في إنجاز غير مسبوق .. أشبال الأطلس يكتبون التاريخ بالشيلي ويصعدون إلى قمة العالم

دخل المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة التاريخ من أوسع أبوابه، عقب تتويجه بلقب كأس العالم لكرة القدم (الشيلي 2025) للمرة الأولى في تاريخه، بعد فوز مستحق على المنتخب الأرجنتيني، صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب (6)، بهدفين دون رد، في اللقاء النهائي الذي احتضنه الملعب الوطني خوليو مارتينيز برادانوس بالعاصمة سانتياغو، أمام أزيد من 43 ألف متفرج.
وجاء تتويج الأشبال بفضل تألق المهاجم ياسر الزابيري، لاعب نادي فاماليكاو البرتغالي، الذي هز الشباك الأرجنتينية في الدقيقتين 12 و29 من الشوط الأول، ليقود رفاقه إلى إنجاز غير مسبوق، ويرفع رصيده إلى خمسة أهداف في البطولة، متصدرًا ترتيب الهدافين إلى جانب الأمريكي بنجامين كريماشي، والكولومبي نيسير فياريال، والفرنسي لوكا ميشال.
وبهذا التتويج، أصبح المغرب أول منتخب عربي يحرز اللقب العالمي، متخطيا إنجاز قطر، التي بلغت النهائي عام 1981 قبل أن تخسر أمام ألمانيا الغربية (0 – 4)، كما بات ثاني منتخب إفريقي يحقق هذا الإنجاز، بعد غانا التي ظفرت بلقب نسخة 2009 بمصر على حساب البرازيل بضربات الترجيح (4 – 3)
ولم يكن طريق الأشبال الأطلس نحو المجد مفروشًا بالورود، حيث أطاحوا بكبار اللعبة في طريقهم إلى النهائي. فقد تغلبوا على إسبانيا بطلة نسخة 1999، والبرازيل صاحبة خمسة ألقاب، في دور المجموعات، قبل أن يقصوا كوريا الجنوبية في ثمن النهائي، والولايات المتحدة في ربع النهائي، ثم فرنسا بطلة نسخة 2013 في نصف النهائي، ليضيفوا الأرجنتين إلى لائحة الضحايا في المباراة النهائية.
كما تُوِّجت هذه المسيرة الذهبية بما يُعد امتدادًا لنجاحات الكرة المغربية في السنوات الأخيرة، بعد إنجاز المنتخب الأول في مونديال قطر 2022 (بلوغ نصف النهائي) ثم إحراز الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024.
وبدأت العناصر الوطنية اللقاء النهائي بثقة عالية، وفرضت أسلوبها التكتيكي القائم على التنظيم الدفاعي الصلب والهجمات المرتدة السريعة. وكانت أولى الفرص الخطيرة في الدقيقة الخامسة عندما انطلق الزابيري من الجهة اليمنى وتعرض لإعاقة من الحارس الأرجنتيني سانتينو باربي عند حافة منطقة الجزاء. وبعد الرجوع إلى تقنية الفيديو “VAR”، احتسب الحكم الإيطالي ماوريسيو مارياني خطأ مباشرا للمنتخب المغربي، نفذه الزابيري بإتقان ليضع الكرة في الزاوية اليمنى البعيدة، معلنًا عن الهدف الأول (د 12).
وحاول المنتخب الأرجنتيني العودة في النتيجة بضغط مكثف، غير أن الدفاع المغربي وقف سداً منيعاً أمام جميع المحاولات.
ومن هجمة مرتدة خاطفة، قادها النشيط عثمان معما (مهاجم واتفورد الإنجليزي)، أرسل كرة عرضية متقنة ترجمها الزابيري بتسديدة مباشرة إلى الهدف الثاني (د 29)، وسط دهشة الدفاع الأرجنتيني.
وفي الشوط الثاني، ضاعف منتخب“التانغو” ضغطه الهجومي، لكن يقظة الحارس إبراهيم غوميز وتألق الخط الخلفي المغربي حرما الأرجنتينيين من تقليص الفارق.
وأجرى المدرب محمد وهبي تغييرات تكتيكية مدروسة، أبرزها إدخال سعد الحداد مكان ياسين خليفي (د 62)، لضخ دماء جديدة وتعزيز الصلابة الدفاعية.
ورغم الهجمات المتتالية للأرجنتين، ظلت النتيجة على حالها حتى صافرة النهاية، التي أعلنت المغرب بطلاً للعالم لأول مرة في فئة أقل من 20 سنة، وسط فرحة عارمة في صفوف اللاعبين والجماهير.
وبهذا التتويج، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كقوة صاعدة في كرة القدم العالمية، حيث يجمع بين الطموح، الانضباط، والتكوين العصري، ليؤكد أن المستقبل ينتمي لـ“أشبال الأطلس” الذين كتبوا صفحة جديدة من المجد الكروي المغربي.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 21/10/2025