سينتهي وجع الحداد ويبدأ وجع الحقيقة…
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
سينتهي وجع الحداد الرسمي
ويبدأ وجع الحقيقة الشعبية..
في الجزائر لن يسأل الجزائريون والجزائريات،
وهم يتحسسون ما تبقى بين ضلوعهم من أحزان: لماذا ماتوا معنا..؟
وهم يشيرون إلى جثث من ماتوا من عناصر البوليساريو،
فهذا سؤال بعيد
بعد العبث،
بل سيسألون رؤساءهم وجنرالاتهم وساستهم، وهم يشيرون إلى مجندي البوليساريو الأحياء:
لماذا يعيشون بدلنا
ويعيشون عوضنا
ويعيشون مكاننا حتى أنهم، حين ماتوا
ماتوا معنا
ودفنوا في قبورنا نحن!..
وعندما يعجز القادة عن الجواب، بنبرة الغشاوة الأيديولوجية نفسها، سيعريهم الموت، تماما كما كانت الحياة ذريعتهم في تغطية الحقيقة بغربال «البروباغاندا…»
والدعاية العسكرية
ووحدة الصلف.. نعم الصلف العسكري !!
على الأشقاء، ولاسيما النخبة وصناع الرأي العام
وورثة المليون شهيد أن يسألوا:
لماذا عاشوا مكاننا،
لماذا صرفت نخبة البلاد ثروة النفط
وثروة الغاز
والتصنيع
والثروة الزراعية
ومداخيل الضرائب، من أجل قضية ليست قضيتنا؟
لهم أن يسألوا:لماذا تركتمونا على قارعة الواقع،
لكي تزجوا بنا في سراب الوهم الانفصالي؟
ليس السؤال مرة أخرى، لماذا وجدنا جثثهم بين جثثنا، بل السؤال هو: لماذا لم نعثر على مستقبلنا في خرائطكم، وأنتم تصنعون الدويلات في سراب الأيديولوجيا وعقد التميز الفارغ؟
لم نكن، نحن المغاربة، في حاجة إلى الموت لنعرف هذه الحقيقة الساطعة..تراكب العسكر والأوهام في سراب الصحراء،
لكن إخواننا في الجزائر، ربما كانوا في حاجة إلى الألم، لكي تتضح لهم الحقيقة أكثر…؟
أَلَمٌ ليفتحوا قلوبهم على قبور فلذات أكبادهم، بالقرب من قبر واحد مجهول، بلا جثة، قبر الوهم الذي لم يدفنه ساستهم بعد!..
ألمٌ إضافي إلى عقود من الحرب الأهلية
ومن ضحايا الصراع السياسي الصعب داخل أروقة الدولة..
وألمٌ إضافي مبعثه هذا الخوف الذي يسري في البلاد كما الكهرباء كلما تحدث أحد ما عن مشكل مفتعل يتصدر نشرات الأخبار ومراسيم التوشيحات الرئاسية!..
أوعن أخوة معلقة معنا، بلا حدود..
نحن الذين نحبكم بالرغم من أخطاء النظام فينا وفيكم، لنا أن نسأل:هل هي محض صدفة، التي جعلت أول من يتحدث عن وفاة عناصر البوليساريو، قبل بلاغ الرئاسة وبلاغ الجيش، قبل الحداد المستعجل على عشرات المسؤولين العسكريين الجزائريين، كان هو الأمين العام لأول حزب في الجزائر، جبهة التحرير الوطني، والتي اعتادت كثيرا، أن تهب لسانها للجيش ليفعل به ما يشاء في إخفاء الحقيقة؟
لقد اعتادت الآلة العسكرية على تمارين بارعة في الكذب على الشعب الجزائري، ويتضح أن قرارا ما أراد حرمانها من الكذب، بهذا الخروج الذي تم دقائق فقط بعد أن ذاع خبر السقوط..
ما إن قرأنا قصاصة مقتضبة عاجلة عن سقوطها، حتى ورد تصريح السيد جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي قال «إن من بين ضحايا الطائرة، 26 عضوا من جبهة البوليساريو»…
معطيات أخرى تمنح التصريح من هذا المسؤول مغازي لا تخفى على المتابع والمتتبع:
منها أن ولد عباس كشف بهذا التصريح لمحطة النهار التلفزيونية الجزائرية الخاصة أن الطائرة كانت متجهة إلى تيندوف في جنوب البلاد حيث توجد مخيمات للاجئين..
ليست هي المرة الأولى التي يخرج فيها أمين عام للأفلان، كما يسميها الخاوة في الجزائر..عن سقف المرحلة، فقد سبق أن صرح عمار سعداني لوكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة رافضا الحديث عن قضية الصحراء، حيث قال الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الجزائري إنه «لو تحدث عن القضية الصحراوية فسيخرج الناس إلى الشارع..، كما تحدث عن التصريحات المتطابقة للعديد من المسؤولين المغاربة حول «الجزائر العدو»، داعيا إلى «مراجعة الحسابات بخصوص العلاقة مع المغرب»..
نحن سنسأل سؤالا مُرا آخر: لماذا أيتها القيادة النظامية في الجزائر حرمتنا من دفن إخوان لنا، رحلت بهم إلى مفازات وهمٍ جعل جثثهم معلقة في بلاغات عسكرية لا تقنع أحدا؟
وألمُ عائلاتهم موزع بين أجنحة النظام، لا بين قلوبنا؟..
نعدهم بالحياة
وتعدونهم بالوهم، يموتون قرب سماء ليست لهم..
وبعيدا عن واحات تخضرُّ لهم؟..
لماذا حرمتمونا من وجع الحداد على إخوان، حولتموهم إلى أعداء؟
لماذا أعطيتموهم أسماء غير أسمائهم
وأدخلتموهم في خانة الانفصام أكثر..
ليموتوا غرباء عن .. عاطفتنا؟
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/04/2018