تخريب ملاعب كرة السلة بعين السبع قبل افتتاحها… عبث يطرح أسئلة حول وعي المدينة

في مشهد مؤسف أثار استياء ساكنة الدار البيضاء، تعرضت ملاعب جديدة لكرة السلة بحي عين السبع لعملية تخريب من طرف مجهولين، وذلك قبل أيام قليلة من موعد افتتاحها الرسمي. هذا المشروع الذي كان يُفترض أن يشكل متنفسًا رياضيًا جديدًا لشباب المنطقة، تحوّل فجأة إلى صورة موجعة لغياب الوعي الجماعي والمسؤولية المشتركة في الحفاظ على الفضاءات العمومية.
كانت الملاعب، التي أنجزت في إطار مشروع تنموي يروم النهوض بالبنيات الرياضية في الأحياء الشعبية، على وشك فتح أبوابها أمام عشاق كرة السلة والرياضة عمومًا. غير أن أيادي التخريب امتدت إليها ليلا، لتطال تجهيزاتها الجديدة وأرضيتها. صور وفيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثقت حجم هذا التخريب وأظهرت استغراب المواطنين الذين لم يستوعبوا كيف يمكن أن يُعتدى على فضاء لم يزل بعد في طور الافتتاح.
ما حدث في عين السبع لا يمكن اختزاله في “فعل تخريبي عابر”، بل هو مؤشّر على أزمة سلوك حضري لا تزال تتكرر في عدد من المدن المغربية. فكم من ساحة أو حديقة أو ملعب جديد سرعان ما يتحول إلى ركام بسبب غياب الوعي بأهمية المرفق العام، وضعف التربية على المواطنة، وغياب الإحساس بالانتماء إلى الفضاء المشترك. إن هذا النوع من التصرفات لا يمس فقط بالبنايات والمعدات، بل ينسف الثقة بين المواطن والمؤسسة، ويزرع شعورا بالإحباط لدى كل من يؤمن أن التغيير يبدأ من الفضاء العمومي النظيف والآمن.
يُجمع المراقبون على أن جزءا من المشكلة يعود إلى غياب الحراسة والمراقبة، خصوصا خلال فترة ما قبل الافتتاح، حين تكون المرافق غير مأهولة بعد. لكن السبب الأعمق، كما يشير بعض الفاعلين الجمعويين، هو ضعف التواصل مع الساكنة حول المشاريع الجديدة، إذ إن إشراك الشباب المحليين في رعاية هذه الفضاءات منذ البداية كان يمكن أن يخلق إحساسا بالمسؤولية والانتماء، بدل الشعور بأن “المشروع جاء من فوق”.
ولا تقتصر الخسائر على الجانب المادي فقط، فحادث التخريب هذا سيؤدي لا محالة إلى تأجيل موعد الافتتاح، وإلى تكاليف إضافية لإصلاح ما تم إتلافه، ما يعني ضياع موارد وجهد كان من الممكن توجيهه إلى مشاريع أخرى في المنطقة. والأسوأ من ذلك، أن الشباب الذين كانوا ينتظرون هذه الملاعب بفارغ الصبر، وجدوا أنفسهم أمام مشهد من الإهمال والخذلان.
أمام هذا الواقع، أصبح من الضروري التفكير في مقاربة جديدة لحماية المشاريع العمومية، تقوم على إشراك المواطنين في تدبيرها منذ مرحلة التخطيط، مرورا بالتنفيذ، وصولا إلى الحراسة والاستعمال. كما ينبغي العمل على ترسيخ قيم المواطنة والمسؤولية في المدارس والجمعيات والأحياء، حتى يدرك الجميع أن هذه الفضاءات ليست ملكا لأحد، بل للجميع.
ما وقع في عين السبع ليس نهاية الحكاية، بل بداية سؤال يجب أن نطرحه بجرأة: كيف نبني مدينة تحترم مرافقها وتحافظ على ممتلكاتها؟ فالتنمية الحقيقية لا تُقاس بعدد المشاريع المنجزة، بل بمدى قدرتنا على الحفاظ عليها، واستمرارها في خدمة الناس.


الكاتب : n خديجة مشتري

  

بتاريخ : 12/11/2025