بالإضافة إلى كون الغناء رسالة بكل ماتحمل الكلمة من معنى نبيل ،يبقى أيضا متنفسا وضرورة للإنسان ،ويمكن استخدامه في أغراض متعددة حتى في لحظة الألم القصوى .فإذا كان الغناء كما تثبت ذلك الدراسات يخفف ألم الولادة باعتباره الأقسى الذي تمر به الأم،فإنه أيضا يحرر النفس البشرية من جرحها العميق ،وهو ما التجأت إليه الفنانة المغربية نجوى فاروق لامتصاص صدمة الألم والحزن التي ألمت بها وهي تفقد صديقا وأخا عزيزا أحبه الجميع وتألم لغيابه ورحيله الجميع، سواء ممن صاحبوه في مشواره الحياتي أو ممن سمعوا عن خصاله الطيبة .إنه الفقيد العزيز هشام النحال الذي غدر بنا ورحل دون استئدان أو مقدمات ذات صباح من شهر فبراير 2018.
فعلها الموت المفاجيء في غفلة منا جميعا، واختطف هذا الكائن الجميل الخدوم المحب للحياة والمتيم بالوفاء لأصدقائه وعشيرته، وهو في مقبل العمر ،إنه القدر والمكتوب كما تقول الفنانةالمغربية نجوى فاروق في أغتيتها «حقير الموت» التي ترثي فيه هشام النحال الصديق والأخ والإنسان. تقول الأغنية.
«حقير الموت مايرحم
أخذ مني كل حبابي
عذابي يزيد
كلما نتفكر اللي راح من أصحابي
قلبي يحترق
كلما نشوف الناس تجي وتروح
خسارة ياناس
مانقدر نغير المكتوب»
الصوت والإحساس والكلمات واللحن كلها عناصر اجتمعت للتعبير عما يختزن القلب من آلام موجعة ،لكنها في نفس الآن تشكل بلسما لهذه الجراح التي «جات على غفلة «كما تردد القديرة نعيمة سميح .
عن دواعي وظروف ولادة هذه الأغنية تقول الفنانة الشابة نجوى فاروق في تصريح لجريدة الاتحاد الإشتراكي:»
هذه الأغنية الحزينة لمْ أفكر فيها بكيفية واعية ومقصودة، بل إنها انكتبت من تلقاء ذاتها، إذا صح التعبير، كتبت نفسها بصورة تلقائية وعفوية لما خلفه الموت المفاجيء لأحد المقربين إلى نفسي الذي كان أكثر من أخ لي، أَخ لم تلده أمي ، هو المرحوم هشام النحال.
وتضيف نجوى فاروق ،بدأت في دندنة هذه الأغنية القصيرة وأنا وحيدة متألمة للتعبير عن حزني الشديد وغير المسبوق إثر فاجعة الفقدان التي لم أكن أتوقعها.
هل تدري ما معنى أنْ تفقد إنسانا عزيزا بشكل مُفاجيء وبلا مقدمات ،سؤال استنكاري تطرحه نجوى فاروق. وتجيب قائلة، إن تراجيدية هذه الموت كانت تتجلى لي في فجائيتها وفجاعتها. لذلك جاءت هذه الأغنية مستجيبة لهول المأساة ووقعها في نفسي ومخيلتي. لم تكن تربطني بالراحل هشام النحال مجرد قرابة عائلية فحسب، لقدْ كان دائما إلى جانبي مساعدا ومعينا ومدعما ومنصتا ومتفهما الخ. ربما أحتاج إلى قاموس إنساني بكامله لكيْ أصف الطينة الاستثنائية التي كان ينتمي إليها المرحوم هشام النحال. لذلك لمْ تكن هذه الأغنية تضيف مجرد عربون وفاء ومحبة بقدر ما كانت تنفيسا وجدانيا وعاطفيا على شدة حزني الممزوج، لاغضب على عبثية الموت ولا عقلانيتها وعلى مأساويتها. أغنيّتي «حقير الموت» تشرح ،هي تكريس لتلك الفكرة المعروفة عن كون العنصر الغنائي والفني هو الذي يجعلنا نتخطى المأساة بالتعبير عنها، من أجل إعطاء معنى للحياة، لذكرى إنسان أحب الحياة حد الموت.