إيمانا بالدور الفعال في إدماج الاشخاص في وضعية اعاقة في المجتمع، وإشراكهم في مسيرة التنمية، وتأكيداً لحقهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي مع باقي اقرانهم ، وحرصاً على الإرتقاء بوضع المرأة في وضعية إعاقة، وتطوير واقعها إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً، تأتي مبادرة جمعية الأمل للاشخاص المعاقين ببني انصار من أجل التعرف على واقع هذه المرأة ومدى الاهتمام بتطوير هذا الواقع والنظر إلى الدور الذي تؤديه الجمعيات النسائية بالمغرب في خدمة المرأة من خلال طرح تساؤل حول ما تقدمه هذه الجمعيات من برامج وفعاليات للارتقاء بوضع هذه الفئة من النساء، واكتشاف إمكاناتهن، ودمجهن في برامج التنمية.
وتعد هذه المبادرة جرس إنذار يدعو إلى المزيد من الاهتمام بالمرأة في وضعية اعاقة ، والتعامل معها على أساس ما تملكه من قدرة على العطاء وتأهيلها التأهيل المناسب، مما يتيح لها الفرصة لتحقيق ذاتها، والاعتماد على نفسها في توفير احتياجاتها المادية التي تؤمن مستقبلها وتكفيها مذلة العوز والسؤال، ومن ثم وضع الخطط الكفيلة بتطوير واقعها، من قبل المؤسسات العمومية والوزارة المعنية وجمعيات المجتمع المدني ، فهي أحق بالرعاية والاهتمام، وأولى بمد يد العون لها، وتعزيز ثقتها بإمكاناتها، وقدرتها على المشاركة في خدمة مجتمعها، وشد أزرها لتتجاوز محنتها المزدوجة المتمثلة في إعاقتها ومعاناتها من التمييز والتهميش.
ان هذا الموضوع هو نتائج استطلاع الرأي الذي وجه إلى عينة من الجمعيات النسائية بالمغرب ، والتي تهتم بشؤون الأسرة عامة وقضايا المرأة خاصة، كما تتضمن خلاصة لتجارب بعض الجمعيات النسائية في مجال خدمة المرأة المعاقة ورعايتها من جميع الجوانب.
حاجات المرأة المعاقة
من خلال قراءة سريعة لأهداف جمعيات مهتمة ، يتبين لنا أنها تتفق بشكل عام على خدمة قضايا المرأة والتصدي للدفاع عن مصالحها، والسعي لرقيها وتقدمها، وهي أهداف عامة، موجهة لخدمة المرأة بكل فئاتها وتنوع اهتماماتها، ومواقعها (المدينة أو الريف– المتعلمة والأمية)، كما يتضح أنها تحاول تقديم برامج تتعاطى مع مشكلات المعاقين بشكل عام ومن دون التخصص.
أيضا لاحظنا أنه على الرغم من أن أهداف الجمعيات النسائية تصب في خدمة المرأة بشكل عام، من دون الإشارة إلى المرأة المعاقة بصفتها امرأة ينطبق عليها ما ينطبق على النساء بعامة وقضاياها وطموحاتها وتطلعاتها لا تختلف البتة عن تطلعات النساء وطموحاتهن، فإن الحاجة ماسة إلى الإبحار في قراءة حاجات المرأة المعاقة لخلق علاقة متينة بينها كامرأة لها متطلبات يجب أن تعطى المزيد من الاهتمام.
وأن هذا يجعلنا نصر على التساؤل حول وضع النساء اللواتي لم ينلن حظًا من الاهتمام من الجهات التي تُعنى بالمرأة وبحقوقها ، كما ورد في أدبيات العديد من الجمعيات النسائية وأنظمتها، وهل منحت تلك المنظمات النساء المعاقات فعلا فرصة المشاركة الإيجابية في المجتمع، أم إنها تتعامل معها على أساس كونها فئة مهمشة تضيف عبئًا على المجتمع؟
وهذا ما حدا بنا إلى إثارة التساؤل الآتي: هل الجمعيات حقاً تشمل المرأة المعاقة ببرامجها وفعالياتها؟ ومن خلال قراءة نتائج استطلاعات الرأي التي قامت بها بعض الجمعيات تبين أن الإجابات عن هذا السؤال متفاوتة وتختلف من جمعية إلى أخرى وفقا لاهتماماتها ، فعلى سبيل المثال ترى بعض الجمعيات أنها تقدم خدمات للمرأة المعاقة، في حين نرى أن هذه الخدمات عامة لا تعني المرأة المعاقة بشكل محدد، وذلك لعدم اختصاص تلك الجمعيات بفئة دون أخرى مع اختلاف المتطلبات والحاجات ..
