هل تنجح روسيا وايران في انقاذ الاتفاق النووي الايراني؟

كثف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتصالات الدبلوماسية حيث تحدث مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بعد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في محاولة لانقاذ الاتفاق النووي الايراني بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
وفي اتصال هاتفي بحث بوتين مع المستشارة الالمانية “وضع خطة العمل المشتركة (أي الاتفاق مع إيران) بعد الانسحاب الاميركي من جانب واحد”، وذلك قبل أسبوع من زيارة ميركل الى روسيا.
وتابع البيان ان المسؤولين “شددا على أهمية الابقاء على خطة العمل المشتركة لدواعي الامن الدولي والاقليمي”، ومن المتوقع ان تصل ميركل الى سوتشي في جنوب روسيا في 81مايو حيث تلتقي بوتين.
و اعلن الكرملين ان بوتين ونظيره التركي رجب طيب اردوغان “اكدا عزمهما” على مواصلة التعاون لانقاذ الاتفاق النووي، مع الدول الموقعة على الاتفاق.
وبحسب مصادر الرئاسة التركية، فان بوتين واردوغان اتفقا في اتصال هاتفي على ان “القرار الاميركي المتعلق بالاتفاق النووي كان خطأ وشددا على ان الاتفاق يشكل نجاحا دبلوماسيا يجب الحفاظ عليه”.
وفرضت روسيا نفسها في السنوات الماضية طرفا رئيسيا في الشرق الاوسط، وهو دور عززه تدخلها العسكري في سوريا الذي أطلقته في 2015 دعما لنظام الرئيس السوري بشار الاسد. وتقيم ايضا علاقات جيدة مع دول ذات مصالح متفاوتة وفي بعض الاحيان متخاصمة، مثل إيران وتركيا مرورا باسرائيل.
واصبحت محور التحرك الدبلوماسي منذ قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
اصبح الحفاظ على الاتفاق النووي الايراني هدفا مشتركا لموسكو والاوروبيين، في حدث نادر نظرا للتوتر الذي شاب العلاقات بين الطرفين في الاونة الاخيرة وخصوصا بسبب ملفات سوريا وأوكرانيا وعملية تسميم الجاسوس الروسي السابق في انكلترا سيرغي سكريبال.
وستكون موسكو المحطة الثانية في جولة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بعد بكين الاحد وقبل بروكسل الثلاثاء حيث سيلتقي نظراءه الفرنسي والالماني والبريطاني ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني…
ظريف في الصين لانقاذ الاتفاق
بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد في الصين الاحد جولة دبلوماسية تقوده الى موسكو وبروكسل في محاولة لانقاذ الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة والحفاظ على مصالح بلاده الاقتصادية.
ووصل ظريف منتصف النهار الى بكين حيث سيجتمع بنظيره الصيني وانغ يي. والصين بين القوى التي وقعت اتفاقية تاريخية مع إيران عام 2015 لرفع العقوبات ضدها في مقابل التزام طهران بعدم امتلاك أسلحة نووية.
وبعد قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب انسحاب بلاد وإعادة العمل بالعقوبات، قال ظريف لدى وصوله الى بكين وفقا لوكالة “ايسنا” الايرانية “يجب ان نناقش القرار الذي يتعين على ايران اتخاذه فيما يتعلق بضمانات تقدمها الدول الاخرى في مجموعة 5 + 1”.
واضاف “لقد بدأت هذه الجولة في الصين وروسيا اللتين كانتا دائما مع الشعب الايراني قبل وبعد العقوبات”.
وباعتبارها الشريك الاقتصادي الأول للجمهورية الإسلامية، منحت بكين خطوط ائتمان وتمويلات ضخمة للبنية التحتية في هذا البلد.
وسيزور ظريف موسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبي حيث سيلتقي وزراء خارجية المانيا وفرنسا وبريطانيا ووزير خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني.
واضافت “ايسنا” نقلا عن ظريف قوله في بكين “سنرى مع الدول الأوروبية التي أصرت بإلحاح على بقاء إيران في الاتفاق ماذا ستفعل لتاكيد ضمان مصالح إيران”.
وقال ايضا بحسب المصدر، “نحن مستعدون لجميع الخيارات. اذا كان الاتفاق سيستمر، يجب العمل على ضمان مصالحنا”.
وقبل مغادرته طهران، اصدر الوزير بيانا عبر تويتر ينتقد “الادارة المتطرفة” للرئيس ترامب، ونبه الى ان إيران مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم “على المستوى الصناعي من دون اي قيود” الا اذا قدمت القوى الاوروبية ضمانات متينة لاستمرار العلاقات التجارية.
وسارع ترامب الى الرد مساء السبت عبر تويتر وكتب ان “موازنة إيران العسكرية ارتفعت بنسبة 40% منذ التوصل إلى الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه من قبل (الرئيس باراك) أوباما (…) مؤشر اخر على أن كل شيء كان كذبة كبيرة”.ويقول محللون ان إيران تبدو مصممة على عدم فقدان ماء الوجه في الاسابيع المقبلة.
