، فيما تم تكريم عدد من الأطر التربوية بمناسبة اليوم العالمي للمدرس في لحظة اعتراف وامتنان، وتخللت المناسبة جولة داخل أروقة المركز، عاين خلالها الزوار مختلف الورشات الفنية والتكوينية التي تعكس دينامية المؤسسة بتأطير أطرها، من مطويات توعوية وأعمال فنية وقصص تربوية تنقل رسالة واضحة حول مخاطر الهدر المدرسي وسلبيات الانقطاع عن صفوف الدراسة.
وكانت المديرية الإقليمية قد نظمت اجتماعا، عن بعد، يوم 8 أكتوبر مع مديرات ومديري المؤسسات التعليمية، تمت فيه الإشادة بالمجهودات المبذولة لإنجاح الدخول المدرسي 2025-2026، وتأكيد أهمية بلورة خطط عمل دقيقة لتحسين جودة التعلمات وتعزيز التواصل مع الأسر من أجل دعم المسار الدراسي للتلاميذ، كما تم تقاسم خطة العمل الخاصة بقافلة التعبئة المجتمعية التي تهدف إلى إعادة إدماج الأطفال المنقطعين وغير الملتحقين، في إطار مقاربة تشاركية تجعل من كل فاعل تربوي جزء من الحل.
وفي السياق نفسه، قامت المديرة الإقليمية، رفقة فريق عمل إقليمي، بزيارات ميدانية لمراكز الفرصة الثانية بكل من خنيفرة ومريرت، وشكلت هذه الزيارات فرصة لتسليط الضوء على أهمية هذه المراكز باعتبارها جسورا ثانية تمنح المتعلمين فرصة جديدة للعودة إلى مسار التعليم، عبر برامج تكوينية ومهنية تسهم في تأهيلهم للاندماج في سوق الشغل والحياة الاجتماعية، ومن خلال إطلاق «قافلة التفتح والإبداع» بالمركز المذكور، وجهت الدعوة إلى المتعلمين لاكتشاف طاقاتهم والانخراط في الأنشطة الموازية.
وفي نفس الإطار دائما، تواصلت جهود محاربة الهدر المدرسي إقليميا، حيث بادر مستفيدات ومستفيدو مركز الفرصة الثانية الجيل الجديد النهضة بمريرت، يوم الخميس 9 أكتوبر 2025، إلى تنظيم نشاط تحسيسي تحت شعار «كيفما كانت الظروف مانفرطش في قرايتي»، جابوا خلاله محيط المؤسسات التعليمية لحث الأسر على إعادة إدماج الأطفال غير المتمدرسين، في مبادرة تعكس الدور الفعال للمجتمع المدني في دعم التعليم وتشجيع التمدرس ونشر الوعي بأهميته.

 


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 15/10/2025