تناولتها ندوة علمية بالدارالبيضاء .. «مخاطرالأمراض المهنية بقطاع التعليم»

 

أكد المشاركون في الندوة العلمية التي نظمتها النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، بتنسيق مع كل من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدارالبيضاء – سطات وجمعية التضامن الجامعي المغربي وبتعاون مع التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ، حول موضوع الأمراض المهنية بقطاع التعليم، أن مخاطر هذه الأخيرة متعددة وهي أمراض مزمنة وفي تزايد مستمر ولها انعكاسات سلبية على صحة الشخص المتضرر وعلى نفسيته، كما أن لها تكلفة اقتصادية واجتماعية وتربوية… وذلك في ظل القصور التشريعي والقانوني الذي يؤطرها ويضمن حقوق المتضررين منها، وفي غياب أية دراسة ميدانية حول الأمراض المهنية بالمغرب، تعد مهنة التعليم من أكثر المهن تعرضا للأمراض المهنية، نتيجة الضغط الكبير الذي أصبح يعيشه المدرس عمليا وتكنولوجيا مع تزايد العنف المدرسي. وبسبب الجهد والحركات اللامنتهية التي يقوم بها المدرس أثناء مزاولة عمله. ومن أعراضها التوتر العصبي، والإصابات المتكررة للأحبال الصوتية وإصابة الأوردة والشرايين والصدر والرئة و…بسبب الظروف الصعبة المحيطة بالعمل، وضعف البنية التحتية، مما تكون لهاته الأمراض المهنية تأثيرات كبيرة على الأداء المهني بقطاع التعليم. فالأمراض المهنية بالقطاع، حسب المساهمين في تأطير الندوة، غير محددة وتحال على حوادث الشغل، حيث صعوبة إثبات المرض المهني وهزالة التعويض عنه (عجز 100% يساوي تعويضا قدره 800.00 درهم، عجز 25% يساوي تعويضا قدره 190.00 درهما). واستغرب المؤطرون لعدم وجود الأمراض المهنية في الرخص الطويلة والمتوسطة المدى، مع تسجيلهم لصعوبة المساطر التي يتبعها المتضرر لإثبات المرض قصد الإعفاء من التدريس، وهي مؤشرات تبين بالملموس الضبابية والنقص الحاصل في القوانين المنظمة للأمراض المهنية ، سواء في قانون الوظيفة العمومية أو في النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية والتكوين.
ويندرج اللقاء العلمي و التواصلي الذي انعقد يوم السبت 21 أبريل 2018 بقاعة الندوات ابن الياسمين التابعة لأكاديمية التعليم بجهة الدارالبيضاء- سطات تحت شعار«من أجل حماية قانونية لنساء ورجال التعليم من مخاطر الأمراض المهنية»، في إطار الأنشطة التواصلية والتكوينية والإشعاعية التي دأبت على تنظيمها النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) لفائدة نساء ورجال التعليم. حيث عرف هذا اللقاء حضور مسؤولي وممثلي أكاديمية التعليم ورئيس وأعضاء جمعية التضامن الجامعي المغربي، بالإضافة إلى مسؤولي ومناضلي النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) ومجموعة من الأطر التربوية والإدارية وعدد من رجال ونساء التعليم. وتميز بتقديم عروض متنوعة وقيمة تناوبت على عرضها أطر طبية وأساتذة جامعيون وباحثون في المجال القانوني ومختصون في طب الشغل وفي المجال الصحي، ولامست هذه العروض المقاربات العلمية والقانونية والتربوية للأمراض المهنية.
