بالأحضان يا أهل الكان ..وعلى بركة الله

hamidjmahri@yahoo.fr عبد الحميد جماهري

الجمال والمطر: «خَيْطْ منْ اسْما»

حفل مغربي: إفريقي عربي أمازيغي. قطعة حية من دستور الهوية. تابعنا قلب قارة ينبض. والملعب يتحول إلى حضن. إيقاع يتصاعد من جنوب القارة إلى آخر صرخات الموسيقى الحديثة. يمر بالتواريخ والتضاريس والسهوب…
كان افتتاح الحفل بصيحة أطلسية.. صوت الأعالي يعود بنا إلى الأصل الرباني للكلمة…ثم الغيوان.. الحنجرة حيث عش اللَّغْوَنات… ثم زحف السفاري والسهوب والأدغال برقصات مخفورة بالوعول واللبؤات .مؤثرات خاصة لتكنولوجيا الضوء، والأمطار مؤثرات طبيعية للماء: أيهما الضوء وأيهما الماء يا عيني؟
المشهد معلق أمام أنظار العالم: قفطان الحب الأسمر منقط بالهوية. رأينا القوة الناعمة.رأينا اشتغال المخيال الجماعي، مع تفكيك «الكود» الذي يفتح لنا اللغز: كيف تحولت الكرة إلى مشروع دولة ثم صارت شيفرة للتموقع الجيوسياسي…
جيل من المغاربة. لا يستجدي الصدفة ولا يتوسل إلى الحظ: يصنع قصة نجاحه بهواء جديد. لا ننسى أن الهواء في صدورنا وفي الكرة هو نفسه: نظيف حار ومنعش في الوقت ذاته. آاااه :إذا دخل شعبك الملعب فادخل معه.لا تنشغل بسؤال الأسى يا رفيقي الطبقي: كم من طبقات تحت الجدران..الأهرامات الجديدة في القرن الواحد والعشرين.حوِّل السؤال: كم سننقذ من جيل بكل انتصار كروي يتحقق؟
يوم واحد مر من ال«كان» وأشعر أننا بلغنا الامتلاء:
الافتتاح روعة والجمال فيه كان «خيط من السما».. .
المطر أيضا… مساهمة السماء في لوحة الافتتاح الساحرة..والأمير ولي العهد تحت المطر.منتصب القامة يمشي..
كم أحببنا أنفسنا فيه!
فريق ينتصر.. تحت وابل من الماء. فنضاعف لأنفسنا حبنا: زدنا نرجسية أخرى يا حبَّنا!
العشب أخضر لكنه مثل الرمل.. لأن الملعب وحده يبدو أن المطر لا يعنيه…
المهارة كانت حاضرة. القيم كذلك، في ماديتها الملموسة، غيرت من الذهنيات وغيرت من طبيعة العلاقة مع الآخر أيضا: نحن لا نريد أن نقيس مدى جدارتنا بالتشابه مع الآخر، نحن نقيس ما حققناه بناء على ما حلمنا به. معادلة تجمع الإرادة السياسية وفن العيش المرح.. ببلاغته الناجعة. بعنفوانه الذي يعصف بالحواس، عند انطلاق المباراة..
آااااه لولا الضغط الصاعد ودقات القلب النافرة.
وهاته المشاعر المشدودة إلى التيار الكهربائي بأَمْراس أعصاب!
هي أقرب إلى الأسلاك من الشرايين، لكانت الروح في كمال …المرمر.

الكاتب : hamidjmahri@yahoo.fr عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 23/12/2025