هل هي خدعة تعرّض لها مجلس مدينة الدار البيضاء؟ أم أن المجلس فشل في كل شيء، حتى في إنجاز صفقة تهم مرفقًا صغيرًا من مرافق المدينة؟
قبل أشهر، أقدمت جماعة الدار البيضاء على إبرام صفقة لكراء باركينغ يوجد داخل سوق الجملة للخضر والفواكه، ورست الصفقة على شخص لم ينافسه أحد، وحدد مبلغ الأداء السنوي في 131 مليون سنتيم.
الصفقة قوبلت باحتجاج وتنديد من طرف فعاليات السوق، التي عبرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن تحذيرها من هذه العملية، معتبرة أنها في الشكل ستؤول لشخص لن يستمر في التزامه، وسيفوّت المرفق إلى أشخاص آخرين. هذا التحذير لم يأخذه مجلس المدينة بالجدية المطلوبة، إذ خرجت تصريحات مسؤولين يؤكدون امتلاكهم للضمانات الكافية لتنفيذ الالتزامات.
مرت أسابيع على تمرير الصفقة بالشكل الذي مرت به، قبل أن يتصل محامي الفائز بالصفقة مطالبًا الجماعة باسترجاع مبلغ الضمان الذي دفعه، إلى جانب ثلاثة أشهر من الكراء كتسبيق.
هنا وجد مجلس المدينة نفسه في ارتباك كبير، خصوصًا أن المحامي علّل طلبه بأن الجماعة لم تمكن موكله من استغلال الباركينغ.
ازداد استغراب القائمين على تدبير الشأن المحلي، خاصة وأن الباركينغ والمرافق التابعة له محددة في الصفقة ومعروفة، ولا يحتاج المرتفق سوى مباشرة عمله.
بدأ المدبّرون يبحثون عن صيغة لإقناع المعني بالأمر بأنه مخطئ، ودخلوا في دوامة تشكيل لجنة تقنية والنزول إلى السوق من أجل التأكد من معطيات المحامي. وفي خضم ارتباكهم، وصلت مراسلة أكدت ما حذّر منه المهنيون قبل تمرير الصفقة. هذه المرة جاءت المراسلة من الوالي، يخبر فيها المجلس ببحث أنجزه عامل عمالة مولاي رشيد–سيدي عثمان، يتساءل من خلاله عمّا إذا كانت الجماعة قد تحرت بشكل كافٍ حول الفائز بالصفقة، وهل يتوفر فعلًا على الضمانات لتدبير هذا الباركينغ الحيوي داخل سوق يدرّ على ميزانية الجماعة أزيد من 14 مليار سنتيم سنويًا، ويعتبر أحد أعمدة المداخيل.
وأكدت المراسلة ما ورد في تصريحات المشككين: فالفائز بمجرد حصوله على الصفقة، سارع إلى التنازل عن تدبير الباركينغ لأربعة أشخاص معروفين داخل السوق، بينهم رئيس جمعية مهنية، ورئيس جمعية الموازنية الذي يشغل أيضًا منصب مستشار بمقاطعة سيدي عثمان، وشخصان آخران.
كما نبّهت المراسلة إلى وجود تضارب للمصالح، والأدهى من ذلك أنّ الفائز بالصفقة ليس سوى موظف في الجمعية التي يرأسها المستشار المذكور.
ورغم أن مراسلة الوالي تطلب من المجلس إبداء الرأي في هذه الوقائع، إلا أنها في جوهرها تشكل “تجبيدة أذن” واضحة، لأنها تنبه إلى أن القائمين على الصفقة لم يقوموا بالأبحاث الضرورية، ولم يأخذوا بعين الاعتبار التنبيهات التي وصلتهم من الحرفيين داخل السوق.
فإن كان المدبرون على علم بخبايا الصفقة فذلك مصيبة، وإن كانوا لا يعلمون فذلك عذر أقبح من زلة، ويكشف حجم الفشل الذي يتخبط فيه المجلس.
باركينغ سوق الجملة للخضر والفواكه يكشف خريطة فظائع تعادل فظائع الطريقة التي تُدبَّر بها الصفقات
الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 03/12/2025