وكانت أشغال الندوة انطلقت بتقديم مداخلات لممثلي الجهات المنظمة لها، حيث تطرقت الكلمات للأهداف والغايات من تنظيمها، والتي ركزت بالأساس على ضرورة تسليط الضوء على مخاطر الأمراض المهنية وانعكاساتها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية «وهي أضرار لها تكلفة اقتصادية وتربوية واجتماعية تمس، بالإضافة إلى الشخص المتضرر وأسرته، تمس أيضا المؤسسة والدولة، في ظل القصور والفراغ القانوني في الوظيفة العمومية الذي يعرف نقصا كبيرا في تأطير الأمراض المهنية سواء في الجانب المعرفي أو في الجوانب المتعلقة بتحديد أنواعها وكيفية ضمان حقوق المتضررين منها خاصة في قطاع التعليم» حسب ما جاء في المداخلات. وهو ما دفع بالشركاء والجهات المنظمة إلى عقد هذه الندوة واستدعاء أطر مهتمة ومختصة بالمجال الصحي والتربوي والقانوني لتأطيرها، بحكم العامل المشترك الذي يجمع هؤلاء الشركاء المتمثل في وضعية العاملات والعاملين بقطاع التربية والتكوين حيث تعتبر مهنة التدريس من أكثر المهن تعرضا للأضرار والمخاطر المهنية، «نتيجة الضغوطات المتزايدة والظروف الصعبة التي يشتغل فيها نساء ورجال التعليم، والاحتكاك المباشر مع المتعلمين والعلاقة التفاعلية الدائمة لهذه الفئة سواء مع المحيط الداخلي أو الخارجي للمؤسسة التعليمية، والتي غالبا ما تكون لها تأثيرات وانعكاسات سلبية على صحة ونفسية المعنيين التي قد تمتد أعراضها إلى ما هو سلوكي وذهني، حيث الغضب والتوتر والاكتئاب والاضطرابات في النوم، الناتجة عن سلوكات طائشة وتصرفات اللاحترام والعنف اللفظي والجسدي التي يتعرض لها العاملون بقطاع التعليم»، حسب ما جاء في كلمات بعض المشاركين في الندوة.
وقد خلصت أشغال الندوة بعد النقاشات وتدخلات الحاضرين، إلى تسجيل مجموعة من الملاحظات والتوصيات، ومن أهمها: ضرورة إصدار نصوص قانونية لتعزيز شروط الصحة والسلامة في قطاع التعليم إسوة بباقي قطاعات الوظيفة العمومية لتوضيح الحقوق والواجبات وسد الفراغ القانوني في مجال الأمراض المهنية. إحداث لجان الصحة والسلامة بالمديريات الإقليمية مكونة من ممثلي الإدارة والموظفين وطبيب الشغل لإحصاء الأمراض المهنية والبحث في حوادث الشغل وإنجاز تقرير سنوي حولها وتسليمه للسلطات المختصة والمعنية. تفعيل طب الشغل لفائدة رجال نساء التعليم على غرار مدونة الشغل. إقامة شراكات ما بين أكاديمية التعليم والنقابات التعليمية وكلية الطب- تخصص طب الشغل- لمواكبة وتأطير كل الجوانب المتعلقة بالأمراض المهنية وحوادث الشغل. ضرورة إعداد دراسة حول موضوع الأمراض المهنية خاصة بنساء التعليم على اعتبار أنهن معرضات أكثر من غيرهن لهاته الأمراض. إعادة النظر في قانون الوظيفة العمومية وفي النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية والتكوين خاصة في الجوانب المتعلقة بحوادث الشغل وبالأمراض المهنية. إعادة النظر في التعويضات عن الأخطار المهنية بما يضمن كرامة وحقوق الموظف المتضرر منها. تسهيل المساطر الإدارية المتعلقة بإعداد الملف الخاص بطلب الإعفاء من التدريس بسبب الأمراض المزمنة.
وللإشارة، فإن اللقاء التواصلي حول الأمراض المهنية بقطاع التعليم، هو امتداد للندوة التي سبق للنقابة الوطنية للتعليم، العضو في الفدرالية الديمقراطية للشغل، أن نظمتها بشراكة مع التضامن الجامعي المغربي وكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء في 5 أبريل من السنة الماضية.


الكاتب : بوشعيب الحرفوي

  

بتاريخ : 25/04/2018