وعلى ضوء ذلك نعتقد أنه وبما أن الجمعيات النسائية تتطلع إلى تقديم المزيد للمرأة المعاقة، فإنه من الأجدر أن تبدأ الجمعيات النسائية بإعادة النظر في الدور والمسؤولية المنوطة بها تجاه المرأة من منطلق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين المكفول بموجب الدستور؛ مما يجعل المجتمع والدولة مسؤولين مسؤولية مباشرة وأساسية عن إعادة التوازن المفقود بين المعاقين وغير المعاقين في المجتمع ، وبالتالي يجعل من الإعاقة قضية مجتمعية، ويملي الانتقال بالعمل من أجل المعاقين من مجال الرعاية والعمل الخيري إلى الحق للمعاق والواجب على المجتمع والدولة ومن التهميش إلى الاندماج الكامل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وصناعة القرار.
كما قد يكون من المفيد تحيين البحث الوطني للاعاقة ،واعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية دامجة للاشخاص في وضعية اعاقة ،واحداث صندوق لدعم الاشخاص في وضعية اعاقة ،والتفكير في تشكيل مجلس أعلى يعني بذوي الاحتياجات الخاصة يكون أعضاؤه من وزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم، و مؤسسات المجتمع المدني المختصة.
إننا إذا استطعنا تشخيص الواقع و بلورة رؤية مشتركة تمثل استشرافنا للمستقبل أصبح من السهل تحديد متطلبات المرحلة القادمة وخطة التحرك التي تمثل صمام أمان.
إن رعاية المرأة المعاقة وإدماجها في المجتمع قضية ملحة يجب أن تدرج ضمن الخطط والاستراتجيات الاجتماعية والاقتصادية؛ وذلك انطلاقا من أهداف المؤتمر العربي الإقليمي الذي عقد ببيروت في مايو2003 بشأن المعايير المتعلقة بالتنمية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقات.
قضية مجتمعية
إن التعاطي مع الموضوع يتطلب المزيد من الاهتمام؛ إذ أن قضية المرأة المعاقة قضية مجتمعية لا تقل أهمية عن قضايا التنمية الاقتصادية من حيث المردود، فإدماج فئة المعاقين في التنمية ينعكس إيجابًا على الوضع الاقتصادي والعكس صحيح، إذ أن المعادلة تكون في موقع الإيجاب طرديًا، فكلما استطاعت الدولة تهيئة المناخ المناسب للمعاقين كلما استطاعت أن تقلل نسبة الفاقد في ميزان مدفوعاتها.
وعليه لا بد من أن نبدأ حيثما انتهى الآخرون والاستفادة من تجارب الدول الصديقة، وإيجاد خطط مستقبلية تعزز القدرة على مواجهة المشكلات وتفعيل التوصيات، كما أنه من المهم أن تسارع الجمعيات النسائية إلى تعزيز الروابط والصلات بينها و بين الجمعيات المعنية للمعاقين، وأن تضمن تخصيص و إدماج المرأة المعاقة في برامجها كفئة تستحق الرعاية والاهتمام من مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بالاستفادة من الخدمات والبرامج الموجهة ضمن استراتيجيات عملها المستقبلية. ومن الأهمية بمكان أن نؤكد ضرورة تفعيل بنود الاتفاقية الاممية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة التي وقع عليها المغرب وبرتوكولها الاختياري والتي تشكل مكسبا حقوقيا من شانه الحد من الاعاقة واثارها وتحقيق المشاركة الاجتماعية الفعلية للاشخاص في وضعية اعاقة بصفة عامة وللمراة في وضعية إعاقة بصفة خاصة .