بالصدى: الصيادلة و«التمبر»
وحيد مبارك
وجد صيادلة المغرب أنفسهم في حيرة من أمرهم، بعد المصادقة على قانون المالية لسنة 2018 ، واطلاعهم على بعض مضامينه، خاصة المواد 2-179 والمادتين 252 و254، التي تدعو إلى استخلاص واجبات «التمبر» عن عملية اقتناء الأدوية من طرف المواطنين، والمتمثلة في 0.25 سنتيم، الأمر الذي اعتبره عدد منهم قرارا فرديا لم يتم خلاله استشارة وإشراك هيئات الصيادلة المعنية، فضلا عن كونها خطوة ستزيد من تعميق جراح المواطنين البسطاء الذين ستتعاظم معاناتهم وآلامهم، التي لن تقف عند حدود الأمراض التي أصيبوا بها، بل هي تطال كيفية تدبرهم للمال لاقتناء الأدوية، لأنه سيكون من الصعب أن تتم دعوة المواطن البسيط الذي يؤدي نقدا ثمن الدواء، لعدم توفره على البطاقة البنكية أو دفتر الشيكات، لكي يدفع هذه المستحقات، لأن في غياب الوسيلتين «البطاقة والشيك» تأكيد على فقره وعوزه، مما سيجعل الصيدلاني يدفع تلك الواجبات من هامش الربح، الذي يعتبر موضوع احتجاج وغضب عارم في الوسط الصيدلاني، منذ مدة ليست بالهينة، بعد تراجعه بسبب القرار الذي تم اتخاذه بتخفيض أسعار الأدوية، على أن تواكبه جملة من التدابير رفعا لأي ضرر مادي قد يطال الصيادلة ومن خلالهم العاملين معهم، هذه الالتزامات التي أعلن عنها وزير الصحة المعفى والتي غاب كل أثر لها على المستوى العملي، وظلت مجرد وعود تعذّر تحققها لعوامل ماتزال مجهولة بالنسبة للجسم الصيدلاني؟
الجسم الصيدلاني، الذي يئن عدد ليس بالهيّن من مهنييه، الذين منهم من انتحر، ومنهم من هو مهدد بالسجن، ومن أفلس، وغيرها من الأعطاب التي أصابته، نتيجة لعدد من السياسات التي يرى الصيادلة بأنها أفقرتهم، عبّر عن رفضه للخطوة التي تضمنها قانون المالية، وبادر من خلال هيئاته إلى توجيه تظلمه واحتجاجه إلى مختلف المتدخلين والمسؤولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، مشددا على أن وضعية الصيادلة هي تختلف عن باقي المهن الحرة الأخرى، أو أصحاب المحلات التجارية أو المراكز التجارية الكبرى، مؤكدا أنه لظروف إنسانية بحتة، لن يمكن للصيادلة تحصيل هذه الضريبة من المواطنين، وهم الذين يعاني أغلبهم من ظروف مرضية، جسدية ونفسيا، لاتسمح بزيادة الضغط عليهم وتحميلهم مصاريف إضافية زيادة على الثمن الأصلي للأدوية، وسيفرمل عملية ولوجهم إلى الدواء!
وضع يؤكد الصيادلة أنهم لن يرضخوا لواقعه، بالتالي فهم يمتنعون عن أداء الضريبة المذكورة، التي يستحيل عليهم تحصيلها بأية طريقة من الطرق، ويطالبون بإيجاد حلّ جذري لهذا الإشكال، بالنظر إلى خصوصية المجتمع المغربي، حيث تقتني شريحة واسعة من المغاربة الأدوية بـ «الكريدي» إلى حين توفر مقابله المادي، وهي وضعية تعكس حجم العوز والهشاشة، وتبرز بشكل جليّ منسوب الأزمة التي لم تمس الصيادلة الذين يحتجون ويستشيطون غضبا من السياسات الدوائية التي تم اعتمادها، وإنما تسلّط الضوء على يوميات المواطن المغلوب على أمره، الذي لايجد سبيلا للدواء، ويفضل أمام هذا الوضع عدم عيادة الطبيب، وتدبر أموره بوصفات شعبية وتقليدية، علّها تسعفه من آلام أمراض ألمّت به، وما الأرقام الرسمية عن حجم الإنفاق السنوي للفرد في مجال الدواء لخير دليل عما يعيشه المواطن المغربي، الذي هو مطالب في نهاية المطاف، ليس على مستوى الدواء فقط، وإنما حين العلاج والاستشفاء، بتسديد ضرائب إضافية، والفوارق المادية التي لاتؤمنها التعريفة المرجعية، وواجبات «التمبر» في مايقتنيه نقدا بمختلف المرافق التجارية، دون إغفال أن العديد من الأدوية التي يقتنيها هي خاضعة لضريبة 7 في المئة التي تكون على حساب أمور معيشية أخرى؟
الكاتب : وحيد مبارك - بتاريخ : 08/02/2018