هذه أبرز مستجدات المنظومة الانتخابية.. مجلس النواب يصادق على ثلاثة مشاريع قوانين وسط نقاش سياسي واسع حول تخليق الحياة السياسية
-
- صادق مجلس النواب مساء الإثنين على ثلاثة مشاريع قوانين تنظيمية تهدف إلى إصلاح المنظومة الانتخابية على المستوى الوطني، في ما اعتُبر محطة مهمة في مسار الإصلاح السياسي.
- حظي مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25، المتعلق بتغيير وتتميم القانون 27.11 الخاص بمجلس النواب، بموافقة 164 نائبا، فيما عارض 9 نواب وامتنع 41 نائبا عن التصويت. إلى جواره، تمت المصادقة أيضاً على مشروع القانون التنظيمي رقم 54.25 الخاص بالأحزاب السياسية، وكذلك مشروع القانون رقم 55.25 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة، وعمليات الاستفتاء، وتنظيم استعمال وسائل الإعلام السمعي-البصري خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية.
- وصادق مجلس النواب، خلال جلسة تشريعية، على مشروع قانون الانتخابات بعد نقاش مطوّل امتد لأسابيع داخل اللجان النيابية. ويأتي هذا القانون ضمن حزمة إصلاحات سياسية تهدف إلى تحديث المنظومة الانتخابية وتعزيز ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية.
- شهد القانون الجديد إدخال تعديلات بارزة، من أبرزها تشديد شروط أهلية الترشح، حيث أصبح غير مسموح للأشخاص المدانين في قضايا تمس النزاهة أو المال العام بالترشح للانتخابات، حتى في حال صدور أحكام ابتدائية أو استئنافية غير نهائية. ويُنظر إلى هذا التعديل باعتباره خطوة نحو تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد.
- كما تم تخفيض العتبة الخاصة بدعم لوائح الشباب من 5% إلى 2%، في محاولة لتشجيع مشاركة الفئات الشابة وإعطائها مساحة أكبر داخل المشهد التشريعي. واعتُبر هذا التعديل استجابة لمطالب متعددة تهدف إلى تمكين الشباب من لعب دور أكبر في الشأن العام.
- من بين أبرز مستجدات القانون فتح الباب أمام ترشح المستقلين لمجلس النواب، ضمن شروط محددة تتطلب جمع عدد معين من التوقيعات من الناخبين. ويهدف هذا الإجراء إلى توسيع قاعدة التمثيل السياسي وإتاحة الفرصة للأشخاص غير المنتمين للأحزاب للمساهمة في إدارة الشأن العام.
- تضمن القانون أيضاً آليات جديدة لدعم تمثيلية النساء، من بينها إمكانية اعتماد لوائح جهوية مخصصة لهن، بما يعزز حضور المرأة في البرلمان ويمكنها من لعب دور أكبر في مراكز صنع القرار. ويأتي هذا التوجه تماشياً مع السياسات الهادفة إلى المساواة وتكافؤ الفرص.
- وعلى الرغم من تمرير القانون بأغلبية مريحة، فقد عبّرت بعض فرق المعارضة عن تحفظاتها، خصوصاً فيما يتعلق بمنع الترشح بناءً على أحكام غير نهائية، معتبرة ذلك مساساً بمبدأ قرينة البراءة. كما انتقد آخرون عدم تطرق القانون لمسائل يعتبرونها جوهرية، مثل إعادة النظر في نظام الاقتراع أو إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.
- يمثل هذا القانون محطة حاسمة في التحضير للانتخابات التشريعية المنتظرة سنة 2026، إذ من شأنه إعادة رسم معالم المنافسة السياسية وتغيير قواعد اللعبة الانتخابية. ويرى مراقبون أن هذه الإصلاحات قد تفتح الباب أمام تجديد النخب السياسية، وتحسين جودة التمثيل، وتعزيز المشاركة السياسية لدى الشباب والنساء.
- ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الإصلاحات رهيناً بمدى قدرتها على التطبيق الفعلي على الأرض، وقدرتها على إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات المنتخبة، في سياق سياسي واجتماعي يتسم بتعاظم الانتظارات العامة.
- مستجدات التعديلات والنقاش حولها
- شكلت المادة السادسة، المتعلقة بموانع أهلية الترشح، محور النقاش الأكثر سخونة، بعدما دافعت الحكومة بشدة عن الصيغة التي قدمتها، والقاضية بإسقاط أهلية الترشح عن الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية في قضايا جنائية، أو أحكام استئنافية في قضايا جنحية، إضافة إلى المضبوطين في حالة تلبس.
- نواب معارضون لهذه المادة، رأوا في الأمر تجاوزا لقرينة البراءة، محذرين من المس بحقوق دستورية، بينما رد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بأن الإدانة، مهما كانت درجتها، صادرة عن مؤسسة قضائية، وأن الهدف الأساسي هو حماية العملية الانتخابية من الاختراق والمال غير المشروع، وتشديد تخليق الحياة العامة.
