بعد أكثر من عشرين عاما على مقتل رهبان تبحيرين، رفع ثمانية خبراء تقريرا بناء على عينات من جماجمهم في ما يشكل مرحلة مرتقبة تعزز الشكوك ازاء الرواية الرسمية لكن دون ان تزيل الغموض المتعلق بملابسات عملية قتلهم.
وفي التقرير الواقع من 185 صفحة الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس، لا يعطي الخبراء الذين عينهم قضاة مكافحة الارهاب أي تأكيد نظرا لعدم توفر “عناصر جديدة حول ملابسات الوفاة المباشرة” للرهبان.
الا ان الخلاصات التي أعدت في 23 فبراير الماضي، تعزز الشكوك حول رواية الجزائر رسميا آنذاك بان الرهبان تعرضوا للخطف ثم للقتل بايدي الجماعة الاسلامية المسلحة. الا ان الشكوك برزت منذ ذلك الحين حول امكان تورط الاستخبارات العسكرية الجزائرية.
وكان رهبان تبحيرين خطفوا في مارس 1996 من ديرهم “سيدة الأطلس” الذي يبعد ثمانين كيلومترا جنوب العاصمة الجزائرية. وقد أعلن مقتلهم في بيان للجماعة الاسلامية المسلحة في 23 مايو. وعثر على رؤوس هؤلاء الرهبان في 30 مايو 1996.
ولم يصدر التبني الاول الذي وقعه زعيم الجماعة الاسلامية المسلحة جمال زيتوني سوى في 26 ابريل من ذلك العام. وأكد بيان صدر بعدها بشهر في 23 مايو ان الرهبان قضوا نحرا قبلها بيومين. ولم يتم العثور سوى على رؤوسهم عند احدى الطرقات في 30 مايو.
وتم أخذ عينات من الجماجم في خريف 2014 بعد نبشها في تبحيرين. ولم يتمكن القضاة والخبراء الفرنسيون الحاضرون آنذاك من اعادة الجماجم من الجزائر.
وبعد نزاع طويل مع الجزائر، تمكن القضاء الفرنسي أخيرا في العام 2016 من احضار عينات من جماجم الرهبان الى فرنسا.
ويثير التحقيق شكوكا حيال ملابسات الوفاة كما اشير اليها في بيان التبني وخصوصا في ما يتعلق بتاريخ الجريمة ما يدعم فرضيات اثيرت في حزيران/يونيو في تقرير استند الى استنتاجات محققين فرنسيين في المكان.
ويقول الخبراء في التقرير ان “فرضية حصول الوفاة بين 25 و27 نيسان/ابريل” قبل فترة طويلة على اعلان الوفاة الرسمي “لا تزال معقولة”، بالنظر الى مدى تحلل الرؤوس عند العثور عليها والتحاليل حول وجود شرانق حشرات.
ويشدد الخبراء على ان آثار الذبح بادية على اثنين من الرهبان فقط وان الجميع بدا وكأنهم تعرضوا “لقطع الرأس بعد الوفاة”، ما يحمل على الاعتقاد بحصول تلاعب في الوقائع.
كما اشار الخبراء الى امكان “دفن أولي” قبل العثور على الرؤوس وذلك نظرا الى عدم تعرضها لاي تلف ناجم عن حيوانات.
وأوضح باتريك بودوان محامي أسر الرهبان ان غياب آثار للرصاص يزعزع مجددا “فرضية خطأ ممكن” للجيش الجزائري خلال قيامه بعملية من على متن مروحية “لكن دون نفيها بشكل تام لاننا لم نحصل على الجثث”.
وتابع بودوان ان “التقرير لا يعطي دليلا قاطعا لكن يمكن استنتاج خيوط متطابقة منها تشكك بالرواية الرسمية المبسطة وتحمل على الاعتقاد بحصول تلاعب من جانب الاجهزة العسكرية”.
وكانت شهادات عناصر سابقين في الجيش الجزائري اشارت الى تورط اجهزة استخبارات الجيش والدور الملتبس انذاك لجمال زيتوني الذي يحتمل ان يكون عميلا مزدوجا.
وتساءل بودوان “من المؤكد ان الجماعة الاسلامية المسلحة تورطت في الخطف لكن هل تم التلاعب بالجماعة؟”.
وتابع بودوان “لن نتوصل الى الحقيقة طالما لا يزال التعميم المطبق سائدا في الجزائر”.
وتراوحت أعمار الرهبان كريستيان وبرونو وكريستوف وسيليستان ولوك وبول وميشال بين 45 و82 عاما عند مقتلهم، وأعلنهم البابا فرنسيس شهداء في اواخر يناير تمهيدا لتطويبهم قديسين.
تشكيك في الرواية الرسمية بعد 22 عاما على مقتل رهبان تبحيرين
بتاريخ : 06/04/2018