شهدت كرة القدم المغربية لحظة فارقة في تاريخها الحديث، بعدما توّج نجم المنتخب الوطني ونادي باريس سان جرمان أشرف حكيمي، مساء أول أمس الأربعاء، بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا لسنة 2025، خلال الحفل السنوي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي أقيم قرب العاصمة الرباط.
وجاء هذا التتويج ليتوج موسما استثنائيا من التألق، وليعيد المغرب إلى قمة الكرة الإفريقية بعد غياب دام 27 عاما عن منصة الجائزة.
وكانت «الثالثة ثابتة» بالنسبة لحكيمي، الذي حل وصيفا في النسختين السابقتين لعامي 2023 و2024، قبل أن يكسر النحس ويتفوق على النجم المصري محمد صلاح، الفائز بالجائزة مرتين، وعلى المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمين، أفضل لاعب إفريقي سنة 2023.
وبهذا الإنجاز، أصبح حكيمي خامس لاعب مغربي يظفر بالجائزة بعد أحمد فرس (1975)، محمد التيمومي (1985)، بادو الزاكي (1986)، ومصطفى حجي (1998).
وقال حكيمي في كلمة مؤثرة وهو يتسلم الجائزة من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني إنفانتينو: «إنه شرف حقيقي وفخر كبير أن أفوز بهذه الجائزة. ليست لي وحدي، بل لكل الأطفال المغاربة والأفارقة الذين يحلمون بلعب كرة القدم.»
وقد جاء دخوله لقاعة الحفل مستندا إلى دراجة خاصة للمشي بسبب التواء في الكاحل الأيسر، تعرض له مطلع نونبر الجاري ضد بايرن ميونيخ، غير أن الإصابة لم تخف ابتسامته ولم تقلل من رمزية اللحظة التي طال انتظارها.
ولم يكن تتويج حكيمي مفاجئا، بل كان ثمرة موسم استثنائي قدّمه مع ناديه باريس سان جرمان، حيث ساهم بشكل مباشر في قيادة الفريق للتتويج بدوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، إضافة إلى الفوز بالدوري الفرنسي، كأس فرنسا، وكأس الأبطال المحلية، وبلوغ نهائي كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة بعد الخسارة أمام تشلسي.
ولم يكن ما قدمه حكيمي عادياً، فالأرقام تتحدث. فقد أنهى الموسم الماضي مسجلا 11 هدفا و16 تمريرة حاسمة في 55 مباراة، وهو رقم غير مسبوق لظهير أيمن. وقد تفوق بذلك على رقم النجم البرازيلي داني ألفيس، الذي حقق 25 مساهمة تهديفية في موسم 2010–2011، ليصبح حكيمي أكثر ظهير في تاريخ كرة القدم إسهاما على المستوى الهجومي خلال موسم واحد.
وواصل تألقه في الموسم الجديد، إذ شارك في عدد من انتصارات باريس سان جرمان، مسجلا أربعة أهداف ومقدما خمس تمريرات حاسمة في 18 مباراة، ما جعله محل إجماع من المحللين الذين باتوا يعتبرونه من بين أفضل ثلاثة أظهرة في العالم حاليا.
ويتجاوز تأثير حكيمي المهارات التقنية ليصل إلى بعد قيادي واضح. ففي المنتخب الوطني أصبح صمام أمان وأحد أعمدة المشروع الرياضي الذي يقوده وليد الركراكي، بل إن مساهمته كانت حاسمة في ضمان التأهل إلى كأس العالم 2026 بالعلامة الكاملة. أما داخل باريس سان جرمان، فقد تحول إلى لاعب يتمتع بثقة المدربين واحترام زملائه بفضل انضباطه واحترافيته.
ويشير متخصصون إلى أن حكيمي يجسد نموذج اللاعب العصري القادر على أداء الأدوار الدفاعية والهجومية بالكفاءة نفسها، مستفيدا من سرعته الخارقة وقدرته على قراءة اللعب والالتحام القوي، إضافة إلى ذكائه التكتيكي الذي يتيح له التأقلم مع مختلف أنظمة اللعب.
ورغم إصابته الأخيرة، يأمل حكيمي والجماهير المغربية أن يكون جاهزا لقيادة المنتخب الوطني في نهائيات كأس الأمم الإفريقية، التي تنطلق في 21 دجنبر المقبل بالمغرب، وهي بطولة يراها النجم المغربي “الحلم الأكبر” الذي يسعى لتحقيقه، إذ قال في كلمته:
«سنحاول أن نقدم كل شيء لنمنح المغاربة كأس أمم إفريقيا.»
وتبدو هذه المهمة ممكنة بالنظر إلى المكانة التي بات يحتلها داخل المنتخب، وقدرته على صناعة الفارق في المباريات الكبرى، إلى جانب الجيل الذهبي الذي يتشكل حوله داخل “أسود الأطلس”.
وبهذا التتويج التاريخي، يضع أشرف حكيمي اسمه في قائمة كبار القارة، ويمنح كرة القدم المغربية إشعاعا جديدا يؤكد عودتها القوية إلى الواجهة القارية والدولية. كما يرسخ مكانته كسفير بارز للمغرب في أكبر المحافل الكروية، ونموذجا ملهما لأجيال جديدة من اللاعبين الذين يرون فيه مثالا للموهبة والاجتهاد والطموح الذي لا يعرف الحدود.
بعد 27 عاما من الانتظار.. أشرف حكيمي يعيد للمغرب لقب أفضل لاعب إفريقي
بتاريخ : 21/11/2025