مكناس بكل جماعاتها الترابية ال 21… بلا سكانير حديث ولا IRM

من يُعطّل تحديث التجهيزات الطبية في العاصمة الإسماعيلية؟

 

في الوقت الذي تتجه فيه مختلف المدن المغربية – بما فيها الصغيرة – نحو تحديث بناها الصحية بتجهيزات متطورة من سكانيرات وأجهزة IRM من الجيل الجديد، تعيش مكناس مفارقة مؤلمة : مدينة مليونية بلا سكانير حديث ولا جهاز IRM في مستشفياتها العمومية، رغم حجمها التاريخي والديموغرافي ودورها المركزي داخل الجهة.
في مستشفى محمد الخامس، ما يزال السكانير الوحيد ، المقتنى سنة 2016، يعاني أعطابا متكررة أفقدته وظيفته الأساسية، حتى تحول إلى عبء على المرضى. وبلغ مسلسل الأعطال ذروته عندما تعرّضت وحدة التحكم (console) للسرقة خلال صيف 2017، في واقعة غير مسبوقة داخل مؤسسة صحية عمومية، ورغم خطورتها طويت دون نتائج واضحة.
أما مستشفى سيدي سعيد، فيتوفر على سكانير يعود عمره لأكثر من عشرين سنة، إذ كان جزء من برنامج الإصلاح الاستشفائي لسنة 2004 قبل نقله من مستشفى محمد الخامس.
الأدهى من ذلك أن طبيبا واحدا اختصاصيا في أمراض القلب والشرايين هو الذي يشرف على خدمات التشخيص داخل المستشفى، مما يجعل الطاقة اليومية لا تتجاوز خمسة فحوصات فقط في اليوم، في مدينة يفوق عدد سكانها نصف مليون نسمة.
وهو وضع غير قابل للاستمرار، تؤدي كلفته الصحية مباشرة شريحة واسعة من المواطنين، خاصة الفئات الهشة التي لا تستطيع التوجه للقطاع الخاص.
أمام هذا الوضع الذي لا يليق بمدينة بحجم مكناس، يبرز سؤال ملحّ: كيف تمكنت مدن أصغر وبميزانيات محدودة من تحقيق ما عجزت عنه مدينة بحجم مكناس؟
بدل إطلاق طلبات عروض حقيقية للدراسات الهندسية والتقنية اللازمة لتهيئة الفضاءات الصحية وتجهيزها بالسكانير والـ IRM، اكتفت المديرية الجهوية للصحة وإدارة مستشفى محمد الخامس ومندوبية الصحة بإصدار « طلبات سند « لإجراء « خبرات جيو- تقنية « أو « متابعة تقنية « لأشغال لم تبدأ أصلا.
هذا التخبط الإجرائي جعل الملف يراوح مكانه لسنوات، دون انطلاقة فعلية لأي مشروع، ودون تحديد مسؤوليات واضحة حول هذا التعطيل، في وقت تستمر فيه معاناة المرضى وتُستنزف جيوبهم في مراكز خاصة داخل وخارج المدينة.
غياب سكانير حديث أو جهاز IRM في مدينة كبيرة مثل مكناس يدفع مئات المواطنين إلى التنقل نحو مدن أخرى أو اللجوء إلى القطاع الخاص، حيث تكاليف الفحص مرتفعة، ما يجعل الحق في الولوج إلى التشخيص الطبي معلقاً بين الجغرافيا والقدرة المالية.


الكاتب : يوسف بلحوجي

  

بتاريخ : 29/11/2025