في إطار سلسلة «Spotlight 2025» التي تركز على التعليم الأساسي في إفريقيا، وبشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، كشف التقرير العالمي لرصد التعليم التابع لمنظمة اليونسكو الذي يهدف إلى تحليل واقع «التعلم التأسيسي، خاصة القراءة والرياضيات في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي»، مع التركيز على دور «القيادة المدرسية والسلطات التعليمية المحلية» في تحسين نتائج التعلم والحد من التعثر الدراسي، أن عددا كبيرا من التلاميذ المغاربة لا يحققون الحد الأدنى من الكفايات الأساسية في القراءة والفهم والرياضيات، وهو ما ينعكس سلبا على استكمال التعليم الأساسي، ويرفع من مخاطر التعثر والانقطاع المدرسي في المراحل اللاحقة . وهي معطيات تؤكد ما جاءت به تقارير سابقة وما يعيشه الفاعلون التربويون والأسر داخل المدرسة العمومية .
تقرير اليونسكو، الذي صدر الشهر الجاري، ربط هذا الضعف بعدة عوامل بنيوية أهمها الاكتظاظ داخل الأقسام، تفاوت الإمكانيات بين المؤسسات، ناهيك عن استمرار أساليب تدريس لا تواكب دائما حاجيات المتعلمين خصوصا في المناطق الهشة .
لكن من أبرز التحديات التي توقف عندها التقرير هيمنة الطابع الإداري على مهام مديري المؤسسات التربوية مشيرا إلى أن العديد منهم تحولوا إلى مسيرين إداريين مثقلين بالمراسلات والتقاريرعلى حساب دورهم كقادة تربويين يفترض فيهم مواكبة التعلمات ودعم الأساتذة داخل الفصول الدراسية مسجلا أن هذا الوضع يحد من فاعلية القيادة المدرسية نتيجة اختلال في توزيع الأدوار والمهام داخل المنظومة التعليمية .
من جهة أخرى، سجل التقرير «تفاوتا واضحا في مستوى الدعم والمواكبة» التي تتلقاها المؤسسات التعليمية من المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، خاصة بين الوسطين الحضري والقروي، ففي الوقت الذي تستفيد بعض المدارس من تأطير منتظم تشتغل مؤسسات أخرى في عزلة شبه تامة مما يزيد من تعميق الفوارق المجالية ويؤثر على مبدأ تكافؤ الفرص.
كما سلط التقرير الضوء على «محدودية تكوين القيادات التربوية « إذ إن تكوين مديري المؤسسات لا يركز بما فيه الكفاية على القيادة التربوية، تحسين التعلمات، وتدبير فرق العمل التربوية ناهيك عن غياب مسار مهني واضح ومحفز.
كما اعتبر التقرير ضعف انخراط الأسر والمجتمع المدني من التحديات الصامتة التي تواجه المدرسة المغربية في ظل علاقة غير منتظمة بينها وبين محيطها الاجتماعي.
تقرير اليونيسكو ركز على خمس توصيات تمحورت حول تعزيز القيادة التربوية للمديرين بتمكينهم من التركيز على التعلم داخل الفصل بدل الانشغال بالإدارة فقط مع تخفيف الأعباء الإدارية- إصلاح تكوين المديرين بتطوير برامج أولية ومستدامة تركز على تحسين التعلمات، دعم الأساتذة، وقيادة التغيير، مع مسار مهني واضح ومحفز- تقوية دور المديريات والمفتشين في المواكبة العملية للمؤسسات وبناء علاقات ثقة وتعاون-إعطاء أولوية للتعلم الأساسي بالتركيز على القراءة والرياضيات في السنوات الأولى واعتماد تقييمات منتظمة لرصد ومعالجة التعثر المبكر- توسيع انخراط الأسر والمجتمع المدني .
يذكر أن هذه الدراسة اعتمدت على منهجية مختلطة تجمع بين استبيان كمي أجري في أربع جهات بالمغرب، ومقابلات نوعية، وتكونت العينة من 60 مدرسة ابتدائية عمومية موزعة على أربع مديريات إقليمية للتربية والتكوين بالدار البيضاء- سطات، سوس -ماسة، بني ملال- خنيفرة والجهة الشرقية.
وقدمت الوزارة بالنسبة لجميع المدارس الابتدائية في الجهات الأربع بيانات حول البيئة المدرسية ونوع المدرسة (رائدة أو غير رائدة )، بالإضافة إلى مؤشرات مختلفة حول نسب النجاح، ونسب الرسوب، ونسب الهدر المدرسي، حسب المستوى الدراسي ولكل مؤسسة على حدة.


