نهاية أسطورة الاستفتاء المفضي إلى الاستقلال
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
اشترط قرار مجلس الأمن حول الصحراء، كنهاية للتفاوض السياسي، الوصول إلى «حل سياسي مقبول من لدن كافة الأطراف» وقد تبدو العبارة، للوهلة الأولى كما لو أنها مجرد تكرار لغوي لرغبة دولية في السلام، في هذه المنطقة الحساسة
والحال أن التركيز على قبول الأطراف المتقابلة على طرفي النقيض من الملف، بالحل يعني أنه لن يكون، كما في تصميم دول مناهضة الحق المغربي، كما في بداية الصراع، تطبيقا لخطط التي تفضي إلى إعادة النظر في الحق الشرعي المغربي.
ونعتقد بأن الطريق الذي سارت عليه سبل الحل تقطع بالفعل مع أسطورة استفتاء الاستقلال، كشكل وحيد لتقرير المصير والدليل على ذلك هو:
* اشتراط مواصلة التفاوض بضمان تنفيذ القرارات ذات الصلة الصادرة عن الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، والتي اعتمدت منذ سنة 2007.
وفي هذا الباب، لا بد أن نلاحظ:
أولا: لقد تغيرت أجندة تأريخ المفاصل الزمنية للصراع، بحيث إن التركيز على سنة 2007، كمنطلق لهذه القرارات الأممية، يلغي في الواقع الأصل الزمني للصراع. وبمعنى أوضح، فالتوقيت لا يعود إلى بداية الصراع منذ 1976، أو إلى سنة 1981، عندما كان الحديث على أشده حول الاستفتاء بعد قبول المغرب رسميا به في عهد الملك الراحل، بقدر ما أن يبتر هذا التاريخ من قرابة ثلاثين سنة (1976/2007).
وهو أمر ليس اعتباطيا، في التقدير الأممي، باعتبار أن القرار يجعل من «ضمان» وليس الإقرار أو العمل إلخ، بل ضمان تنفيذ القرارات التي تزامنت مع هذا التاريخ.
ثانيا: ما هي الأحداث ذات الصلة المرتبطة بهذه الفترة التي نحن بصدد الحديث عنها؟
صدور القرار 1720، يوم 31 أكتوبر 2006 عن مجلس الأمن الذي يدعو إلى الأطراف ودول المنطقة إلى مواصلة التعاون بشكل كامل مع الأمم المتحدة لوضع حد للباب المسدود والتوجه نحو حل سياسي.
ـ 11 أبريل، تقدم الممثل الدائم للمغرب برسالة تحمل مقترح المغرب حول المبادرة المغربية للتفاوض حول الحكم الذاتي في منطقة الصحراء.
ـ 20 أبريل 2007، أعلن بيتر فان فالسوم المبعوث الخاص للأمين العام، عن «كون تقرير المصير لا يعني بالضرورة الاستقلال».
ـ 30 أبريل 2007، المجلس الأممي يحيي «الجهودات الجادة وذات المصداقية المبذولة من طرف المغرب من أجل التقدم في إيجاد حل» على خلفية توصله بمقترح الحكم الذاتي (ونذكر بالمناسبة أنها السنة التي ألغى فيها بيتر فان فالسوم زيارته إلى المنطقة في منتصف ماي، بسبب الابتزاز الذي قامت به البولساريو إذ عرضت الاجتماع مع الراحل عبد العزيز اللقاء في تيفاريتي).
ـ محادثات مانهاست تواصلت مع تأكيد تقرير الأمين العام بانكيمون إلى حل سياسي على قاعدة الواقعية وروح التسوية.
ـ قرار آخر صادر عن مجلس الأمن، القرار 1813 يشيد بالمبادرة المغربية، ويعيد طرح الواقعية وروح التسوية وكانت المرة الأولى التي عبر فيها السفير الأمريكي وقتها اليخاندرو وولف، عن موافقته على خلاصة فالسوم من أن دولة صحراوية مستقلة، ليست حلا واقعيا، وأن الحكم الذاتي، هو الحل الوحيد الواقعي الممكن.
ـ مجلس الأمن يصدر قراره 1871 الداعم للقرار السابق (أبريل 2009).
ـ مجلس الأمن (أبريل 2013) يتخذ القرار 2099 والذي يؤكد تفوق المبادرة المغربية مع تحديد شروط الحل السياسي النهائي على قاعدة «الواقعية وروح التسوية».
هكذا، فإننا نجد –بالفعل- أن القرار الأخير، يعمل بروح الاتفاقيات والقرارات السابقة، ويدعو مجددا إلى أهمية تجديد التزام الأطراف المعنية، بالمضي قدما في العملية السياسية، استعدادا للجولة الخامسة من المفاوضات في إطار من «الواقعية وروح التسوية».
* خلال هذه الفترة، تواصل سحب الاعتراف بدولة تندوف الوهمية، ومنذ تقديم المبادرة المغربية، عديد من الدول سحبت أو جمدت الاعتراف (الرأس الأخضر، السيشل، الباراغواي، المالاوي، غينيا بساو، الدومينيك غرانادا سانت لوسي، البوروندي، زامبيا، غينيا الجديدة).
ومن المنطقي أن نتساءل، هل يمكن أن تعود المجموعة الدولية إلى حل تراجع الاعتراف بأصحابه، على مدار الكرة الأرضية؟
لا سيما وأن الاستفتاء المفضي إلى الصحراء، تلقى ضربتين لا يمكن أن تظلا بدون أثر على قضيتنا الوطنية.
في العراق، رفضت الأمم المتحدة نفسها استفتاء استقلال إقليم كردستان، بالرغم من النتائج الساحقة لأنصاره ومن المفيد أن نشير إلى أن التبرير الأممي ربط بين الرفض وبين «زعزعة الاستقرار في المنطقة»، الذي ورد بالحرف في قرار مجلس الأمن.
ـ في اسبانيا، تراجعت المنظومة الدولية كلها عن المبدأ بخصوص كاطالونيا، واسبانيا ساندتها المنظومة الأوروبية بالرغم من تاريخ الدويلات في القارة.
* الإشادة بهيئتين سياديتين، كان قرار إنشائهما من صميم السيادة الحقوقية للمغرب، ويشمل عملهما الداخلة والعيون وذلك بالتنصيص على أنه «يشيد بالتدابير والمبادرات التي اتخذها المغرب، وبالدور الذي تضطلع به اللجنتان الجهويتان للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالداخلة والعيون، وكذا بتفاعل المغرب مع المساطر الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة».
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 01/05/2018