ناقشت ندوة «التعددية القطبية – تحديات الجنوب العالمي» الاحتكار الذي تمارسه دول الشمال للقرار العالمي، وما يطرحه الأمر من تحديات على دول الجنوب خاصة على مستوى سيادة الدول، وخطر التيارات والحركات الانفصالية التي تهدد وحدة الدولة الوطنية، وهي التعددية التي اعتبرها عضو المكتب السياسي وعضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مشيج قرقري وهو يسير هذه الندوة، ركيزة من ركائز الفكر التقدمي والتي تستتبعها بالضرورة المشاركة في رسم معالم النظام العالمي متعدد الأطراف الذي يرفض احتكار القرار وفرض الأحادية القطبية.
القرقري أشار أيضا الى أن هذه التحديات تفرض اليوم على دول الجنوب تشكيل جبهة حقيقية تؤمن بأن النظام العالمي لن يستقيم إلا باحترام سيادة الدول، خاصة وأن دول الجنوب تواجه تحديات التفتيت والتجزيء.
حين تصير السلطة بديلا عن الدولة
اعتبر جورج صبرة عن حزب الشعب الديمقراطي السوري، وهو يستعرض مسار التجربة السورية لحوالي 100سنة منذ النظام الملكي مرورا بنظام الحزب الواحد البعثي إلى الدولة الفئوية، اعتبر أن السلطة حين تصير بديلا عن الدولة وأجهزتها، فإن مصالح المواطنين وقضايا الامن والتنمية تتراجع في سلم الأولويات.
ولفت صبرة الى أن التحدي المطروح اليوم على دول الجنوب هو الإجابة عن سؤال: كيف يمكن أن تكون الدولة وطنا لأبنائها، أي دولة مواطنة للحاكم والمحكوم؟ دولة تنتقل من دولة الرعية الى دولة المواطنة، خاصة في دولة تتجاهل إرادة شعبها بل وتزوّرها.
إن التحدي اليوم في سوريا، يقول المتدخل، هو استعادة مرحلة سوريا الليبرالية الديمقراطية التي انتعشت فيها الصحافة الحرة والقانون والحياة الحزبية والمجتمع المدني، متسائلا عن البدائل المطروحة من أجل تحقق هذه الاستعادة، بدائل تكون فيها السياسة بديلا عن العنف والتوافق بديلا عن الإكراه، في دولة تحتضن وتدبر تعددها المناطقي والطائفي والإثني باحترام التعددية وتوسيع دائرة المشاركة على قاعدة الكفاءة بدل المحاصصة، مع الحرص على مبدأ المساءلة عبر الدستور والقانون.
ولم تفت المتدخل الإشارة الى التحديات الخارجية التي تجعل منطقة الشرق الاوسط ملعبا لقوى إقليمية تسعى إلى الهيمنة ممثلة في إيران وإسرائيل وتركيا، معتبرا أن التحدي الأكبر اليوم هو التحدي الإسرائيلي الذي بدت أطماعه في التوسع خارج غزة لتصل الى قطر وسوريا واليمن ولبنان.
البديل الاشتراكي في مواجهة الليبرالية المتوحشة
من جهتها، استعرضت أستاذة القانون الدولي والنائبة البرلمانية وعضو المكتب السياسي للحزب، مليكة الزخنيني، تفرد التجربة المغربية التي كانت عصارة صراع ونضال طويل مع نظام الحماية والاستعمار، ما جعله يدرك مبكرا حقه في تملك مؤهلاته وقراره السيادي، تعزز موقفهَ حركيةُ قواه الوطنية التي ارتبطت بالقضايا العادلة واستتباب الأمن والسلم طريقا لتعزيز الديمقراطية. ولفتت الزخنيني الى أن المشروع التقدمي المغربي، ممثلا في اليسار، وعى مبكرا أهمية العمل المؤسساتي العالمي بالانخراط في حركة عدم الانحياز وقمة القارات الثلاث بقيادة الشهيد النهدي بنبركة هذا الانخراط أملاه أيضا انتماء المغرب الجيوسياسي( الإسلامي والافريقي والعربي)، وتفاعله مع مختلف الثقافات والحضارات ثم محاولات التدخل في سيادته الترابية، وهو ما دفعه للبحث عن قنوات وآليات تتملك عبرها الدول قرارها السيادي وسط عالم متموج ونظام دولي جديد “قائم على تهميش المنظمات الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، وقائم أيضا على رؤية قطبية أحادية تؤمن فقط بمنطق الخسارة والربح”.
إن الوعي بالعمق الإفريقي للمغرب ووحدة المصير ، تقول الزخنيني، هو ما جعل المغرب يطرح مبادرات رائدة تقدم إمكانات هائلة لتعاون جنوب-جنوب من أجل انعتاق هذا الفضاء المهمش، مبادرات تمثلت في طلب الانضمام الى مجموعة غرب إفريقيا، ثم المبادرة الاطلسية التي هي خلاصة تفكير يجسد معنى التعاون وإتاحة الفرصة لتكامل الجهود بالقارة الافريقية، ثم مبادرة أنبوب الغاز” المغرب – نيجيريا”، لتخلص الى القول بأن التجربة المغربية في مجال التعاون تتميز برياديتها كونها “مبنية على تراكم من داخل إطار بناء الدولة”، عبر مبادرات استشرافية واستباقية للتحولات الدولية المتسارعة في “عصر العولمة الرقمية الافتراضية التي تتجاوز بكثير العولمة الرقمية”.
وفي إشارة إلى تراجع دور المنظمات الدولية أمام استفراد الدول الكبرى بالزعامة، اعتبرت الزخنيني أن الأمل اليوم معقود على “جيل جديد من الأفكار التي ستُخرج العالم من الاستفراد الليبرالي المتوحش”، وهي الأفكار التي يطرحها البديل الاشتراكي اليوم بما يقدمه من إمكانات للاستدامة والإجابة عن مختلف الإشكالات اليوم كالهجرة والفقر والتغيرات المناخية للخروج من هذا العالم الذي أثبتت الليبرالية المطلقة أنها ” أدخلت به الإنسانية الى مرحلة حرجة من تاريخها”.
يسار مبدئي وموحد
يرى عضو التحالف اليساري في الأورغواي، والعضو في حزب الفضاء الجديد” رفاييل متشيليني، أن التحديات المطروحة اليوم على الجنوب المعولم انطلقت منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي، وتسيد الغرب واحتقاره للجنوب، وتتواصل اليوم بالعجرفة الامريكية وظهور الدول المارقة الضاربة عرض الحائط كل المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية كما يحصل في الشرق الأوسط اليوم من إبادة للشعب الفلسطيني، وكل ما جرى وسط صمت العالم الذي جاء رده متأخرا، مشيدا ومنوها بموقف الحكومة الاسبانية الذي رفع فيه رئيس الأممية الاشتراكية بيدرو سانشيز، السقف عاليا بخصوص رفض الإملاءات الأمريكية حول ميزانية التسلح والموقف المشرف مما يقع في غزة.
إن هذه الواقع المأزوم بدول الجنوب اليوم يزيده استفحالا ظهورُ الحركات الشعبوية، وعجز شعوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية عن توحيد شعوبها.
كل هذه الأوضاع جعلتنا اليوم نعيش في عالم أكثر تعقيدا ما يضع دول الجنوب وجها لوجه أمام معضلاتها ومشاكلها، التي لن تحل إلا بعودة الأحزاب اليسارية الى مبادئها المؤسِسة، والعمل على فكرة توحيد اليسار وتقوية صفوفه.
الحقوقي الأورغواني يرى أن قضايا المساواة والحرية لا تفاوض حولها، وأن التشبث بالمبادئ هو السبيل لبناء عالم يعمه السلم وتتاح فيه الفرصة للجميع للتمتع بحد أدنى من الحقوق عكس ما نعيشه اليوم من مجتمع اللاتكافؤ.
وبخصوص قضايا النوع الاجتماعي يرى رفاييل أن التطبيق متعثر خاصة في العالم العربي، لذا يجب ان يكون هناك التزام محلي قبل الالتزام المعولم في ما يخص قضايا النساء وهذا لن يتم دون وجود مؤسسات دولية ومنظمات إقليمية وتشريعات قانونية من أجل مساواة فعلية.
