في جلسة برلمانية تعكس يقظة المعارضة الاتحادية وحرصها على القضايا الاجتماعية والتنموية، تقدم نواب الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب بسلسلة من الأسئلة الشفوية الآنية والموجهة إلى أعضاء من الحكومة، تناولت محورين أساسيين: تفعيل المقتضيات القانونية الخاصة بعلاج المدمنين على المخدرات، والتسريع في ورش التحول الرقمي داخل الإدارات المغربية.
فقد وجه النائب البرلماني سعيد بعزيز سؤالًا شفويًا آنياً إلى السيد وزير العدل، دعا فيه إلى الإسراع بتوفير الإطار التنظيمي والمؤسساتي الذي يمكّن النيابات العامة من وضع المدمنين على المخدرات في مؤسسات العلاج، تنفيذًا لمقتضيات الفصل الثامن من ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين.
وأشار النائب في سؤاله إلى أن رئاسة النيابة العامة أوصت في تقريرها السنوي لسنة 2023، وتحديدًا في الصفحة 488، بضرورة الإسراع بإنشاء البنية القانونية والمؤسساتية لتفعيل هذا الإجراء.
وأكد الفريق الاشتراكي أن الإدمان على المخدرات قضية صحية واجتماعية بالأساس، تتطلب مقاربة علاجية وتأهيلية وليس فقط زجرية، مشددًا على مسؤولية الحكومة في إرساء إطار قانوني ومؤسساتي واضح يمكّن الجهات المختصة من وضع المدمنين في مؤسسات علاجية بدل الزجّ بهم في السجون.
وفي السياق ذاته، وجه النائب البرلماني مولاي المهدي الفاطمي بمعية باقي أعضاء الفريق الاشتراكي سؤالًا شفويًا إلى السيدة الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، حول بطء التحول الرقمي بالإدارات المغربية، في ظل استمرار مظاهر البيروقراطية والاعتماد على الوثائق الورقية والختم اليدوي في العديد من المؤسسات العمومية.
وأشار الفريق إلى أن الواقع الإداري ما زال بعيدًا عن طموحات الرقمنة التي تعلنها الحكومة، إذ يضطر المواطنون في كثير من الأحيان إلى الحضور شخصيًا لاستكمال مساطر يُفترض أن تكون رقمية بالكامل.
وساءل النواب الوزيرة عن نسبة الإدارات التي استكملت رقمنة خدماتها الأساسية، وعن المعايير والتقارير المعتمدة لتقييم التقدم في هذا الورش، إضافة إلى الميزانيات المخصصة للتحول الرقمي منذ سنة 2021 وأوجه صرفها.
كما أثار السؤال مخاوف حقيقية من أن بطء الرقمنة يُفرمل فرص الاستثمار ويُضعف ثقة المواطنين في الإدارة العمومية، داعيًا الحكومة إلى تسريع وتيرة الإصلاح الإداري انسجامًا مع أهداف النموذج التنموي الجديد الذي يركز على الكفاءة والشفافية والنجاعة.
ويُنتظر أن تُثير هذه الأسئلة نقاشًا حكوميًا واسعًا خلال الجلسة القادمة لمجلس النواب، خاصة وأنها تلامس ملفات ذات حساسية اجتماعية واقتصادية كبيرة، تتعلق من جهة بحقوق المدمنين في العلاج وإعادة الإدماج، ومن جهة أخرى بحقوق المواطنين والمستثمرين في إدارة رقمية حديثة وفعالة.
إلى ذلك، نظّم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، يوم الاثنين 3 نونبر 2025، مائدة مستديرة خُصصت لموضوع “المقاولة الصغرى في مشروع قانون المالية”، بمشاركة عدد من الخبراء والفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين.
اللقاء شكّل فرصة لإعادة تسليط الضوء على الوضعية الصعبة للمقاولات الصغرى والصغرى جدا، والدور الحيوي الذي تضطلع به في النسيج الاقتصادي الوطني، مقابل التحديات البنيوية والمالية والإدارية التي تعيق تطورها واستمراريتها.
في كلمته الافتتاحية، أكد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، أن المبادرة تندرج ضمن جهود الفريق في دعم المقاولات الوطنية عبر تطوير الإطار التشريعي والمؤسساتي المنظم لها، منتقداً تركيز الحكومة، منذ المصادقة على قانون الاستثمار، على المقاولات الكبرى، في مقابل تهميش المقاولات الصغرى التي تُركت تواجه مصيرها دون تفعيل فعلي للمراسيم التطبيقية.
وشدد شهيد على أن “المرحلة تتطلب رجة قوية لدعم المقاولة الصغرى والنهوض بها باعتبارها محركاً أساسياً للتنمية”، مؤكداً أن اللقاء يشكل محطة لتقديم مقترحات عملية ترافعية خلال مناقشة مشروع قانون المالية بالبرلمان. كما لم يفت رئيس الفريق الإشادة بـ الانتصار الدبلوماسي الذي حققته المملكة في قضية الصحراء المغربية، معتبراً أنه تتويج لجهود جلالة الملك محمد السادس في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب.
من جهتهم، سجل المشاركون في المائدة المستديرة أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 لم يرق إلى مستوى تطلعات المقاولات الصغرى، مؤكدين أن غياب رؤية حكومية واضحة وارتفاع الضغط الجبائي يضعف تنافسية هذه الفئة الحيوية.
ودعا رشيد الودغيري، رئيس الشبكة المغربية لهيئات المقاولات الصغرى، إلى مراجعة الأعباء الضريبية وتخصيص نسبة من الصفقات العمومية لدعمها، فيما اعتبر محمد الرهيج، أستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، أن النظام الجبائي الحالي “غير عادل وغير منصف”، مطالباً بإصلاح شامل يركز على تشجيع الإنتاج والاستثمار.
أما علي الغنبوري، رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، فاعتبر أن غياب الإرادة السياسية الحقيقية يجعل السياسات العمومية تتعامل مع المقاولة الصغرى بمنطق الدعم الظرفي لا بمنطق الإصلاح البنيوي، مشيراً إلى إفلاس آلاف المقاولات الصغيرة في السنوات الأخيرة.
بدوره، نبّه نبيل النوري، رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، إلى أن التحول الرقمي الذي يشهده قطاع التجارة يفرض مواكبة مؤسساتية حقيقية لحماية صغار التجار والمقاولات من الإقصاء.
وفي ختام اللقاء، أجمع المتدخلون على أن المقاولة الصغرى تظل الحلقة الأضعف في الاقتصاد الوطني رغم مساهمتها في خلق الثروة ومناصب الشغل، مؤكدين على ضرورة إقرار عدالة جبائية منصفة، وإطلاق برامج مواكبة فعالة، وتفعيل ميثاق الاستثمار بما يعيد الاعتبار لكل قيم النجاح
الفريق الاشتراكي يُحرك قضايا العدالة والتحول الرقمي ويعيد النقاش حول المقاولة الصغرى
الكاتب : محمد الطالبي/ عبد الحق الريحاني
بتاريخ : 13/11/2025