تعيش مدينة مكناس مرة أخرى على وقع جدل جديد، عقب تدوينة للمستشار الجماعي الاتحادي الدكتور محمد قدوري، كشف فيها عن معطيات “مثيرة للريبة” بخصوص عمليات توظيف داخل شركتي ميكومار حمرية وميكومار الزيتون خلال السنتين الماليتين 2024 و2025، وهي توظيفات تمت «حسي مسي»، أي بعيدا عن الأعين وبدون إعلان أو منافسة شفافة. وحسب المعطيات المتاحة ، فإن عدد التوظيفات بلغ 93 مستخدما، دون احتساب التعيينات التي تمت داخل شركة الإسماعلية، ما يرفع من حجم التساؤلات حول معايير الانتقاء وطرق الولوج لهذه المناصب.
وتشير الوثائق التي تداولها المستشار إلى توزيع مفصل للمناصب والأجور، بدءاً من مسؤول عن الاستغلال براتب يتجاوز 27 ألف درهم شهريا، وصولا إلى أزيد من سبعين عاملاً للنظافة يتقاضى كل واحد منهم حوالي 5.027 درهما. المثير في هذه المعطيات ليس فقط حجم التوظيفات، بل غياب أي إعلان رسمي عن فتح مباريات أو مساطر انتقاء، وهو ما يعمّق الشكوك بشأن ما إذا كانت هذه العملية تحترم قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في دفاتر التحملات الخاصة بالتدبير المفوض. كما تعيد هذه القضية إلى الواجهة سؤالا أكبر: من يراقب شركات التدبير المفوض؟ وهل أصبحت هذه الشركات فضاء مغلقاً يتحكم فيه الرئيس وعدد محدود من الأشخاص خارج أي رقابة حقيقية من الجماعة أو من لجان التتبع؟ وينتظر الرأي العام المحلي صدور توضيحات رسمية من الجهة المفوِّضة ومن شركة ميكومار، لاسيّما وأن ملف التوظيفات ظلّ أحد أكثر الملفات حساسية داخل قطاع النظافة بمكناس، بحكم ما يثار حوله من شبهات محسوبية وزبونية لفائدة مقرّبين من منتخبين ومسؤولين جماعيين، بينهم من يُقال إنه يتقاضى أجراً دون أن يطأ مقرّ الشركة مطلقا. هذا، وإن صحّت المعطيات المتداولة، فإن ما يجري يندرج في إطار توظيف المرفق العمومي لخدمة أجندة سياسية ضيقة، في تجاهل واضح للتحذيرات التي وجهها وزير الداخلية أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، حيث شدّد على ضرورة توفير شروط التنافس النزيه والمتكافئ بين جميع الأحزاب لضمان نجاح الاستحقاقات الانتخابية تماشيا مع التوجيهات السامية لجلالة الملك. وإن صحّت هذه المعطيات، فإننا نكون إزاء فضيحة جديدة تنضاف إلى سلسلة الاختلالات التي يعرفها تدبير الشأن المحلي بمكناس، ما يستدعي تدخل سلطات الرقابة الإدارية بحزم لوضع حدّ لهذا العبث، في ظرفية دقيقة يتطلّع فيها المغرب إلى تنظيم انتخابات نزيهة تعزز مصداقية تجربته الديمقراطية. وفي انتظار موقف رسمي يشرح حقيقة هذه المعطيات، تبقى الأسئلة معلّقة، بينما يستمر الجدل في الاتساع داخل الأوساط السياسية والمدينة.