رسالة تضامن ودعم للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من الكوبّال
بعث السيناتور أليخاندرو مورينو كارديناس، رئيس المؤتمر الدائم للأحزاب السياسية في أمريكا اللاتينية والكاريبي (كوبّال – COPPPAL)، رسالة تضامن إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الثاني عشر، وجاء في الرسالة أن “كوبّال تقدّر، باعتبارها أكبر منظمة تضم الأحزاب التقدمية في أمريكا اللاتينية والكاريبي، صداقتكم العميقة. فنحن نتقاسم معكم ليس فقط الرؤية المشتركة لعالم أكثر عدلاً، بل أيضًا النضال اليومي من أجل الديمقراطية الاجتماعية والدفاع عن الحريات”. مبرزا أن “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمغرب يمثل ركيزة أساسية للفكر التقدمي في منطقة المغرب العربي وإفريقيا. ومسيرته الطويلة والمشرفة تشهد على مثابرته في بناء مغرب حديث، تعددي ومنصف. ويؤكد انعقاد هذا المؤتمر، في ظل الظروف الدولية الراهنة، على التزام الاتحاد الاشتراكي بالقيم الديمقراطية وبالتجديد الفكري والسياسي”. وأضافت الرسالة “بالنسبة إلى كوبّال، فإن تقوية العلاقات مع الأحزاب الشقيقة مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أمر جوهري. ولهذا، يسعدنا أن نعلن انضمام الاتحاد الاشتراكي حديثًا إلى منظمتنا كعضوٍ مشارك، وهو الانضمام الذي صودق عليه مؤخرًا وسيُعرض قريبًا على الجمعية العامة للمؤتمر الدائم للمصادقة النهائية”. وأضافت الرسالة “نحن نؤمن بقوة بأن وحدة التقدميين تتجاوز الحدود الجغرافية، ففي عالم يزداد ترابطًا، تتقاطع تحديات أمريكا اللاتينية والكاريبي مع تحديات المنطقة العربية والإفريقية. علينا جميعًا أن نرفع صوتنا في مواجهة الاستبداد، والشعبوية الرجعية، والاستقطاب السياسي الذي يهدد مؤسساتنا الديمقراطية. فالديمقراطية ليست هدفًا تم بلوغه، بل مهمة يومية تتطلب مؤسسات قوية وتوازنات فعالة، وقبل كل شيء مشاركةً مواطِنة فاعلة. ينبغي للحركات التقدمية أن تكون في طليعة النضال من أجل العدالة الاجتماعية، من خلال تبني سياسات تقاوم الفقر، وتدعم العمل الكريم، وتضمن الحق في التعليم والصحة للجميع، وتحمي الفئات الأكثر هشاشة. ومن الضروري أيضًا الدفع نحو رؤية أقوى للتعاون جنوب-جنوب. فالمغرب، بما يمثله من جسر جغرافي وثقافي بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي، إلى جانب كوبّال التي تمثل الصوت الواسع للأمريكتين، قادران على أن يكونا حليفين استراتيجيين في تعزيز التنمية المستدامة والسلام والاستقرار العالمي. صحيح أننا في أمريكا اللاتينية والكاريبي نواجه تحديات كبرى مثل اللامساواة والفقر والعنف، غير أننا نؤمن بقدرتنا على بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافًا، قائمة على الديمقراطية والمشاركة الشعبية. وتعمل كوبّال على ترسيخ الديمقراطية وتعزيز العدالة الاجتماعية، ليس في منطقتنا فحسب، بل في العالم أجمع، التزامًا منها ببناء مستقبل أكثر ازدهارًا وعدلاً لجميع الشعوب. ندرك أن هذا المؤتمر يشكل فضاءً للتفكير العميق والتجديد، ونحن في كوبّال نتابع باهتمام نقاشاتكم واقتراحاتكم، لأن تجربة الاتحاد الاشتراكي، الذي يشارك في الائتلاف الحكومي مع حفاظه على هويته الاشتراكية ومشروعه التحديثي، تمثل نموذجًا قيّمًا. ونقدّر عالياً جهودكم في التكيّف مع التحولات دون التخلي عن المبادئ المؤسسة التي منحت الحزب حياته وديمومته”.
