تواصل حكومة الكفاءات نهجها المتعالي في مخاطبة المغاربة في مختلف المناسبات، العمومية منها والحزبية، بلغة تحقيرية وتمييزية ضدا عن دستور المملكة، وهذا ما أكدته الخرجة الأخيرة لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد برادة، الذي أتبث للجميع وبما لا يدع مجالا للشك، بأنه يجهل تفاصيل وركائز أحد القطاعات الأساسية التي يدبّرها والمسؤول الأول عنها، ويتعلق الأمر بقطاع التربية الوطنية، وتبين للكل بأن هذا المسؤول الحكومي لا يميز بين القطاعين لا العام ولا الخاص.
الوزير أصرّ على أن يصنّف نساء ورجال التعليم، إلى «صالح» و «طالح»، وأن يميز بين من وصفه بـ «المخير» وبين غيره، وبين المدرسة «الرائدة» المتميزة وتلك التي لن تقدم قيمة معرفية إضافية لتلامذتها، موقّعا بهذا التصريح على شهادة فشل الوزارة في لنهوض بهذا القطاع، ومتناسيا بالمقابل الجهود التي تبذلها الشغيلة التعليمية في كل شبر من رقعة المملكة، وسط ظروف تدريس وعيش وتنقل جدّ وعرة وشاقة، من أجل تبليغ الرسالة التربوية أولا والتعليمية ثانيا، وأغفل كذلك كيف أن منظومة التكوين في كل ما تحدث عنه لها دور في توفير الكفاءة المنشودة!
ولم تقف الخرجة الحزبية للوزير برادة، غير الموفقة، عند هذا الحدّ، فقد طالب الآباء والأمهات باصطحاب فلذات أكبادهم إلى مؤسسات تعليمية مهما كانت بعيدة عن مساكنهم، بحثا عن «الجودة»، وبأن يوفروا لأبنائهم النقل للوصول إليها، مُقرّا ضمنيا بأن هذا الأمر يتطلب من الأسر مجهودا كبيرا بقوله «تقاتلو» لأجل ذلك، علما بأنه أوضح بكلامه هذا معطى آخر، وهو أن المسؤول عن قطاع التربية الوطنية لا يعي حقيقة يعلمها الجميع وهي المرتبطة بالخريطة المدرسية، وبأن التعليم العمومي يحتضن التلاميذ والتلميذات بناء على واقع السكن الجغرافي، وبأن ما تحدث عنه الوزير لا يمكن أن يتحقق إلا حين يتعلق الأمر بمؤسسات التعليم التابعة للقطاع الخاص، فهل كل المغاربة لديهم القدرة على التحاق أبنائهم بهذه المؤسسات؟
لقد تعدّدت «زلاّت» كفاءات هذه الحكومة التي أضحى تضارب المصالح مرتبطا بأسماء عدد من وزرائها، وبات «التفرقيش» متحكّما في دواليب مجموعة من قطاعاتها، وهو واقع مؤلم يرخي بتبعاته على حقوق وكرامة وعيش المواطنين، وهو ما يجعل العدد الأكبر من المغاربة يمنّون النفس بأن تُطوى هذه صفحة هذه الولاية الحكومية التي كرّست للتمييز والهشاشة والإقصاء الاجتماعي.

