تأسيس جمعية «نادي الوعي» لم يكن بناء على قرار حزبي
محمد كرم
أجرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها الصادر في 25 – 26 مارس 2017 حوارا مطولا مع الصديق العزيز والمناضل محمد سمهاري حول ظروف تأسيس منظمة 23 مارس بوصفه أحد مؤسسيها، وقد ورد على لسانه أن من الأحداث المؤثرة في نشأة المنظمة المذكورة بروز شبيبة فاعلة انشقت عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التحرر والاشتراكية انخرطت في العمل الجمعوي، فقامت بإنشاء جمعيات مدنية في بداية الستينيات ذكر منها جمعية «نادي الوعي» بالدار البيضاء التي كونت لها فروعا في فاس، مراكش والرباط . ودائما حسب ذكره فإن جمعية نادي الوعي كانت تشتغل سنة 1966 من داخل الحزب إلى جانب مجموعة «الشبيبة الثورية» وجمعية «الرابطة الفكرية» بمراكش للتنسيق في ما بينها انطلاقا من برنامج إذاعي اسمه «ركن التعارف» كان يشرف عليه الإذاعي المتألق إدريس العلام، وأشار المتحدث أنه كان ينشط ضمن جمعية «نادي الوعي» التي تأسست حسب قوله بدار الشباب بالحي المحمدي في الستينيات ثم انتقلت إلى دار الشباب بسيدي معروف ثم إلى مقر خاص بحي الإيرميطاج .
إن القارئ سيفهم من المعلومات الواردة في الحوار أن جمعية « نادي الوعي « كانت مشكلة أساسا من المنتمين لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قبل نشوب أزمة 1967 بين مجموعتي الدار البيضاء والرباط ، ومن الغاضبين من حزب التحرر والاشتراكية على إثر موقف هذا الأخير من حرب يونيو 1967، ومن المتعاطفين مع «شي كيفارا» الذين شكلوا مجموعة أطلقوا عليها « السنة الثورية».
وأنه خلال سنة 1967 ستشكل مجموعة مراكش الدار البيضاء وفاس أول حلقة ماركسية لتنظيم العمل داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وذلك في إطار التمهيد للانفصال عن الحزب المذكور.
لقد رأيت من واجبي كواحد ممن شهدوا خلق النواة الأولى لجمعية «نادي الوعي» وشاركوا في تأطيرها وتسييرها إلى غاية سنة 1967 أن أصحح بعض الأخطاء والمعطيات غير الصحيحة الواردة في الحوار ليتأتى للباحثين والمؤرخين الاستفادة منها :
إن البداية كانت سنة 1958 حيث توافق مجموعة من طلبة ثانوية الإيرميطاج «الأزهر سابقا» يتقاسمون جميعهم هواية الاستماع إلى البرنامج الإذاعي الناجح « الكلمات المتقاطعة « الذي كان يعده المرحوم إدريس العلام والذي كان ويذاع مساء الخميس على الساعة السابعة، على تأسيس حلقة من هواة هذا البرنامج تتبادل بينها الحلول، وكان صاحب الفكرة هو الصديق عبد الرزاق العرايشي الذي ليس سوى عبد الرزاق الدواي الذي امتهن في السبعينيات تدريس الفلسفة بكلية الآداب بالرباط، لم تكن هذه الحلقة سوى إطارا شكليا لهواة الكلمات المتقاطعة تحت اسم « نادي الوعي للتعارف « وليس إطارا قانونيا أي أنها بدون إيداع ولا أجهزة مسيرة ، وقد استمر الوضع على هذا الحال إلى غاية سنة 1960 حيث تداعى الهواة في مدن الدار البيضاء الرباط ومراكش بتنسيق وإشراف معد البرنامج إلى لقاء تعارفي بدار الشباب بالحي المحمدي حيث أوصى المرحوم إدريس العلام بتوسيع شبكة الهواة عن طريق خلق ركن للتعارف في نهاية كل حلقة من برنامج الكلمات المتقاطعة .
عندما قرر بعض طلبة ثانوية الايرميطاج أن تتحول حلقة هواة الكلمات المتقاطعة إلى جمعية ثقافية تحت اسم « نادي الوعي « لم يكن ذلك بدافع سياسي، أو بأجندة حزبية، بسبب بسيط هو أن جل المنتمين للجمعية إن لم يكن معظمهم لم يكن لهم أي ولاء حزبي أو اقتناع إيديولوجي، وبالتالي فإن تأسيس جمعية نادي الوعي لم يكن بناء على قرار حزبي .
ليس صحيحا بالمرة أن جمعية « نادي الوعي « كانت هي النواة الصلبة لتأسيس منظمة» 23 مارس «أو أن الغاضبين من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والمنشقين عن حزب التحرر والاشتراكية هم الذين كانوا وراء تأسيسها .
صحيح أن بعض المنتمين للجمعية ومن ضمنهم الصديق محمد سمهاري والمرحوم الحسين كوار والصديق المناضل مصطفى مسداد ساهموا بزخم في بلورة وتشكيل ما سمي منظمة «23 مارس»، لكن صحيح أيضا أن عددا لا يستهان به من المنتمين للجمعية انخرطوا ابتداء من سنة 1966 في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو في تنظيماته الموازية، فيما فضل البعض عدم الانتماء لأي فصيل حزبي .
وابتداء من سنة 1966 توقف نشاط الجمعية عمليا بعد أن انشغل معظم أعضائها بالعمل إما في الوظيفة العمومية أو المحاماة أو التجارة، وارتبطوا بالتزامات حزبية أو نقابية لم تعد تترك لهم الوقت الكافي للاهتمام بها، بعد أن تفرقت بهم السبل.
الصورة المنشورة مع الحوار أخذت عقب محاضرة حول تحديات الاقتصاد في المغرب أطرها المرحوم الأستاذ عزيز بلال بقاعة عبد الصمد الكنفاوي بالدار البيضاء .
الكاتب : محمد كرم - بتاريخ : 15/04/2017