عن اللاجئين والأونرواوالمخيم
علي هويدي
بدأت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالتشكل مباشرة بعد نكبة عام 1948 ولجوء ما يقارب من 935 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، غالبيتهم اتخذ الدول المحيطة بفلسطين مكاناً لسكنه المؤقت على أمل العودة القريبة إلى بيته خلال أسبوع أو أسبوعين كما وُعِد..
وفقاً للقرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1949 تم تأسيس وكالة «الأونروا» كإلتزام دولي تجاه معاناة اللاجئين، وكمنظمة أممية معنية حصراً باللاجئين الفلسطينيين. وفي سنة 1950 بدأت الوكالة بتقديم خدماتها لـ 760 ألف لاجئ فلسطيني مسجل في سجلاتها وسجلات الدول المضيفة سكنواالمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا والأردن ولبنان.
عرّفت «الأونروا» المخيم بأنه «عبارة عن قطعة من الأرض تم وضعها تحت تصرف الوكالة من قبل الحكومة المضيفة بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت للإعتناء بحاجاتهم». تعتبر قطع الأراضي التي أُنشأت المخيمات فوقها هي أراض حكومية أو أنها، في معظم الحالات، أراض استأجرتها الحكومة المضيفة من أصحابها الأصليين، حسب ما جاء في الموقع الرسمي لوكالة «الأونروا» على الإنترنت.
حتى العام 1974 وصل عدد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات «الأونروا» الخمسة إلى 61 مخيماً، ومع تدمير مخيم النبطية في لبنان من قبل العدو الصهيوني في نفس السنة، وتدمير مخيميْ الدكوانة وجسر الباشا (تل الزعتر) أيضا في لبنان خلال الحرب الأهلية في العام 1976، أصبح عدد المخيمات 58 مخيماً (12 في لبنان، 9 في سوريا، 19 في الضفة، 8 في غزة و 10 في الأردن).
بقيت مساحة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على حالها منذ نشأتها قبل حوالي 70 سنة على الرغم من تضاعف أعداد اللاجئين الفلسطينيين فيها لأكثر من 6 مرات، مع العلم أنه وبموجب القانون الدولي فإن «للاجئين الحق في أن يتمتعوا بمستوى ملائم من المعيشة بما في ذلك السكن دون الإخلال بأي من الحقوق الأخرى التي يتمتعون بها بوصفهم لاجئين». تقدم «الأونروا» للاجئين في المخيمات خدمات التعليم والإستشفاء والإغاثة والقروض الصغيرة والحماية الإنسانية وخدمات البنى التحتية.
في ظل الحالة التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني في المخيم، وفي ظل ما تقدمه وكالة «الأونروا» من خدمات غير كافية لا سيما العيش الإستثنائي السيِّء في مخيمات لبنان مقارنة بباقي المخيمات في المناطق الأخرى (غيابللحقوق الإقتصادية والإجتماعية من الدولة المضيفة مع تراجع ملحوظ لخدمات الأونروا). تبرز مجموعة من الأسئلة ربما أبرزها؛ هل يجب أن يكون المخيم مكاناً لمعاناة اللاجئ وأن على اللاجئ أن يعيش فيه مُعدماً ؟ ولماذا لا يتم تحسين المخيمات لتصبح قادرة على إستيعاب اللاجئين ليعيشوا بكرامة ويصبحوا قادرين على التفكير في الهمّ الوطني وبالعودة بدل التفكير الدائم في علاج أو تعليم أو كِسوة أو إيواء العائلة، مما يدفع الكثيرون منهم إلى الهجرة غير الشرعية وما يواكبها من مخاطر؟
المشكلةليست في بقاء المخيم الرمز كما يتوهم البعض والإدعاء بأنه مكاناً لاحتضان العنف والتوتر ومكان لإرتفاع نسبة المشاكل الإجتماعية والأمنية، المشكلة بمن يضيّق على المخيم، ويريد للاجئين فيه أن يهاجروا منه وإبعادهم إلى أقاصي الدنيا بعيداً عن بلادهم التي هُجروا منها قسراً في العام 1948، مع العلم بأن اللاجئ الفلسطيني أينما حلّ لا يريد سوى العودة إلى بلاده سواء الذي اكتسب منهم جنسية الدول الأخرى ويعيش حالة «رخاء وإستقرار» أو من بقي منهم لاجئاً معدماً في المخيم.
المخيم له معنى ودلالة سياسية أكثر منها إنسانية، وتفريغ المخيم وبعثرة اللاجئين وإنهاء المخيم برمزيته ينهي أحد المرتكزات السياسية لقضية اللاجئين، وواحدة من أبعاد إستهداف «الأونروا» هو إستهداف المخيم، وكذلك طرح البدائل كالمفوضية أيضاً واحدة من أبعادها إستهداف المخيم.
لذلك الحفاظ على المخيم في المعنى السياسي والإنساني والأمني ضرورة فلسطينية وعربية وإسلامية وأممية، وهذا يتطلب الحفاظ على وكالة «الأونروا» وحمايتها والدفاع عنها وزيادة خدماتها للاجئين إلى حين العودة. غير هذا فالمزيد من الفوضى في المنطقة لا سيما بعد قرار ترامب بتجميد مبالغ مالية للأونروا مما سبب المزيد من تراجع الخدمات وفرض برنامج تقشف في الوكالة.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 24/1/2018
الكاتب : علي هويدي - بتاريخ : 29/01/2018