وشددت الرسالة على أن “السيناتور أليخاندرو مورينو، ومعه أكثر من 75 حزبًا سياسيًا ضمن كوبّال، يؤكدون التزامهم الثابت تجاه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمغرب، وتجاه كل القوى التقدمية في العالم. ليكن هذا المؤتمر الثاني عشر منارةً للأفكار الجديدة، تعزز الاتحاد الاشتراكي وتوطد علاقات الصداقة والتعاون بين القوى التقدمية، وفي مقدمتها كوبّال، لأن منظمتينا تتقاسمان نفس القيم والمبادئ: الدفاع عن الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، والتضامن الدولي. في عالم يزداد تعقيدًا وتحديًا، تبقى التعاون والتضامن بين القوى التقدمية أمرين أساسيين لمواجهة التحديات العالمية، والسير نحو تنمية أكثر عدلاً وإنصافًا. التضامن والوحدة هما مصدر قوتنا!”.
الديمقراطية و التدخلات الخارجية بالعراق
في كلمته خلال الندوة الثانية، أكد رحيم ريزكر، سكرتير الحزب الكردستاني في العراق، أن التعددية تعدّ سِمة جميلة من سمات المجتمعات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، غير أن هناك من لا يتقبل هذا التنوع الطبيعي في الهويات والانتماءات.
وأوضح أن العراق في عشرينيات القرن الماضي كان يعيش تعايشا سلميا حقيقيا بين جميع مكوناته، حيث لم يكن أحد يسأل عن عرق الآخر أو طائفته أو ديانته، لكن بعد مرور قرن من الزمن تغيّر الوضع، مما أثر سلبا على العملية السياسية.
وأشار إلى أن الديمقراطية يجب أن تُستوعب من الجميع، منتقدا سلوك بعض الأحزاب التي “تؤمن بالديمقراطية عندما تكون في المعارضة، لكنها تتنكر لها عندما تصل إلى السلطة”.
كما لفت الانتباه إلى أن التدخلات الخارجية أثرت بشكل كبير على التعددية في العراق، وأضعفت العملية السياسية والديمقراطية، التي لا تزال تواجه تحديات عديدة.
وبخصوص مشاركة النساء، قال ريزكر إن كردستان العراق تعرف حضورا نسويا في العملية السياسية، لكنه لا يزال غير كاف، داعيا إلى تغيير العقليات وتفعيل نظام الكوطا بشكل فعلي، لأن “العديد من النساء لا يعلمن بما يجري في مواقع القرار رغم وجودهن في المؤسسات”.
وأضاف أن الدستور لا يُطبَّق كما ينبغي في كردستان العراق، مشيرا إلى أن من يستولي على السلطة غالبا ما يغير شعاراته بعد وصوله إلى الحكم، وهو ما يضعف الثقة في المؤسسات.
وأكد أن الوحدة الوطنية تُبنى عبر احترام الدستور، وتقديم الخدمات للمواطنين، وسنّ القوانين العادلة، وفتح الأبواب أمام النساء والشباب ليكون لهم نصيب في القرار والمستقبل.
كما انتقد الأوضاع الحالية، معتبرا أن “الجيل الجديد خرّب الكثير مما بناه الجيل السابق”، محذرا من أن فقدان المواطن لثقته في المؤسسات يجعله يشعر بالغبن والظلم.
وختم مداخلته بالتنبيه إلى أن فكر داعش ما يزال حاضرا في بعض مناطق المجتمع العراقي، وهو من أخطر التحديات التي تواجه البلاد إلى جانب الفقر، والبطالة، والفساد، معبرا عن أمله في أن تُمثل الانتخابات المقبلة محطة جديدة لتصحيح المسار وبناء الثقة.
دستور عراقي متقدّم وهيمنة للطائفية
في كلمته ضمن الندوة الثانية حول التعددية القطبية وتحديات الجنوب العالمي، أشار كاظم الرافعي من دولة العراق إلى أن بلاده عرف عبر تاريخه فترات شهدت وجود أحزاب سياسية، غير أن الديمقراطية لم تُمارس فيها بالشكل الصحيح.
وأوضح أن الاقتصاد العراقي كان يقوم على النفط والإقطاع، في وقت كانت فيه الأنشطة السياسية تُمنع من قبل الحكومة، مما حال دون تطور تجربة ديمقراطية حقيقية.