- تخفيض عتبة الشباب المستقلين… وإبقاء الجالية خارج الدوائر الانتخابية
- من أبرز المستجدات التي حملتها مشاريع القوانين، موافقة الحكومة على تعديل لتخفيض نسبة التوقيعات المطلوبة من المترشحين المستقلين الشباب (أقل من 35 سنة) من 5% إلى 2%، بعد محاكاة رقمية أظهرت استحالة بلوغ العتبة السابقة. خطوة رأت فيها الأغلبية دفعة إيجابية لدمج الشباب في المنافسة السياسية، ورفع سقف المشاركة.
- في المقابل، رفض وزير الداخلية إحداث دوائر انتخابية للجالية المغربية بالخارج، كما اقترح، مؤكدا الإبقاء على نظام الوكالة، مبررا ذلك بصعوبة ضمان الشروط اللوجستية والقانونية لتصويت مباشر خارج التراب الوطني.
- تسليم المحاضر ملف شائك يعود إلى الواجهة
- أعاد النقاش حول تسليم محاضر التصويت الجدل القديم بين الأحزاب ووزارة الداخلية، بعدما تقدم البعض بتعديل يلزم رئيس المكتب بتسليم وصل رسمي لممثلي اللوائح.
- وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت رفض الأمر في يوم الاقتراع، لكنه فتح الباب أمام تمكين المترشح، فائزا كان أم خاسرا، من نسخ كل المحاضر لاحقاً، لإنهاء الشكوك المزمنة التي تثار بعد كل استحقاق.
- القاسم الانتخابي… معركة مؤجلة
- لم يغب موضوع القاسم الانتخابي عن السجال، إذ وصف المعارضون لهذا الأمر، القاسم المعتمد في انتخابات 2021 بأنه مولود غير شرعي، لأنه يحتسب على أساس المسجّلين وليس المصوّتين.
- غير أن وزير الداخلية، ذكر بموقفه الصلب الرافض للتشكيك في دستورية هذا المقتضى المنصوص عليه في القانون التنظيمي 27.11، ليبقى الملف مفتوحا في انتظار توافق سياسي أعمق.
- حالات التنافي… بين منطق التوسيع والتضييق
- النقاش حول الجمع بين العضوية في مجلس النواب وترؤس جهات وجماعات محلية ظل بدوره محتدما. فرق طالبت بالتضييق لتجنب ازدواجية المسؤوليات، وأخرى دافعت عن الإبقاء على الوضع الحالي.
- الوزير لفتيت أكد أن الوزارة بصدد الانتقال من منظومة إلى منظومة، وأن حضور رؤساء الجهات والجماعات في البرلمان ضروري، مشددا على أن الأحزاب وحدها لها حرية اختيار مرشحيها وتحديد مدى الجمع بين المسؤوليات.
- لا زيادة في عدد مقاعد مجلس النواب… ولا فتح للدوائر الانتخابية
- رفضت وزارة الداخلية مقترحا تقدم به الفريق الاشتراكي لرفع عدد المقاعد المخصصة للنساء إلى 132 دون المساس بالعدد الإجمالي للبرلمان، مفسرة ذلك بأن أي تغيير في الدوائر أو عدد النواب يفرض نقاشا وطنيا عميقا، لما يحمله من حساسية سياسية وتوازنات جهوية دقيقة.
- في موقف لافت، أعلن عبد الوافي لفتيت، خلال اجتماع لجنة الداخلية، استعداده لتقديم استقالته إن تبين أن هذه القوانين صيغت لخدمة حزب بعينه أو لاستهداف طرف سياسي محدد. تصريح ترك صدى واسعا داخل القبة، وقدم رسالة مباشرة بأن الوزارة تنأى بنفسها عن أي تأويل حزبي للتشريعات الانتخابية.
- تفاعل الأغلبية والمعارضة…
- اعتبرت المعارضة، أن النصوص، رغم إيجابياتها، لم تصل بعد إلى مستوى القضايا الكبرى، مشددة على ضرورة التقدم نحو المناصفة وتوفير شروط مشاركة سياسية أوسع وأعمق، وضمان منافسة نزيهة بعيدا عن المال والتأثيرات الرقمية.
- نحو انتخابات 2026 بملامح أكثر تشددا
- بمصادقة مجلس النواب على هذه الحزمة من القوانين، يكون المسار التشريعي المرتبط بالانتخابات قد دخل منعطفا حاسما، خصوصا مع تشديد شروط الترشح، وتدقيق آليات المراقبة، وتوسيع دائرة دعم الشباب والنساء.
- وتتجه الأنظار اليوم إلى انتخابات 2026، التي يبدو أنها ستجري في سياق سياسي جديد، عنوانه الأبرز الصرامة في محاربة الفساد الانتخابي، وتقييد أهلية الترشح، وتوسيع مشاركة الفئات الصاعدة، وسط نقاش مجتمعي متنام حول مصداقية المؤسسات، وحدود الإصلاحات الممكنة.
- والسؤال القديم الجديد، يبقى قائما ومشروعا، هل ستتمكن هذه المنظومة الانتخابية من تحصين العملية الانتخابية من الفساد وتدخل المال، لإنتاج مؤسسات دستورية حقيقية تعكس حقا إرادة الناخبين، ورد الاعتبار والثقة بين الناخب ومؤسساته؟
الكاتب : جلال كندالي عبد الحق الريحاني
بتاريخ : 04/12/2025