«الرباط للنقل» تخصص 2مليار لشراء حافلتين برمائيتين.. بهرجة أم سياحة!؟

أعلنت شركة “الرباط للنقل” بأنها خصصت أكثر من 2 مليار سنتيم لشراء حافلتين برمائيتين سيستغلان في المجال السياحي بين ضفتي نهر أبي رقراق.
الفكرة جاءت متأخرة جدًا، ذلك أن بلدانًا عديدة عرفت كيف تستغل مياه الأنهار والبحر للترويج السياحي. فدولة مصر أبدعت كثيرًا في استغلال نهر النيل سياحيًا، سواء على مستوى القاهرة، أو على مستوى أسوان أو الأقصر، وغيرها من المناطق المطلة على النيل.
ومن جانبها، عرفت تركيا كيف تستغل البوسفور سياحيًا، وكيف خلقت رواجًا لأسطول كبير من البواخر التي تدر دخلاً مهمًا على خزينة الدولة.
وفي إيطاليا، فإن البندقية (فينيزيا) استغلت الماء والجندول لجعلهما علامة سياحية بامتياز خاصة بهذه المدينة العالمية.
وهنا لابد من التساؤل: لماذا وقع الاختيار على الحافلتين حديثتيْن وليس على السفن والقوارب التي كانت دائمًا تقدم خدمة الربط بين ضفتي أبي رقراق بمقابل زهيد، وتقدم هذه القوارب صورة جميلة عن السياحة بين ضفتي أبي رقراق بطابعها التقليدي والحيوية التي تكون فوق هذه القوارب؟
لقد كان من الأفيد اختيار السفن والقوارب مع توسيع نشاطها السياحي داخل مسافة معينة في النهر، وتوفير خدمات تنشيطية فوقها كما هو الحال في تركيا.
وهنا نتساءل: هل كان لابد من اختيار حافلتين برمائيتين بغلاف مالي كبير جدًا، في حين كان بالإمكان توفير العشرات من القوارب من مختلف الأحجام للربط بين الرباط وسلا، ولتجاوز ذلك إلى القيام بجولات سياحية قرب قصبة الأوداية التاريخية بعد تزيينها بالأضواء؟
تطوير السياحة لا يجب أن يحصر تفكير بعض المسؤولين في “الأفضل والأول” في إفريقيا أو في العالم العربي، لأن ذلك لن يغري السائح الأوروبي الذي يفضل أن يقضي إجازته في أماكن طبيعية وشعبية بعيدًا عن الضوضاء والهرج. كما أنهم يفضلون ركوب الدراجات على ركوب سيارات الأجرة، ويحبون المآوي الجبلية على الفنادق الفاخرة، ليس لأن ميزانيتهم محدودة، بل لأنهم أصبحوا يفضلون البساطة.
ولتجول في مدينة ما، أصبحوا يفضلون الحافلات المكشوفة أو التيليفيريك. وهنا لا أدري مجال للمقارنة بين مدينة الرباط وسلا، حيث لا يوجد إلا نهر أبي رقراق وحده، وبين بوسطن التي تستعمل الحافلات البرمائية كونها تتوفر على مجموعة من الوديان والأنهار.
وهنا نتساءل: هل تسمح القدرة الشرائية للمواطن المغربي باستعمال هذا النوع من الحافلات، خاصة وأن أسطول حافلات النقل الحضري تطور بشكل كبير، إضافة إلى تهديد خطوط الترام واي؟
وهل فكر المسؤولون في شركة النقل في الجانب البيئي ومحيط نهر أبي رقراق، خاصة وأن الحافلتين البرمائيتين تسيران بالبنزين، في حين أصبح مصنعو السيارات والحافلات يعتمدون الطاقة الكهربائية أو البنزين الصديق للبيئة؟


الكاتب : عبد المجيد النبسي

  

بتاريخ : 15/11/2025