وأضاف أن انقلاب سنة 1958 أدخل البلاد في مرحلة الحكم العسكري التي استمرت حتى سنة 1968، حيث برز نظام الحزب الواحد المتمثل في حزب البعث، وهو نظام – كما قال – “لم يكن يؤمن بالديمقراطية أو بالتعددية السياسية”.
وأشار الرافعي إلى أن العدوان الأمريكي على العراق غيّر نظام البعث، لكنه أتى بـنظام جديد يقوم على المحاصصة السياسية والطائفية، وهو ما عمّق الانقسامات بدل تجاوزها.
كما نوّه إلى أن دستور سنة 2005 يُعتبر من أكثر الدساتير العربية تقدما فيما يخص الحريات وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الفصل الخاص بتمثيلية النساء، الذي ينص على نسبة لا تقل عن 25 في المئة، يُعدّ من أبرز إنجازاته، وقد تم بالفعل تجاوز هذه النسبة في الدورة الحالية، وهو ما يعكس تقدّم الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة العامة.
غير أن الرافعي أسف لأن هذا الدستور، رغم تقدّمه، تُهيمن عليه في التطبيق أحزاب الإسلام السياسي التي تستعمل نظام المحاصصة الطائفية كأساس لتقاسم السلطة، مما جعل الدستور، في نظره، “يتسم بطابع الطائفية بدل أن يكون مرجعا للوحدة الوطنية”.
كما أشار إلى أن الحملة الانتخابية المقرّرة في الحادي عشر من الشهر القادم اتسمت منذ بدايتها باستعمال المال الفاسد، موضحا أن الأحزاب السياسية منذ سنة 2003 تمكّنت من التحكم في رأس المال واستعماله في شراء الذمم والتأثير على الناخبين.
وأكد أن الإنسان العراقي والحزب الذي ينتمي إليه يرفضان المشاركة في انتخابات بهذه الظروف، لأن العراق يعيش وضعا غير مريح، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في ظل تراجع الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
وختم المتدخل مداخلته بالتشديد على أن إصلاح الوضع في العراق يتطلب إرادة سياسية حقيقية، تعيد للديمقراطية معناها، وتقطع مع الفساد والمحاصصة
اليمن: الصراعات الداخلية وأثرها على الديمقراطية والحقوق
أكدت لولة عبد الكريم، عضو اللجنة المركزية بالحزب الاشتراكي اليمني، في مداخلتها أن الجنوب العالمي يعاني، مشيرة إلى أن الاستعمار البريطاني لم ينته بذهابه، بل تحوّل إلى صراعات داخلية مستمرة بدأت منذ تسلّم فصيل واحد الحكم وإزاحة بقية الفصائل.
وفي عرضها لتجربة حزبها، لفتت المتدخلة إلى أن الجنوب اليمني شهد طفرة نوعية على مستوى حقوق النساء، بظهور قاضيات ومهندسات، لكن ما حصل بعد انهيار المعسكر الاشتراكي شكّل ردة على كل المكتسبات، إذ تم محاربة جميع الأحزاب اليسارية وتقزيم حضورها، ما دفع الحزب الاشتراكي اليمني إلى الدخول في وحدة مستعجلة وغير مدروسة مع أحزاب أخرى، أدت إلى صراعات منذ 1994، وجعلت اليمن يدخل في مربع الصراعات السياسية بالوكالة، خاصة المرتبط بالمربع الإيراني.
وأوضحت أن هذه الصراعات أُذكتها الأهمية الاستراتيجية لليمن وموارده من آثار ومعادن، التي أُهدر استغلالها بين الفصائل وتجار الحروب. وأشارت إلى أن اليمن، رغم عدم معاناته من الطائفية أو المذهبية تاريخيا، فإن الحوثيين أذكوا اليوم هذه الطائفية، التي تحولت إلى عبودية الشعب.
كما لفتت لولة عبد الكريم إلى أن كل هذه المعطيات، إضافة إلى التغير المناخي وضعف سيادة القانون، جعلت اليمن اليوم ضعيفا بفعل الصراعات المستمرة والفساد المستشري في دواليب الدولة.