الفريق الاشتراكي يحذّر: مشروع قانون التعليم العالي يهدد مستقبل الجامعة

غياب رؤية لتوسيع العرض الجامعي العمومي، رغم الخصاص الحاد في عدد الجامعات مقارنة بحجم السكان

المشروع يهدد بتعميق التشتت وإضعاف الجامعة العمومية وتهميش البحث العلمي وتقليص الديمقراطية الجامعية

الأساتذة الباحثون يعملون تحت ضغط بيداغوجي كبير ووسط مختبرات تعاني من نقص كبير في الإمكانيات

 

قدم الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، عبر مداخلة النائب عمر اعنان، موقفا نقديا صارما من مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، معتبرا أن النص، بصيغته الحالية، لا يعكس رهانات المغرب ولا يجيب عن أسئلة الجامعة التي تبحث عن سند وإصلاح حقيقي.
وانتقد الفريق غياب رؤية لتوسيع العرض الجامعي العمومي، رغم الخصاص الحاد في عدد الجامعات مقارنة بحجم السكان، مما ينتج أقطاباً مكتظة وشروط ولوج غير عادلة، ويعمّق الفوارق المجالية والاجتماعية. واعتبر أن المشروع، بدل أن يذهب نحو توحيد المنظومة المتشتتة بين تعليم جامعي ومدارس قطاعية وتعليم خاص وأجنبي، اختار تفريخ أصناف جديدة من المؤسسات دون فلسفة إصلاحية أو خريطة وطنية واضحة.
ويمضي الفريق ليحذر من محاولة تقليص التمثيلية الديمقراطية داخل المجالس الجامعية عبر تخفيض تمثيل الأساتذة والطلبة والأطر إلى حدود متدنية لا تعكس وزنهم الحقيقي داخل الجامعة. واعتبر أن إحداث مجلس الأمناء بصيغته المقترحة يشكل انتقالاً نحو وصاية جديدة فوق الجامعة، لكون تركيبته تميل بشكل واضح إلى ممثلي السلطات والإدارات على حساب المكونات العلمية والبيداغوجية، وهو ما يهدد استقلالية القرار الجامعي ويخلق ازدواجية في القيادة بين رئيس الجامعة والمجلس.
ورأى الفريق أن المشروع تجاهل إصلاحين مركزين نص عليهما القانون الإطار 51.17: توحيد منظومة التعليم العالي، والانتقال إلى الرقابة البعدية في التدبير المالي. وهما إصلاحان جوهريان كانا كفيلين بفتح ورش تحديث حقيقي، لكنهما ظلا معلقين لسنوات، في حين يتم اليوم إحداث هياكل جديدة دون معالجة الاختلالات الأصلية التي يعاني منها القطاع.
وانتقد الفريق ضعف الاهتمام بالموارد البشرية التي تشكل العمود الفقري للجامعة، من أساتذة باحثين يعملون تحت ضغط بيداغوجي كبير ووسط مختبرات تعاني نقص الإمكانيات، إلى أطر إدارية وتقنية تقوم على أكتافها استمرارية المرفق الجامعي دون تقدير أو رؤية للتأهيل. وفي الجانب المتعلق بالتعليم الخاص والأجنبي، حذر الفريق من توجه واضح نحو منطق السوق، حيث تبدو شروط الترخيص مرنة وغير كافية لحماية الجودة أو الحد من المضاربة، بينما يغيب مبدأ المساواة في الحقوق الاجتماعية بين طلبة القطاعين العمومي والخاص، بما يهدد بتحويل التعليم إلى سلعة ويضرب في العمق قيم تكافؤ الفرص.
ويرى الفريق أن المشروع لا يحمل أي رؤية بيداغوجية لتجاوز اختلالات نظام الإجازة والماستر والدكتوراه، الذي تحول في التجربة المغربية إلى إصلاح شكلي لم يواكب بمراجعة للمناهج أو تحديث لطرق التدريس أو ملاءمة لسوق الشغل. كما تبقى الهندسة اللغوية في المشروع منطقة رمادية لا تحسم في لغة التدريس ولا تقترح مساراً واضحاً لتقوية الكفايات اللغوية للطلبة. أما في مجال البحث العلمي والابتكار، فيكتفي المشروع بخطاب عام دون تحديد لنسب التمويل أو آليات التثمين أو الربط الفعلي بين الجامعة والفاعلين الاقتصاديين.
وأضاف الفريق أن غياب المقاربة التشاركية في إعداد المشروع، وتجاهل آراء النقابات والأساتذة والهيئات العلمية، يجعلان النص منقطعاً عن واقع الجامعة. كما أن عدم تضمين مبدأ مجانية التعليم العالي العمومي يفتح الباب أمام تأويلات قد تمس حقاً تاريخياً ودستورياً لا يمكن المساس به تحت أي مبرر..


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 26/11/2025