قرار مجلس الأمن 2797 ثمرة للجهود الدؤوبة لجلالة الملك والانخراط الشخصي لجلالته في هذه القضية
في لقاء خاص بثته القناة الثانية أول أمس السبت، قدّم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، معطيات جديدة حول كواليس التصويت على القرار رقم 2797 المتعلق بالصحراء المغربية داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وأوضح بوريطة أن أحد الأعضاء الدائمين في المجلس كانت له طلبات خاصة تجاه حامل القلم، مشيراً إلى أن تأجيل التصويت على القرار الأممي كان مرتبطاً في جزء منه بـ“اعتبارات تقنية” مرتبطة بصياغة النص وتوازن المواقف داخل المجلس.
وأضاف الوزير أن جلالة الملك محمد السادس تدخل بشكل مباشر في مراحل حاسمة من المداولات، من خلال اتصالات مع عدد من قادة الدول، ساهمت في ترجيح الكفة لصالح الموقف المغربي وتعزيز التوافق حول مضامين القرار، الذي أكد مجدداً وجاهة مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحلّ وحيد وواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
كما كشف ناصر بوريطة، أن تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة كاملة جاء في سياق دولي دقيق، موضحاً أن تصور المملكة بخصوص المينورسو مرتبط بشكل وثيق بمسار الحل السياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأوضح بوريطة أن البعثة الأممية تُعد هيئة مساندة لعمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وأن المغرب لم يكن في أي وقت يسعى إلى تفكيكها، بل يعتبرها آلية مواكِبة للمسار الأممي .
وأشار الوزير إلى أن الأمم المتحدة تواجه حالياً تقليصاً مهماً في ميزانيات عمليات حفظ السلام، بلغ حوالي 22 في المئة على مستوى المينورسو، بسبب امتناع الولايات المتحدة عن تمويل هذه المهام، مبرزاً أن هذا التقليص انعكس مباشرة على الموارد اللوجستية للمينورسو التي «ستفقد إحدى المروحيات المستخدمة في تنقلاتها الميدانية ضمن إجراءات التقشف الجارية»
وأضاف أن مسار التفاوض اليوم لم يعد محدوداً في ثلاثة أشهر كما كان سابقاً، بل يمتد إلى سنة كاملة، في انسجام مع طبيعة القرار الأممي الجديد الذي يمنح للأطراف متسعاً زمنياً لتكثيف المشاورات.
وفي ما يتعلق بصيغة القرار، شدد بوريطة على أن التعديلات التي شملته لم تكن مفاجئة ولا جذرية، موضحاً أن 90 في المئة من التغييرات كانت متوقعة .
كما أكد بوريطة، أن جلالة الملك محمد السادس، لا ينظر إلى ما جرى في مجلس الأمن الدولي من اعتماد للقرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية باعتباره «انتصارًا» أو مناسبة لتأجيج الصراع، بل كلحظة مسؤولية وتبصّر سياسي تعكس الرؤية الملكية الواضحة في إدارة هذا الملف.
وأوضح بوريطة، أن جلالة الملك شدد على مبدأ «لا غالب ولا مغلوب»، مؤكدًا أن الرهان اليوم هو على الحوار الصادق مع الجزائر وطي صفحة الخلافات خدمةً لمستقبل مشترك بين الشعبين الشقيقين.
وأضاف الوزير أن المغرب أقرب اليوم من أي وقت مضى إلى تحقيق الانفراج الإقليمي، مشيرًا إلى أن ما تحتاجه المرحلة هو إرادة سياسية حقيقية من الجانبين، مبرزًا أن غياب أي معارضة داخل مجلس الأمن للقرار الأممي الأخير سيبقى موثّقًا في أرشيف الأمم المتحدة، باعتباره لحظة توافق دولي نادرة تؤكد وجاهة المقاربة المغربية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأكد بوريطة أيضا، أن موقف جلالة الملك محمد السادس الرامي لتحيين مبادرة الحكم الذاتي يرمي مواكبة التطورات التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة على المستويين الدستوري والمؤسساتي.
وأوضح بوريطة أن المبادرة المغربية المقدمة سنة 2007 جاءت في سياق دولي وإقليمي خاص، لكنها اليوم، بعد مرور ما يقارب عقدين من الزمن، بحاجة إلى تفصيل أدق على مستوى الأجهزة والاختصاصات، حتى تواكب الدينامية التي تعرفها البلاد.
