فيدراليو الصحة يواجهون التضييق النقابي في عدة مناطق وسط صمت الوزارة الوصية على القطاع

خاضوا اعتصامات، ونظموا وقفات ومسيرات احتجاجية للتنديد بصفقات الفساد والتدبير الانفرادي

 

 

تعيش العديد من المرافق الصحية بعدة أقاليم وضعا محتقنا بسبب مواجهات مفتوحة بين الفاعلين النقابيين المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للصحة العمومية وبين مسؤولين للوزارة، وذلك على خلفية انتقادات متعددة تشمل أكثر من مستوى، والتي بالرغم من حدّتها وطبيعتها لم تدفع الوزارة الوصية للتدخل من أجل الحرص على خلق مناخ صحي لحوار مسؤول وجاد، يحدد المسؤوليات وتترتب عنه خلاصات تسهم في تبديد التوتر وتوفير بيئة عمل مناسبة تساهم في تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين وضمان انتظاميتها.
توتر واحتقان تتعدد فصوله وأوجهه، كالذي تشهده ميدلت، التي تشهد اعتصاما لفيدراليي الصحة لمدة تقارب الأسبوعين، وذلك تنديدا بما يصفه المحتجون «شططا في استعمال السلطة ضد مكونات العائلة الفدشية، جراء فضحها لملفات تتعلق بإهدار المال العام والفساد المالي والإداري، واستعمال أساليب لترهيب النقابيين قصد حثهم على الصمت، في الوقت الذي لم تجد فيه المراسلات الرسمية التي تم تحريرها للفت الانتباه لما يقع جوابا ولا تفاعلا»؟
وكان المسؤولون على المستوى الإقليمي والمحلي قد عقدوا جلسة حوار يوم الجمعة الأخير بالمندوبية بحضور المسؤول الإقليمي للوزارة رفقة رئيس شبكة المؤسسات الصحية، لكن وبحسب مصادر نقابية، فقد «تبين للوفد المحاور عدم جدية الإدارة الإقليمية من أجل حلّ المشاكل وكذا عدم ضبطها للمعلومات الخاصة بالموارد البشرية بالإقليم، مما دفع الوفد النقابي إلى الانسحاب وسط ممارسات مسيئة»، وتقرّر عقد المكتب الإقليمي لاجتماع تقييمي للأوضاع والعمل على تسطير أشكال نضالية تصعيدية بالتنسيق مع الإتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل والمكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية.
من جهته أدان المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفيدرالية الديمقراطية للشغل بجهة مراكش آسفي، بقلق واستنكار عميقين ما يتعرض له مناضلو ومناضلات النقابة بإقليم الصويرة من «استهداف ممنهج ومقصود من طرف المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية»، معتبرا أن ما يقع يعدّ «انحرافا خطيرا عن مبادئ الحياد الإداري وخرقا سافرا للقوانين والمساطر المنظمة لتدبير الموارد البشرية بالقطاع». وشدّد المكتب النقابي على أن الإدارة الإقليمية «تمادت في نهج سياسة التضييق على الحريات النقابية واستهداف مناضلي الفيدرالية الديمقراطية للشغل، عبر توجيه استفسارات كيدية وانتقائية في حقهم».
وتوقف المكتب الجهوي للنقابة كذلك عند ما وصفه بـ «استمرار السياسات التمييزية والانتقامية بإقليم قلعة السراغنة، حيث تتكرر ممارسات خلق مناصب وهمية وتوزيعها بشكل غير شفاف، إلى جانب التعمد في استهداف المناضلين النقابيين عبر أساليب التحريض والإرهاب النفسي الممنهج، مما يزيد من تأزيم المناخ المهني ويُضعف الثقة في نزاهة الإدارة». واعتبر بلاغ النقابة أن «استعمال النفوذ الإداري لخدمة أجندات نقابية ضيقة، يشكّل انحرافا خطيرا عن أخلاقيات المرفق العمومي وضربا واضحا لاستقلالية العمل النقابي، ومحاولة بائسة للمساس بمكانة الفيدرالية الديمقراطية للشغل باعتبارها النقابة الأكثر تمثيلية على مستوى هذه الجهة»، داعيا في هذا الإطار وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى فتح تحقيق عاجل ونزيه في هذه التجاوزات الخطيرة، وترتيب المسؤوليات القانونية والإدارية اللازمة.
وفي السعيدية، جدّد المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش) إدانته لما وصفه بـ «العشوائية والشطط في استعمال السلطة داخل مستشفى القرب»، منتقدا «ارتهان الإدارة للقرارات الانفرادية والارتجالية التي تؤثر سلبا على صحة المواطنين وحقوق الشغيلة الصحية». واستعرض فيدراليو الصحة بعض النماذج التي دفعته لانتقاد ما يقع، ومن بينها «دمج مصلحة المستعجلات الطبية مع مستعجلات الأم والطفل دون إشعار مسبق لموظفي المصلحتين أو عقد اجتماع تنظيمي»، مشددين على أن هذا القرار يعتبر «مسا بحرمة النساء الحوامل ويعرض صحة الأم والرضيع للخطر»، إلى جانب «نقل مصلحتي الأداء والاستقبال إلى غرفة الممرض الرئيس بقسم الولادة دون مراعاة الظروف الأمنية الضرورية».
ولم تقف مظاهر الاحتقان التي تعيشها عدد من المرافق الصحية عند المناطق المشار إليها بل تشمل كذلك كلا من سلا والمضيق وغيرهما، وهو الوضع الذي لا يسمح بأي شكل من الأشكال بتوفير خدمة صحية في المستوى المطلوب للمرتفقين، بسبب اختلالات متعددة يرى الغاضبون بأنه يجب معالجتها ومحاسبة المسؤولين عنها، خاصة في ظل الإصلاح العميق الذي تعرفه المنظومة الصحية على مستوى الجوهر، والذي يمكن أن تتسبب مثل هذه الممارسات في خلق عراقيل أمام التنزيل السليم لكل الخطوات التي يتم قطعها في هذا الباب.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/11/2025