وقال كريم اميل بيطار مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية “للمرة الاولى، لدى إيران فرصة لكي تظهر للعالم أنها ليست امة من السوقة، وانها تفاوض بنوايا حسنة وتحترم التزاماتها”.
وفي طهران، عبر دبلوماسيون اوروبيون عن الغضب بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مشيرين الى احتمال ان يقوض ذلك سنوات من العمل الدؤوب لاستعادة العلاقات التجارية والدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية.
وقالت دبلوماسية غربية رفضت الكشف عن هويتها “منذ التوقيع (على الاتفاق النووي عام 2015) ، انتقلنا من أجواء الاندفاع نحو تحقيق الثروة الى أزمة تثير الاكتئاب”.
واضافت ان “الاتحاد الاوروبي يظهر تجاملا امام الولايات المتحدة. لذا، فإن كل التقدم الذي تحقق منذ عام 2015 سيضيع”.
وفي ايران، يحشد المحافظون المتطرفون ضد جهود الحكومة لإنقاذ الصفقة النووية.
و نشرت صورة على موقع المرشد الاعلى آية الله علي خامنئي في انستغرام تظهره يقلب الترجمة الفارسية لكتاب “النار والغضب” لمؤلفه مايكل وولف الذي ينتقد ترامب.لكن حكومة الرئيس حسن روحاني تواجه سلفا تحديات سياسية واقتصادية في الداخل ويعتبر كثيرون انها تعزو ذلك الى العوامل الخارجية بدل الاقرار بسوء إدارتها.
وفي هذا السياق، اشارت الدبلوماسية الغربية الى القيود الاخيرة التي فرضتها طهران على التحويلات المالية الى الاتحاد الأوروبي في محاولة لاحتواء التراجع الكبير في سعر صرف الريال، الامر الذي تسبب بمشاكل كبيرة للجهات المستوردة.
وعلقت “المفارقة المزعجة هي عدم تحميل الحكومة الإيرانية مسؤولية القرارات السيئة التي اتخذتها أخيرا على صعيد الاعمال وتوجيه الانتقاد فقط الى العقوبات” الغربية.
بالاضافة الى ذلك، تواجه جولة ظريف تعقيدات التصعيد العسكري الاخير بين بلاده واسرائيل في سوريا.
واسفرت الضربات الاسرائيلية غير المسبوقة في سوريا وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت عن سقوط 27 قتيلا على الأقل.
ومع ذلك ، تبدو إيران مصممة على عدم الانجرار الى نزاع مفتوح مع إسرائيل، خشية نفور شركائها الاوروبيين من ذلك.
وخلال لقاء في طهران اكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الايراني عباس عراقجي “تمسكهما بانقاذ” الاتفاق النووي بحسب ما اعلنت موسكو.
والاتفاق الذي أبرم عام 2015 في فيينا في ختام سنوات من المفاوضات الشاقة بين إيران والقوى الكبرى الست (المانيا والصين وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا)، تعهدت ايران بموجبه بالحد من أنشطة برنامجها النووي حتى العام 2025 مقابل رفع العقوبات عنها.
وبدأت العلاقة بين روسيا وايران بالتحسن مع انتهاء الحرب الباردة. وفي الوقت الذي كان المجتمع الدولي ينظر الى ايران على انها دولة منبوذة أقامت روسيا علاقة معها منذ منتصف التسعينات وعملت على استئناف تنفيذ عقد بناء مفاعل بوشهر النووي في جنوب ايران بعد ان تخلت عنه المانيا.
وعبر الرئيس الروسي عن “قلقه الشديد” ازاء الانسحاب الاميركي من الاتفاق.
أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق متجاهلا تحذيرات الأوروبيين وأعاد فرض العقوبات على الجمهورية الاسلامية والتي تم رفعها في مقابل التزام ايران عدم حيازة السلاح النووي.
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأحد إن طهران ستظل ملتزمة بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 إذا ضمنت حماية مصالحها مضيفا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق “انتهاك للمعايير الأخلاقية”.
وقال روحاني خلال اجتماع مع رئيس سريلانكا مايثريبالا سيريسينا الذي يزور طهران “الانسحاب الأمريكي… انتهاك للمعايير الأخلاقية والسياسية والسبل الدبلوماسية السلمية والمقررات العالمية”.
وتابع في تصريحات بثها التلفزيون الإيراني “إذا التزمت الدول الخمس المتبقية بالاتفاق فإن إيران ستبقى فيه رغم أنف أمريكا”.
وكان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي أغضب حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين وأثار حالة من عدم اليقين بشأن إمدادات النفط العالمية ومخاوف من اندلاع صراع في الشرق الأوسط.
وقالت إيران إنها ستظل ملتزمة بالاتفاق، الذي وقعت عليه أيضا بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، إذا ضمنت القوى التي ما زالت تدعم الاتفاق حماية طهران من العقوبات على قطاعات رئيسية مثل قطاع النفط.
وفيما تعتبر محاولة اخيرة لإنقاذ الاتفاق بعد انسحاب واشنطن، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولة للقوى العالمية


بتاريخ : 15/05/2018