وأضاف الوزير أن التحولات الكبرى التي شهدها المغرب، من ضمنها دستور 2011 الذي أرسى أسس الجهوية المتقدمة، وميثاق الجهوية الموسعة لسنة 2015، إلى جانب النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية (2015) وتقرير النموذج التنموي الجديد (2021)، كلها مكونات تؤسس لمرحلة جديدة يمكن أن تُغني مبادرة الحكم الذاتي وتمنحها أبعاداً مؤسساتية أكثر وضوحاً.
من جهة أخرى، أكد بوريطة أن قرار مجلس الأمن 2797 حول الصحراء المغربية ثمرة للجهود الدؤوبة لجلالة الملك محمد السادس خلال ال 26 سنة الأخيرة، والانخراط الشخصي لجلالته في هذه القضية.
وقال إن جلالة الملك، ومنذ اعتلائه العرش، بدأ الاشتغال على الخروج من مخطط «التسوية والاستفتاء صعب التطبيق» الذي يبقى دون نتيجة، حيث تقدم المغرب بمخطط الحكم الذاتي في 2007، قبل أن ينتقل جلالته لجعل الحكم الذاتي الأساس المؤطر للنقاشات حول الصحراء، ثم كمخطط تدافع عليه القوى العظمى.
وقال بوريطة إن مقاربة جلالة الملك، بهذا الخصوص، تنبني على رؤية واضحة، وتأن استراتيجي، مما مكن من تحقيق اعترافات دول وازنة بمغربية الصحراء كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بفضل المتابعة اليومية من جلالته لهذه القضية، والتدخل والتفاعل المباشر من جلالته مع قادة الدول بشأن هذا الملف.
وسجل أن مقاربة جلالة الملك محمد السادس في مواجهة كل التحديات القائمة، تعتمد أهدافا مرحلية ، «وهي مقاربة مبنية على المصداقية والعمل، بما يحقق الثقة مع الشريك والمخاطب».
وأضاف الوزير أن الرؤية الملكية المستنيرة، مكنت من الاشتغال مع الدول الأوروبية الكبرى، كقوى مؤثرة في موضوع الصحراء، بحكم معرفتها الجيدة بالمنطقة وبالجذور التاريخية للملف وأسسه الجيوسياسية.
واستحضر بوريطة الزيارات التي قام بها جلالة الملك لعدد من الدول الإفريقية التي كانت تعترف بال»الجمهورية المزعومة»، قبل أن تغير هذه الدول مواقفها وتعترف بمغربية الصحراء، مبرزا في هذا الصدد عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي في2017. وسجل أنه تم اعتماد نفس الاستراتيجية مع الدول الأوروبية التي أصبح عددها اليوم 23 دولة من الاتحاد الأوروبي التي تؤيد مبادرة الحكم الذاتي المغربي.
وفي الجانب الاقتصادي، سلط بوريطة الضوء على المكاسب التي تم تحقيقها في علاقة مع ملف الصحراء المغربية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لان-داو قال، في الفترة الأخيرة، إن الحكومة الأمريكية تشجع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية، كما أن المغرب وقع في 4 أكتوبر الماضي الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي، والذي يسمح بدخول المنتجات الفلاحية من الأقاليم الجنوبية إلى السوق الأوروبية، وفي 9 أكتوبر شاركت فرنسا في المنتدى الاقتصادي المغربي الفرنسي، بالداخلة، لاستكشاف فرص جديدة للتعاون بين البلدين. وأضاف أنه في 17 أكتوبر وقعت روسيا اتفاق الصيد البحري الذي يشمل الأقاليم الجنوبية للمملكة، إلى جانب المبادرة المهمة التي تسمح لدول الساحل للولوج إلى المحيط الأطلسي.
وأبرز بوريطة في هذا الصدد أن تصويت 31 أكتوبر بمجلس الأمن كان أيضا تصويتا على «مغرب محمد السادس وبما قام به من إصلاحات « وما تحقق من تقدم كبير في عدد من القضايا كوضعية المرأة والتنمية المستدامة، وكذا بالنظر لمصداقية جلالته ومكانته على المستوى الدولي. وقال إنه ولأول مرة، «يتعلق الأمر بقرار أممي يتحدث عن السيادة المغربية على الصحراء المغربية، أي أن الحكم الذاتي أصبح حلا وليس مقترحا كما كان في القرارت السابقة «، معتبرا أن الأمر يتعلق ب»قرار تاريخي» حيث لم تصوت أي دولة ضده.

