البوليس ومول التريبورتور:الحكامة بالأخلاق 2/1

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

لحظة درامية للغاية، تنتقل فيها العواطف من الغضب الساطع
إلى الترحيب الأعلى والامتنان العميق…
من الاشمئزاز الذي يخنق الروح، والفيديو ينقل صورة مغربي شاب يتوسل رجل أمن ويقبل رجليه، مع ما يرافق ذلك من إذلال متعمد وسيل من السباب إلى استقبال على أعلى أسلاك الدولة الكبرى وتقديم الاعتذار..
في الوهلة الأولى همسنا من شدة الغيظ: من أذل أنفسا بغير حق كأنما أذل المغاربة جميعا.
وفي الوهلة الثانية رفعنا الصوت عاليا:
من رفع نفسا..
بحق
كمن رفع المغاربة كلهم..
ليس عاديا، في ملة واعتقاد الكثيرين، أن يدخل المواطن المغربي إلى المركز العام للأمن الوطني ليتلقى الاعتذار عن سلوك، استفز القائمين عليه قبل أن يستفز الحقوقيين والمواطنين البسطاء.
وليس عاديا أن يدخل المواطن إلى السجن، بعيدا عن الأمن قريبا من المدرسة!
فقد أصدر المدير العام للأمن الوطني،» قرارا يقضي بالتوقيف عن العمل في حق ضابط أمن ممتاز يعمل بولاية أمن الدار البيضاء، مع إحالته على أنظار المجلس التأديبي للبت في مخالفته لمدونة قواعد سلوك موظفي الأمن الوطني، وإخلاله بواجب التحفظ، فضلا عن تعريضه لأحد الأشخاص لاعتداء لفظي وجسدي«.
وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أنه بالموازاة مع ذلك فتحت ولاية أمن الدار البيضاء بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، في شأن الاعتداء اللفظي والجسدي الذي ارتكبه موظف الشرطة المخالف، والذي تم توثيقه في شريط فيديو منشور على شبكة الأنترنت.
وفي مقابل ذلك، فقد حرصت ولاية أمن الدار البيضاء، يضيف البلاغ، على التحقق من مدى تطبيق القانون في حق مالك الدراجة النارية ثلاثية العجلات، وذلك في الشق المتعلق بمخالفته لأحكام قانون السير والجولان.
يذكر أن المديرية العامة للأمن الوطني كانت قد تفاعلت بسرعة وجدية مع الشريط الذي يوثق لهذه الأحداث، وبادرت بفتح بحث دقيق ورتبت الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة، وذلك في سياق حرصها الشديد على تخليق المؤسسة الأمنية وتقويم سلوك موظفيها على النحو الذي يخدم أمن المواطنين».
وشيء من هذا القبيل عندما حدث يكون عنصر تغير جوهري وليس عرضيا.
لم يسبق أن ارتبط الأمن، في بلادنا، بالاعتذار وبالرفع من قيمة المواطن الذي أصيب في شبر من كرامته وشبر من جسده، وهو ما يعني أن التغيير العميق الذي تعرفه هذه المؤسسة لا يقف عند «الحكامة الأمنية، الموضوعية والقابلة للقياس والوزن، بل يتعداها إلى مجال جبر الضرر المعنوي، ولا يمكن أن نفصل هذا عن الريح العامة التي بدأت في البلاد مع المصالحة الكبرى مع مكونات المجتمع وامتدادها مع المصالحات الامتدادية لمؤسسة الأمن..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 29/05/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *